آراء وتحليلات
التكامل الزراعي بين لبنان وسوريا: حبل النجاة
د. محمود جباعي
أزمة اقتصادية ومالية عالمية بدأت شرارتها مع انتشار فيروس كوفيد 19 وولّدت حالة عالمية من الانكماش والركود الاقتصادي التي أثرت بدورها على الناتج المحلي الاجمالي في معظم الدول، تعمّقت أكثر مع الأزمة الأوكرانية، لا سيّما مع ارتفاع أسعار النفط والغاز مما رفع معدلات التضخم المالي بشكل غير مسبوق.
وللأزمة تأثير مباشر على الأمن الغذائي العالمي، حيث دخلت العديد من دول المنطقة في دائرة الخطر الشديد لجهة عدم القدرة على توفير الأمن الغذائي في الفترة المقبلة ولجهة ارتفاع الأسعار بشكل جنوني بسبب الاعتماد على استيراد معظم الحاجات الاستهلاكية من الدول الصناعية التي باتت بدورها مركزاً خطيراً لمعدلات التضخم.
هذا التهديد الذي يطال دول المنطقة يشمل بالتأكيد لبنان. هذا البلد يعاني منذ 3 سنوات تقريباً من أكبر أزمة مالية واقتصادية في تاريخه، فمعدل التضخم السنوي وصل الى حدود 240 % والمعدل العام منذ 3 سنوات تخطى 900% ومعدل البطالة وصل الى حدود 50 % ونسبة الدين العام من الناتج المحلي وصلت حتى الآن الى 235% مع بلوغ حجم العجز في الميزان التجاري بالنسبة للناتج المحلي حدود 40 % مما يؤكد أن لبنان بات معرضاً لخطر شديد وخاصةً على صعيد الأمن الغذائي والوضع المعيشي للسكان.
لذلك وجب على الحكومة اللبنانية العمل على ايجاد الحلول السريعة والقريبة من خلال الانفتاح على دول الجوار وخاصةً سوريا التي تربطه بها علاقات استراتيجية تاريخية من الناحية الجيواقتصادية والجيوسياسية، علماً أن هذا الانفتاح سيكون مفيداً لكلا البلدين من أجل تخفيف وطأة الازمة المعيشية التي يعاني منها الشعبان الشقيقان.
التعاون المشترك حاجة ملحة للطرفين
يقع على عاتق الجهات الرسمية في البلدين اعتماد عدة خطوات فعلية لتفعيل النشاط الزراعي المشترك بعد تطوير العلاقات الاقتصادية بشكل رسمي وعملي، ومن أبرز هذه الخطوات:
1 - انشاء لجنة زراعية فنية مشتركة لتقدير الأوضاع الراهنة وتحديد العوائق من أجل وضع الأطر الصحيحة للمعالجة.
2 - تنفيذ الاتفاقيات المشتركة في مجال توحيد آلية الاستيراد مع العمل على تطويرها للتماشى مع التطورات الأخيرة.
3 - العمل على تطوير التعاون في مجال البحث العلمي الزراعي من خلال انشاء مركز مشترك للبحوث والانماء، للاستفادة من الخبرات المشتركة وتطوير الاداء وفقاً لآخر التقنيات الزراعية الحديثة.
4 - الاستفادة من التقنيات الزراعية المتوافرة لدى الجانبين لتخفيض كلفة الانتاج الزراعي.
5 - استعانة لبنان بالتجربة السورية لزراعة القمح وكذلك الاستفادة من أنواع القمح الموجودة في سوريا واختيار التي تتلاءم منها مع طبيعة الأراضي الزراعية اللبنانية.
6 - تذليل العقبات أمام المنتجات من البلدين عبر تخفيض نسبة الرسوم الجمركية على البضائع المشتركة.
7 - تعزيز التعاون في ميادين النقل والترانزيت وتسويق المنتجات الزراعية، عبر تسهيل مرور المنتجات عبر المنافذ الحدودية المشتركة بين البلدين.
8- العمل مع السلطات السورية لتخفيض تعرفة الترانزيت العالية التي يدفعها المصدرون اللبنانيون أثناء مرور بضائعهم من الأراضي السورية.
9 - استيراد لبنان لمعظم حاجاته الزراعية غير المتوفرة في انتاجه المحلي وذلك بأسعار مناسبة مما سيخفف من حجم الضغط على القدرة الشرائية المتهالكة للمداخيل.
10- تعهد سوريا باستيراد كل حاجاتها الزراعية من السلع الزراعية المتوفرة في لبنان وكذلك اعطاء الاولوية لتسويق المنتجات الزراعية اللبنانية على غيرها من المنتجات الاخرى.
خلاصة وتحليل
يعاني البلدان اليوم من مشكلة ارتفاع كلفة الاستيراد بسبب التضخم العالمي وخاصةً في مجال السلع الزراعية ومن ازمات اقتصادية ومالية متشابهة وخاصةً في مجال انهيار سعر صرف العملة الوطنية في مقابل العملات الأجنبية، علماً أنهما يتعرضان لحصار مباشر وغير مباشر من قبل الادارة الأميركية على وجه الخصوص، لذلك أصبح التعاون بينهما اليوم أكثر من ضروري لمصلحة الشعبين الشقيقين علماً أن موقف الدولة السورية دائماً متعاون ومنفتح، بالتالي بقي على الدولة اللبنانية المضي قدماً في مجال التعاون المشترك لما في ذلك من مصلحة عليا للشعب اللبناني ولنمو الاقتصاد الوطني اللبناني.
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
21/11/2024
خطاب الأمين: قوةٌ وتمكين ونصرٌ وتطمين
19/11/2024