آراء وتحليلات
الديمقراطية الامريكية نحو الهاوية.. ومؤشرات وقوع العنف الداخلي الى ازدياد
د. علي دربج باحث ومحاضر جامعي
على بعد أيام قليلة من انتخابات التجديد النصفي التشريعية في الولايات المتحدة، يشعر الغالبية العظمى من المواطنين الأمريكيين (المستقلون منهم والحزبيون) بالقلق العميق، من ازدياد مخاطر حدوث أعمال عنف واضطرابات داخلية جراء حالة الانقسام السياسي القائمة في اميركا، بحسب استطلاع للرأي أجرته في الايام القليلة الماضية صحيفة "الواشنطن بوست" وشبكة ABC News الإخبارية.
المثير في الامر، ان هذه الهواجس التي تراود الاميركيين، أكدها رئيسهم جو بايدن، الذي حذر في رسالة رئاسية غير مسبوقة الثلاثاء الفائت، من انتشار الفوضى، مناشدا إياهم ضرورة قبول المبادئ الأساسية لديمقراطيتهم التي تتجه نحو الهاوية.
اللافت، أن كلام بايدن، عُدّ الخطاب الأكثر خطورة حول التهديدات التي يواجهها ما يسمى النظام الديمقراطي الأمريكي منذ 1 أيلول/ سبتمبر الماضي ، عندما ألقى خطابًا خارج قاعة الاستقلال في فيلادلفيا، ونبّه فيه، من أن "الكثير مما يحدث في بلدنا اليوم ليس طبيعيًا".
ما زاد الطين بُلة عند الاميركين، ان هذه التحذيرات، وجدت ترجمة لها على أرض الواقع، بعد تعرض "بول بيلوسي"، زوج رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي، للهجوم في منزلهما من قبل شخص متطرف هاجمه بمطرقة، وجرى نقله على اثرها إلى المستشفى. المهاجم كان نشر على الإنترنت تحتوي على كتابات شديدة العنصرية ومعادية للسامية - بالإضافة إلى منشورات مؤيدة لترامب ومعادية للديمقراطية".
ماذا عن نتائج هذا الاستطلاع؟
يظهر الاستطلاع، ان ما يقرب 9 على 10 من الأميركيين (أي 88 بالمائة من مواطني الولايات المتحدة) قلقون من أن الانقسامات السياسية قد اشتدت لدرجة أن هناك خطرًا متزايدًا لحدوث أعمال عنف ذات دوافع سياسية في بلدهم، كما كشف الاستطلاع ان أكثر من 6 على 10 منهم عبّروا عن قلقهم بدرجة كبيرة جدا".
بالمقابل، من بين الحزبين، يلقي المزيد من الأميركيين، باللوم على الحزب الجمهوري أكثر، في مسألة خطر العنف المتوقع، ومع ذلك الفرق ليس واسعا، فهناك 31 في المائة من الاميركيين، مقابل 25 في المائة، يلومون الحزب الديمقراطي أكثر. كما يحمّل 32 المائة، من المواطنين الاخرين المسؤولية، لكلا الطرفين على قدم المساواة. أما المثير للسخرية، ان معظم الديمقراطيين والجمهوريين، يتقاذفون الاتهامات فيما بينهم حول أجواء الشحن والاضطراب في امريكا.
ما هو موقف الديمقراطيين والجمهوريين من هذه المخاطر؟
وجد الاستطلاع نفسه " أن (95 بالمائة) من الديمقراطيين، و(87 بالمائة) من الجمهوريين، و86( بالمائة)، من المستقلين، قلقون إلى حد ما، من أن هناك خطرا متزايدا من العنف بدوافع سياسية. كما ان ثلاثة أرباع الديمقراطيين قلقون للغاية، مقارنة بالأغلبية الأصغر من المستقلين(61 بالمائة) والجمهوريين (56 بالمائة).
ليس هذا فحسب، يقول ثلثا الديمقراطيين (66 في المائة) إن الحزب الجمهوري هو المسؤول عن مخاطر العنف السياسي، بينما يلقي (56 بالمائة) من الجمهوريين باللوم على الحزب الديمقراطي. فيما يرى عدد كبير من المستقلين، (39 بالمائة) إن كلا الحزبين مسؤولين عن المخاطر التي قد تحدث مستقبلا، أو يوم الانتخاب، بينما يلقي (24 المائة ) باللوم على الجمهوريين أكثر، في حين يحمّل (20 بالمائة) المسؤولية للديمقراطيين.
المفارقة، ان 92 في المائة من النساء، أعربنّ عن خوفهنّ من الفوضى، مقارنة بـ 83 بالمائة من الرجال. اي ان أكثر من ثلثي النساء قلقات للغاية. وإزاء هذه الأوضاع المتوترة، حذّر جهاز الـ FBI عبر مذكرة من مخاطر ستواجهها الولايات المتحدة في قادم الايام.
على ماذا احتوى تحذير الـ FBI؟
الاسبوع الماضي، أصدر مكتب التحقيقات الفدرالي، ووكالات حكومية اخرى، مذكرة حذروا فيها، من زيادة احتمالية العنف من قبل المتطرفين المحليين خلال 90 يومًا التي تلي الانتخابات.
وجاء في المذكرة أنه "في أعقاب انتخابات التجديد النصفي لعام 2022 ، من المرجح أن تؤدي الأخبار ـ الشائعات المتعلقة بالتزوير المتعلق بالانتخابات، وعدم الرضا عن النتائج الانتخابية، إلى زيادة التهديدات بالعنف ضد مجموعة واسعة من الأهداف - مثل المعارضين الأيديولوجيين والعاملين في الانتخابات".
أكثر من ذلك، تقاطعت هذه المذكرة، مع أقوال خبراء يتتبعون العنف السياسي في امريكا، حيث كشفوا ان التهديدات الموجهة للعاملين في الانتخابات المحلية وأعضاء مجالس إدارة المدارس وحتى أمناء المكتبات، قد تصاعدت منذ شهور.
في الختام، لا يستبعد الكثير من السياسيين والقيادات الامريكي، اقدام ترامب على إشعال شرارة الفوضى واطلاق العنان لانصاره خصوصا المتطرفين البيض في مرحلة ما بعد الانتخابات النصفية ، وهو ما اشار اليه مايكل جنسن، الباحث البارز في اتحاد "ستارت" لأبحاث الإرهاب التابع لجامعة ميريلاند، الذي قال "إذا وضع شخص ما أنظاره على هؤلاء الأفراد ثم قرر التعبئة، فلن يوقفهم شيء تقريبًا".
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
21/11/2024
خطاب الأمين: قوةٌ وتمكين ونصرٌ وتطمين
19/11/2024