معركة أولي البأس

آراء وتحليلات

"بورصة" بأسعار الاتصالات.. والمواطن الضحية
02/07/2022

"بورصة" بأسعار الاتصالات.. والمواطن الضحية

د.محمود جباعي

في الاول من تموز/ يوليو 2022 دخلت تعرفة الاتصالات الجديدة التي فرضتها وزارة الاتصالات في لبنان حيز التنفيذ، ولتصبح فاتورة الاتصالات على سعر دولار "منصة صيرفة" البالغ حالياً 25300 ليرة. يأتي ذلك في ظل ازمة اقتصادية ومعيشية خانقة يعيشها المواطن اللبناني بعدما تآكل راتبه بالليرة اللبنانية، وبعدما خسرت أكثر من 90 بالمئة من قدرتها الشرائية، علماً ان الزيادة على الأجور لم تتجاوز فعلياً 25 % منذ بداية الأزمة، وعليه ان رفع التعرفة بهذا الشكل من دون تحسين الاجور ستؤدي حتماً الى حصول المزيد من الانهيار في القدرة الشرائية للمداخيل وستزيد الاعباء على كاهل المواطن اللبناني الذي بات يجد صعوبة حقيقية في تأمين حاجاته اليومية من محروقات وغذاء وطبابة.

بالعودة الى آلية التسعير الجديدة يمكن شرحها بالشكل الاتي:

إن آخر سعر صرف متداول على منصة صيرفة كان بمعدّل 25.300 ليرة لبنانية، فتكون تسعيرة الدولار الواحد عند شراء بطاقة التشريج: سعر البطاقة مقسومة على 3.3 ومن ثم تضرب بـ 25.300 ليرة، وهذه التسعيرة الأخيرة غير ثابتة حيث تتغير مع تغير سعر الدولار على منصة صيرفة الذي يمكن ان يرتفع أكثر مستقبلاً في ظل عدم وجود استقرار نقدي حقيقي في البلاد.

أما بالنسبة للخطوط الثابتة لشركتي "تاتش" و "ألفا" سيتم احتساب الفواتير بقسمة قيمتها بالدولار على 3.3 ثم سيتم ضرب تلك القيمة بسعر منصة "صيرفة" المحدد في اليوم الذي يسبق دفع الفاتورة
وكمثال، إذا كانت قيمة الفاتورة 100 دولار أميركي، فسيتم قسمتها على 3.3، أي أن القيمة ستصبح 30 دولاراً تقريباً. وعندما يتقدم المواطن لدفعها، فإنه سيتم ضرب الـ30 دولاراً بسعر منصة صيرفة، على أن تُدفع الفاتورة بالليرة اللبنانية وبذلك، فإنّ قيمة الفاتورة التي كانت 100 دولار، لن تدفع على أساس 150 ألف ليرة، بل ستتجاوز الـ700 ألف ليرة.

سرقة موصوفة

في شهر آذار/ مارس الماضي قامت وزارة الاتصالات بالاتفاق مع شركتي "ألفا" و "تاتش" بتحويل رصيد المشتركين من دولار الى ليرة على سعر صرف 1500 ليرة للدولار ومن ثم قامت في 1 تموز بالقيام بسرقة موصوفة بعد تحويل الارصدة من ليرة الى دولار على سعر صيرفة بعد أن تم تحويلها سابقاً من دولار الى ليرة على سعر الصرف الرسمي.

حيث أصبح رصيد 100 دولار يساوي 6 دولارات اي خسارة 94٪ من قيمته علماً أن مجموع المبالغ المحولة هو 400 مليون أصبحت الان 24 مليون اي سرقة 376 مليون دولار من المشتركين، يأتي هذا في ظل الشبهات الخطيرة في أداء القطاع منذ ما قبل الازمة حيث أن كل أموال الهدر في شركتي الخلوي واوجيرو والتنفيعات والرعايات والتوظيفات وعقود الهدر والتلزيمات المشبوهة والمباني المستأجرة بشكل وهمي لم يسترد دولار واحد منها،
‏ولم يعاقب اي موظف اومستفيد من هدر المال العام في هذا القطاع على رغم من توثيق ديوان المحاسبة كل الهدر الحاصل في صرف ما يقارب الـ5.5  مليار دولار في القطاع من دون رقابة واحالة التقرير الى القضاء المختص مما يؤكد ان مشكلة القطاع هي اكبر واصعب من آلية التسعير بل هي تتعدى ذلك لتصل الى طريقة إدارة القطاع وغياب الرقابة والحل قطعاً لا يمكن أن يكون على حساب المواطن فقط الذي سيتحمل أخطاء ومشاكل قطاع كان قبل الازمة تعتبر فاتورته الاغلى في العالم بالنسبة للخدمات الرديئة التي يقدمها.

الواضح أن السلطة السياسية الحالية لا تبالي ولا تشعر بعمق الازمة التي يعاني منها جزء كبير من الشعب اللبناني، وهي لا زالت مستمرة باعتماد نفس النهج القاضي بتحميل المواطن وحده أعباء الازمة من دون التفكير بأي حل منطقي وجذري يوازي بين حاجات القطاعات المختلفة والوضع المعيشي الرديء الذي أصاب شريحة كبيرة من الطبقة الوسطى التي أصبحت مهددة بالانقراض تدريجياً في لبنان.

يبقى السؤال الابرز الى متى سيستمر هذا الشعب بالتحمل والسكوت على ممارسات السلطة الجائرة التي تمعن بإذلاله بشتى الوسائل وتحمله وحده تبعات الازمة والحصار.

الدولاروزارة الاتصالات اللبنانية

إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات

التغطية الإخبارية
مقالات مرتبطة