آراء وتحليلات
خطة التعافي.. أين حقوق المودعين؟
د. محمود جباعي
في اليوم الأخير من عمر حكومة الرئيس نجيب ميقاتي قبل تحولها إلى حكومة تصريف أعمال رسميًا أقر مجلس الوزراء ما يعرف بمصطلح خطة التعافي المالي والاقتصادي والتي تقوم على مبدأ شطب جزء كبير من التزامات الدولة تجاه المصارف التجارية اللبنانية بالعملات الأجنبية عبر الغاء جزء كبير من الديون المستحقة لهذه المصارف على المصرف المركزي، وصولاً الى اعادة هيكلة القطاع المصرفي وما يرافقه من حل للمصارف غير القابلة للاستمرار بسبب ضعف رأسمالها بمهلة أقصاها بداية شهر تشرين الثاني من العام الجاري.
كذلك عرضت الخطة العديد من الأفكار العامة تبدأ من إطلاق وعود بالاصلاحات في مجالات الكهرباء والادارة العامة مرورًا بإعادة هيكلة الدين العام وتحسين موارد المالية العامة وصولًا إلى بنود تساهم في تحفيز النمو والنشاط الاقتصادي وفقًا للإجراءات التي تتضمنها، علمًا أن المؤكد الوحيد في هذه الخطة هو تنفيذ ما يطلبه صندوق النقد الدولي من شروط عامة وخاصة بهدف الحصول على مبلغ 3 مليارات دولار مقسطة على 4 سنوات وخاصةً بعد أن توصلت الحكومة إلى توقيع اتفاق مبدئي مع الصندوق على مستوى الخبراء.
أوجه الشبه والاختلاف بين خطة دياب وخطة ميقاتي
الواضح لجميع المراقبين أن خطة التعافي المالي والاقتصادي التي أقرتها الحكومة اللبنانية مؤخرًا تتشابه كثيرًا مع الخطة المالية التي اقترحتها حكومة الرئيس دياب من حيث الشكل والمضمون مع بعض الاختلافات والايجابيات التي تسجل لخطة حكومة دياب. وفي ما يلي سنعرض أبرز أوجه الاختلاف والشبه بين الخطتين:
أ- أبرز أوجه الاختلاف:
1- خطة دياب أكدت على حماية كل الودائع تحت مبلغ 500 ألف دولار بينما خطة ميقاتي تحمي الودائع تحت 100 ألف دولار فقط.
2- سعر صرف الدولار الموحد في حكومة دياب وفق تقرير صندوق النقد الدولي كان 3500 ليرة للدولار الواحد بينما اليوم سعر الصرف الموحد أصبح يتخطى بالتأكيد الـ 20000 ليرة للدولار الواحد.
3-الفارق الزمني مهم جدًا حيث إن خطة دياب لو أقرت في حينها لكانت موجودات مصرف لبنان اليوم أكثر من 32 مليار دولار بالاضافة الى احتياط الذهب، أما اليوم فالموجودات قاربت الـ 10 مليارات دولار بالاضافة الى احتياط الذهب.
ب- أبرز أوجه التشابه:
1- شطب جزء كبير من أموال المودعين تحت مسميات مختلفة، فخطة دياب تقضي بشطب ما بين 60 الى 70 مليار دولار من أموال كبار المودعين عبر هيركات مباشر بينما خطة ميقاتي تقضي بشطب حوالي 60 مليار دولار عبر الغاء ديون المصارف المستحقة على مصرف لبنان مع الاشارة الى أن حجم الودائع تقلص بحدود 30 مليار دولار في الفترة الممتدة من حكومة دياب الى حكومة ميقاتي.
2- اعادة هيكلة القطاع العام.
3- الاتفاق مع شركة أجنبية لاجراء تدقيق شفاف في حسابات مصرف لبنان مع العلم أن هذه التجربة لم تصل إلى نتائج مرجوة حتى الآن.
4- توحيد سعر صرف الدولار مع الاختلاف بالارقام بين عامي 2020 و2022.
5- إعادة هيكلة الدين العام وبدء التفاوض مع الدائنين.
6- القيام بالاصلاحات اللازمة في ملف الكهرباء.
7- اعادة هيكلة القطاع العام ومؤسسات الدولة بهدف تحسين الانتاجية.
8-إقرار قانون "كابيتال كونترول" بالاضافة الى عدة اصلاحات هامة بهدف تحفيز النمو الاقتصادي.
خلاصة وتحليل
الواضح أن كلًّا من الخطتين المذكورتين تم وضعهما بهدف محاكاة شروط صندوق النقد الدولي مع وضع عدة بنود مرتبطة بالاصلاحات الهيكلية المطلوبة. والواضح أيضًا أن كل توجهات القوى السياسية تهدف إلى تحميل المودعين وحدهم معظم الخسائر وتبعات الازمة المالية والاقتصادية وان الدولة لا تريد تحمل مسؤولياتها علمًا أن الحكومات المتعاقبة كانت قد صرفت مجمل هذه الأموال بعد تشريع المجلس النيابي لها عبر إقرار الصرف سنويًا على القاعدة الاثني عشرية دون الاعتماد على أرقام دقيقة تفرزها الموازنات العامة سنويًا لكل من حجم الايرادات المتوقعة وحجم النفقات العامة. وبالتالي فإن هذه الخطة بشكلها الحالي لا يجب أن يوافق عليها في المجلس النيابي قبل تعديل البنود المتعلقة بحقوق المودعين وهذا يعتبر أول امتحان جدي وحقيقي للمجلس النيابي الجديد بنوابه القدامى والجدد الذين يحملون فكر التغيير والاصلاح ويرفعون شعار حماية حقوق المودعين على أمل اعتماد التصويت الالكتروني في المجلس النيابي حتى يعلم الشعب من صوّت مع هدر حقوق المودعين ومن وقف بحق الى جانبهم عبر التصويت ضد هذه الخطة.
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
23/11/2024
لماذا تعرقل واشنطن و"تل أبيب" تسليح العراق؟
21/11/2024