آراء وتحليلات
كاريش و"التحرير الثالث"
إيهاب شوقي
عندما أعلنت المقاومة عيدا للتحرير الثاني بالانتصار على وكلاء الاستعمار، كان الإعلان معبرا عن مطاردة الاستعمار وخططه البديلة، فكان التحرير الأول طردا للعدوان والاستعمار المباشر، والتحرير الثاني طردا لوكلائه من التكفيريين.
وربما بقي القوس مفتوحا لمزيد من الترقيم، بحيث يسمح بتحرير ثالث ورابع، وفقا لتنوع خطط الاستعمار البديلة ومجالات حربه المتنوعة في إطار المعركة الوجودية الممتدة مع الشعوب ومحور المقاومة.
وهذا ما يجعلنا نقول باطمئنان إن "كاريش" والتي قال الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله عنها "..وما أدراك ما كاريش"، هي خطوة افتتاحية لما يمكن أن نطلق عليه "التحرير الثالث".
عندما يلتف الاستعمار على الحرب العسكرية ومعادلات الردع التي تم تثبيتها بمعادلات أخرى اقتصادية مدمرة، فإن التصدي للمعادلات الاقتصادية والتحرر من حصارها هو تحرير حقيقي.
والحرب الاقتصادية والعسكرية لا تنفصلان، فقد دشنت أمريكا حربها الاقتصادية على محور المقاومة، وفي القلب منه لبنان عبر هيمنتها الدولية وتحكمها بالشركات المتعدية الجنسيات والمؤسسات النقدية والأممية الكبرى، عبر فائض قوة تراكمي تاريخي سمح لها بالهيمنة عبر تشكيل التكتلات الخاضعة لمظلاتها الحمائية العسكرية.
وبالتالي فإن الخلاص من هذه المعادلات الاقتصادية المفروضة بالقوة، ينبغي أن يكون أيضا باستخدام القوة والتلويح بها، وتهديد فض التكتلات والتأثير المباشر على مصالح الاستعمار، وهو ما يفرغ معادلة الحصار من مضمونها العسكري، سواء برفعه سلما وطوعا، أو بمواجهات وصدام عسكري يقود للتحرر الوطني والخلاص من هذا الحصار الجائر.
وإذا كان التحرير الأول يهدف للاستقلال الوطني وتحرير الأرض واستعادة الحقوق، والتحرير الثاني كان تطويرا لمعادلة الاستقلال بحماية الأمن القومي ودرء الخطر من منبعه لو تطلب الأمر للتواجد خارج الحدود، أو كما أعلنت المقاومة "سنكون حيث يجب أن نكون"، فإن التحرير الثالث بمعادلة كاريش و"ما بعد بعد كاريش"، هو تطوير ثالث لمعادلة الاستقلال الوطني، بالتصدي لكافة أشكال العدوان بما فيها الحرب الاقتصادية.
إن المقاومة أعلنت أنها لا تمزح، ولن تسمح بالتلاعب وإضاعة الوقت، وأمهلت أمريكا قبل أن تكون أمهلت الكيان المؤقت، وهو ما يعني أن القضية بنفس حجم قضية تحرير الأرض وقضية قطع الطريق على التكفيريين من أن يشكلوا رأس حربة للاستعمار في قلب محور المقاومة، وهو ما يعني أهمية القضية ووعي المقاومة بأنها بمثابة هذا التحرير الثالث.
وقد أكد السيد نصر الله للواهمين بارتباطات إقليمية بملف "كاريش"، أن الملف مستقل عن غيره من الملفات، وبالتالي أقامت المقاومة الحجة كاملة على من يفاضلون بين خيار التسوية وإعادة الحقوق سلما وبين خيار المواجهة، دون السماح للالتباسات ولأخطاء التقديرات الحمقاء بالنفاذ، وبالتالي على الجميع تحمل نتائج اختياره بكامل قواه العقلية الاستراتيجية والعسكرية.
والكرة في ملعب العدو ورعاته، بينما المقاومة حاسمة لخياراتها، فليس لديها الا خيار واحد وهو الاستقلال والتحرير، إما بالاستجابة لمطالبها ورفع الحصار، وإما بالنضال والمقاومة والمواجهة لاستعادة الحقوق ورفعه بالقوة التي لا يعرف العدو ورعاته لغة غيرها.
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
23/11/2024
لماذا تعرقل واشنطن و"تل أبيب" تسليح العراق؟
21/11/2024