آراء وتحليلات
حسم المقاومة: تأسيس لتحولات تاريخية
إيهاب شوقي
كثيرة هي الخطابات السياسية، وقليل منها يمكن وصفه بالخطابات الحاسمة، أما النادر منها فهو الخطابات التاريخية، ولا شك أن الخطاب الأخير للأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله كان خطابًا تاريخيًا مفصليًا.
وما يجعلنا نقول ذلك، هو أن الخطاب بمثابة إسدال للستار على حقبة تاريخية، وتدشين حقبة جديدة، فهو إسدال لستار حقبة الهيمنة وامتلاك العدو للمبادرة وامتلاك مفاصل الحصار، وتدشين لمرحلة انتزاع المبادرة والوصول بمعادلات الردع لمستويات عليا ووضع قواعد اشتباك نوعية لا تتعلق فقط بالعمليات العسكرية وإنما بالحرب الاقتصادية والسياسية.
هذا الخطاب يدشن لمرحلة جديدة ويمكننا بقراءة مدققة أن نستخلص منه ما يلي:
1- خطاب الحسم
هو حسم لملف الحصار الصهيو - أمريكي الجائر للمقاومة بخيار صريح للمواجهة مهما كانت كلفتها وتداعياتها، وهي رسالة لكل من لا تزال لديه شكوك أو أوهام بأن المقاومة تقوم بمناورات أو حروب نفسية، حيث حسم السيد الأمر بأن الأمور في غاية الجدية وساقها في سياق الوعد الصادق للمقاومة.
2- قنبلة نووية موقوتة
فالتلويح بمنع استخراج الغاز أو بيعه بالمنطقة كلها في حال منع لبنان من استخراج وبيع ثرواته، هو بمثابة قنبلة نووية لأنه سيترتب عليه تأثيرات عالمية فارقة وربما حرب شاملة أبدت المقاومة جهوزيتها لخوضها، والأهم أن هذه القنبلة جعلها السيد نصر الله قنبلة موقوتة، حيث لا مجال لضياع الوقت، ولوح أن الفرصة قائمة في غضون شهرين حتى حلول ايلول، وهو ما يعني أن هامش الوقت ضيق ولا بد من حسم للخيارات في هذه المدة.
3- المقاومة شريك في تدشين النظام العالمي
فالتهديد بأي عمل يخص منظومة الطاقة العالمية، هو تهديد للنظام العالمي والذي تلعب الطاقة فيه دورا محوريا، وخاصة في مرحلة تشهد تدشينا لنظام عالمي جديد وتأتي الطاقة به كمعركة من أبرز معاركه، وبالتالي هو تدشين لدخول المقاومة كقطب وازن في النظام الجديد، حيث تمتلك أوراقا للقوة تستطيع بها التأثير على توازناته.
وقد شهد الخطاب تأكيدا للثوابت والحقائق، حيث أكد السيد ما قاله بأننا "لن نجوع ولكن سنقتلكم"، كما أكد ما هو مؤكد من عدم الربط بين الثوابت والحقوق وبين المفاوضات الإقليمية أو الملف النووي، وبالتالي استقلالية قرار المقاومة، وإثبات أن إيران قوة إقليمية محترمة لا تفرض شيئا على حلفائها.
أقامت المقاومة الحجة كاملة على الداخل والخارج، وأبرزت عدالة قضيتها ووضعت الكرة في الملعب الآخر، فإذا أراد الحرب، فالمقاومة جاهزة لحرب سعت إليها ولم تسعَ المقاومة لإشعالها بل هي معركة فرضت عليها بسبب تخيير بلد كامل بين السلة والذلة، وكان على المقاومة أن تصرخ وتقول "هيهات منا الذلة".
إن خطاب المقاومة قد غطى تماما على زيارة رئيس الإمبراطورية العجوز الأمريكية للمنطقة، وما أريد له أن يكون رادعا للمقاومة ومحورها، فحول الأمر إلى عكس ما أراده الصهاينة ورعاتهم، وأثبت أن الأحداث والمعادلات باتت من صناعة المقاومة ولم تعد من صناعة الأمريكي والصهيوني.
واللافت هنا هو رد الفعل الجماهيري المذهل من جمهور المقاومة، والذي احتفى بالخطاب وسعد بخيار المواجهة على عكس السائد انسانيا من القلق والخوف الذي يسود عند بروز احتمالات الحروب، وهو ما يعكس ايمانا وكرامة وعزة لدى جمهور وصفه السيد بأنه أشرف الناس.
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
23/11/2024
لماذا تعرقل واشنطن و"تل أبيب" تسليح العراق؟
21/11/2024