معركة أولي البأس

آراء وتحليلات

الدبيبة متمسكٌ بالسلطة في ليبيا.. وواشنطن تتلاعب بالجميع
04/05/2022

الدبيبة متمسكٌ بالسلطة في ليبيا.. وواشنطن تتلاعب بالجميع

روعة قاسم

عادت العلاقات التونسية ـ الليبية إلى التأزم من جديد بعد أن عرفت بعض الإنفراج الذي نتجت عنه خلال الأشهر الماضية عودة حركة البضائع والمسافرين إلى وتيرتها الطبيعية بعد أن تم فتح المعبر الحدودي رأس الجدير، وهو المعبر الذي بادر الجانب الليبي إلى إغلاقه وتلكأ الطرف التونسي بعد ذلك في إعادة فتحه.

فمنذ أن أطاح الرئيس التونسي قيس سعيد بحكم الإخوان في تونس من خلال الإجراءات الإستثنائية المؤقتة التي تم إقرارها، وعبد الحميد الدبيبة ومن يدعمه في ليبيا من تنظيمات إخوانية وتكفيرية ومن ورائهم تركيا يناصبون العداء لتونس ويتهمون نظامها بتهديد الإستقرار في ليبيا.

ويعود سبب الأزمة الجديدة بين البلدين، إلى إقامة رئيس الحكومة المكلف الجديد فتحي باشاغا، الحليف الجديد لخليفة حفتر، في تونس، مقر إقامة السفير الأمريكي في ليبيا أيضاً، وقيام باشاغا سابقا بعقد سلسلة من اللقاءات لتشكيل حكومته. ويبدو أن عبد الحميد الدبيبة لن يسلم السلطة مثلما يعتقد البعض، ولن يتنازل عن موقعه في طرابلس كرئيس للحكومة لصالح باشاغا المدعوم من البرلمان، ومستعدٌ للمضي قدما في الصدام مع الأطراف الداعمة لباشاغا.

ويجد الدبيبة دعما منقطع النظير من قبل تنظيمات الإخوان في الغرب الليبي وما يسمى بمجلس الدولة الذي يسيطر عليه الإخوان، باعتبار وأن هذه التنظيمات لم تغفر لسيد مصراتة فتحي باشاغا تحالفه الجديد مع خليفة حفتر الذي تناصبه العداء. فباشاغا وزير الداخلية السابق في حكومة فايز السراج كان حليفا بارزا للإخوان وللأتراك لكن التفاهمات الجديدة دفعته إلى تغيير تحالفاته وربما بدفع من الأتراك أنفسهم غير الراغبين في التمسك بالدبيبة الذي بات عبئا ثقيلا وهو المرفوض من دول الجوار باستثناء الجزائر.

فالأخيرة لديها مصالحها الخاصة على ما يبدو من خلال دعمها غير المعلن لعبد الحميد الدبيبة الذي تتحدث بعض التسريبات عن تقديمه وعودا للجزائريين بالتنازل عن بعض الحقوق النفطية الليبية في حال نال الدعم الجزائري وبقي رئيسا للحكومة الليبية خلافا لرغبة البرلمان. ولعل الإمتيازات التي نالتها الجزائر خلال فترة حكم الدبيبة، ومن ذلك فتحه للمعابر لاستيراد بعض المواد الغذائية الأساسية الجزائرية عوضا عن التونسية، باعتبار وأن تونس كانت على الدوام هي المزود الرئيسي لليبيا بهذه المواد، ستدفعها إلى مزيد دعمه في مواجهة فتحي باشاغا.

وبالتالي فالدبيبة بصدد البحث عن الحلول الكفيلة بإقناع عدد من دول الجوار وأطراف إقليمية ودولية بالتخلي عن دعم فتحي باشاغا وإبراز مدى خطورة وجود حكومتين وبرلمانين في ليبيا، وبأنه الأقدر على تأمين مصالح بعض هذه الدول. فالبلد يعيش الآن على وقع عودة إلى المربع الأول أي إلى مرحلة ما قبل الإتفاق الأممي الذي وحد مؤسسات الدولة استعدادا للإنتخابات التي تم تعطيلها، حيث توجد فيه حكومتان وبرلمانان.

ويرجح أن تكون تونس خلال الفترة القادمة المحطة التي سيحج إليها الفاعلون السياسيون الليبيون فهي مقر إقامة السفير الأمريكي في ليبيا ريتشارد نورلاند أيضاً والذي يقصده ويتودد إليه الجميع، وفيها يقيم فتحي باشاغا منذ فترة بعيدا عن الضوضاء. وبالفعل فإن الدبيبة يعد لزيارة طويلة في الزمن إلى تونس كان من المفروض أن تحصل خلال الأيام الماضية لكنها تأجلت وسيرافقه وفد هام لإبرام اتفاقيات قد تغري الجانب التونسي في هذا الوضع الإقتصادي الصعب الذي تمر به الخضراء.

كما يتوقع أن يلتقي الدبيبة السفير الأمريكي في ليبيا على الأراضي التونسية لقطع الطريق على غريمه وهو الذي يدرك جيدا أن مجرد منع باشاغا من دخول طرابلس يعني فشل حكومته واقعيا حتى وإن نالت تزكية البرلمان المرابط في شرق البلاد. فالحكم من طرابلس له قيمة اعتبارية ويسبغ الشرعية على ممارسه حتى وإن كان وصوله إلى سدة الحكم بطريقة غير شرعية على غرار أغلب رؤساء الحكومات الذين مروا بليبيا منذ الإطاحة بنظام معمر القذافي.

ولعل إصرار حفتر في وقت سابق على الدخول إلى طرابلس عسكريا يؤكد أهمية العاصمة التي حرم البرلمان الشرعي من التواجد بها واضطر إلى عقد جلساته في مدينة طبرق في إقليم برقة أحد الأقاليم الثلاثة المشكلة للدولة الليبية. وبالتالي فإن فشل فتحي باشاغا، رئيس الحكومة الجديد، في دخول طرابلس قد يضعف من الحكومة التي شكلها ويبدو أن واشنطن التي تتلاعب بطرفي الصراع ستكون لها اليد الطولى في هذا الأمر.

ليبياعبد الحميد الدبيبةفتحي باشاغا

إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات

التغطية الإخبارية
مقالات مرتبطة