آراء وتحليلات
عمران خان يخسر الحكومة ويربح الشارع
محمد كسرواني
بين التظاهرات في الشارع وجلسة اختيار المرشح الجديد لرئاسة الحكومة، تتسارع التطورات في باكستان لترسم نتائج الانقلاب الاميركي على عمران خان. فبعد حجب الثقة عن حكومته، تنعقد اليوم جلسة تحسم الاسم الجديد لرئاسة مجلس الوزارء: شهباز شريف، متزعم المعارضة التي اطاحت بخان، او شاه محمود قريشي، مرشح خان ووزير الخارجية السابق.
فرغم تهديد خان بالاستقالة الجماعية من المجلس النيابي في حال خسارة مرشحه، واضطرار الدولة للذهاب الى انتخابات تكميلية هامة لملء الفراغ، بات محسوماً اسم شهباز (70 عاماً)، الشقيق الأصغر لرئيس الوزراء السابق نواز شريف الذي شغل المنصب ثلاث مرات.
في قراءة لواقع الاحداث في باكستان خسر عمران خان حكومته، واستطاع الاميركيون قلب الطاولة عليه بدءاً بتهديده المباشر عبر ورقة الشروط، وثانياً بسحب أكثر من 20 نائباً من حزبه الى طرف المعارضة، وثالثاً بتحميله مسؤولية ركود اقتصاديّ شل العالم بأسره منذ بداية جائحة كورونا واخيراً التطورات في افغانستان.
بالمقابل ما تشهده الساحات الباكستاينة خلال الساعات الماضية من تظاهرات ضخمة تضمّ الفئة الشبابية، لم تألفه البلاد منذ عقود. فالتظاهرات التي خرجت بعفوية في كل المدن تأييداً لخان تطالب بوقف التدخل الاميركي في الشؤون الداخلية، ورفض "الحكومة المستوردة والمفروضة من الخارج" تنذر بتحوّل في الانتخابات النيابية المقبلة المزمع اجراؤها في تشرين الاول 2023.
حتى الساعة يعتبر خان منتصرًا فعلاً بكشف تفاصيل الانقلاب الاميركي عليه. خرج من الحكومة بعد معركة حدد فيها الاحزاب المتعاملة مع الخارج، جرّ البلاد الى اصطفاف قاسٍ بين مؤيد لأميركا ومن تسميه المعارضة لرئاسة الحكومة وبين رافض للتدخل الخارجي ومتحالف معه مثل حزب مجلس وحدة المسلمين وغيره من الاحزاب المعارضة للتدخل الغربي. وضع امام الرأي العام انجازاته وتطلعاته بالتوجه شرقاً وبناء عقود اقتصادية ضخمة، والفكر الاميركي العبثي الجاهز للاطاحة بالبلاد بمجرد رفضه الانصياع لاوامر هنا او قرارات هناك.
الشارع اليوم في باكستان بأغلبيته متعاطف مع خان، حتى المعارضين لسياساته الاقتصادية يدعمونه اليوم ضد التدخل الاميركي في البلاد. فلو بقي خان في البرلمان وتحول معارضاً او انسحب منه واستعان بالشارع، امام الرئيس المحجوب الثقة لن يعدّ لسنة ونصف من التحركات الشعبية والتعبئة العامة ليكشف ما تبقى من اعوان اميركا في باكستان.
يضاف الى ذلك ملف الفساد المالي الضخم الذي ينتظر شهباز شريف في القضاء. ففي نفس اليوم الذي قد يُعلَن فيه الاخير رئيساً مكلفاً للحكومة، يتجهز لاستدعاء من القضاء لمحاكمته في قضايا فساد واختلاس. كل تلك الملفات يحملها خان ليعود اقوى الى الحكم .. خسر الحكومة وربح الشارع.
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
23/11/2024
لماذا تعرقل واشنطن و"تل أبيب" تسليح العراق؟
21/11/2024