آراء وتحليلات
الوجود الاسرائيلي في كردستان.. الاعتراف سيد الأدلة
بغداد - عادل الجبوري
رغم أن الحديث المتسم بالكثير من الجدل والسجال حول الوجود الاسرائيلي في اقليم كردستان العراق، وطبيعة العلاقات بين الاكراد والكيان الاسرائيلي ليس بجديد وانما يعود الى اعوام طويلة، الا أن القصف الصاروخي لمقر تابع لجهاز الاستخبارات الاسرائيلي (الموساد) في مدينة اربيل من قبل حرس الثورة الاسلامية في ايران في الثالث عشر من شهر اذار-مارس الجاري، أعطى لذلك الجدل والسجال أبعادًا أخرى.
لكن الأمور ستكون مختلفة الى حد كبير حينما تدخل "اسرائيل" بنفسها - ومعها الولايات المتحدة الاميركية - على الخط وتتحدث بالقلم العريض عن حقيقة ما جرى ويجري، وعن أهمية وضرورة العلاقات مع الأكراد.
الاعلامي والضابط السابق في جهاز الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية يوني بن مناحيم، يقول في مقال له بموقع "زمن اسرائيل" الالكتروني إن "الموساد سيبذل في الفترة القادمة جهودًا حثيثة للحصول على معلومات استخباراتية دقيقة وعالية الجودة حول أهداف مختلفة في إيران من خلال قاعدته الموجودة في أربيل، رغم ما قامت به إيران من محاولة فاشلة لدق إسفين بين "إسرائيل" والأكراد".
أما المراسل العسكري للقناة 12 الاسرائيلية التي تبث برامجها باللغة العبرية، نير دفوري، فاعتبر "ان "اسرائيل" وإيران تزيدان وتيرة النشاطات ضد بعضهما البعض، وقد أصبحت هذه حربًا معلنة تشمل صواريخ باليستية وطائرات مسيّرة انتحارية"، ويضيف "يدور الحديث عن معركة تُدار بعيدًا من هنا كالهجوم الذي تنسبه إيران لـ"اسرائيل"، والذي تم تنفيذه من أربيل شمال العراق خلال الشهر الماضي، حيث دمّرت طائرات مسيّرة هجومية إسرائيلية مخازن كانت تحتوي على مئات الطائرات الإيرانية بدون طيار والتي تمّت تخبئتها داخل قاعدة صاروخية في كرمانشاه في إيران، وردًا على ذلك، هاجمت إيران منشأة في مطار أربيل معتبرة أن عناصر من الموساد كانوا فيها وقاموا بتنفيذ الهجوم"، حسب قوله.
بينما يرى الكاتب ريتشارد سيلفرستون في مقال له بموقع "ميدل ايست اي" أن "وجود قاعدة إسرائيلية سرية في أربيل يجب ألّا يكون أمرًا مفاجئا، اذ ان هناك شبكة من العملاء التابعين لجهاز الموساد في كردستان العراق وأيضًا في أذربيجان ومناطق أخرى محاذية لإيران"، منوها الى ما كتبه الصحافي الشهير سيمور هيرش في عام 2004 بشأن "وجود نشاط لعناصر إسرائيليين استخباراتيين وعسكريين في كردستان العراق، وقيامهم بتدريب وحدات الكوماندوس الكردية، وإدارة العمليات السرية في المناطق الكردية في كل من إيران وسوريا".
ويؤكد الكاتب أن "أنباء وجود القاعدة الإسرائيلية في أربيل ربما كانت قد فاجأت بعض المراقبين، إلا أنها في الواقع تأتي من علاقة طويلة الأمد بين إسرائيل وأكراد العراق، وحدث ذلك بعد تأسيس "دولة إسرائيل" في عام 1948، حيث بدأ العديد من اليهود الأكراد في الهجرة إلى البلاد، ويبلغ عددهم اليوم حوالي 300 الف شخص".
وتنقل صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية عن مسؤولين في وكالة المخابرات المركزية الاميركية (CIA) انه "قبل 36 ساعة من القصف الايراني لمقر الموساد في اربيل، الذي انطلقت من جواره الطائرات الاسرائيلية التي قصفت مواقع بمدينة كرمانشاه الايرانية منتصف شهر شباط-فبراير الماضي، بعثت طهران باشارة لبغداد بانها سترد على مصدر العدوان عليها، وبدورها ابلغت بغداد الجانب الامريكي الذي باشر فورا اعلان الطوارئ في سفارته وقواعده، وتم اخلاء مبنى المقر الاسرائيلي في اربيل ونقل عناصره وتجهيزاته الى قاعدة حرير، غير ان صور المبنى المدمر اظهرت مجموعة ابراج اتصالات كبيرة فوقه تؤكد انه مركز معلوماتي تجسسي".
ولعل مواصلة البحث والتقصي تكشف لنا المزيد من الاعترافات الاسرائيلية، والغربية عموما عن طبيعة وحقيقة الوجود الاسرائيلي في اربيل، وهذا ما يتعلق بالهجمات الصاروخية الاخيرة وتداعياتها وافرازاتها المستقبلية، ولا شك ستكون الحصيلة أكبر بكثير، حينما تتسع مساحات البحث والتقصي، لتصل الى مطلع ستينيات القرن الماضي، مرورا بالسبعينيات والثمانينيات والتسعينيات وما بعدها.
وينبغي للجميع ادراك حقيقة أن أحد أسباب بقاء الفوضى والاضطراب والفتن والمشاكل والازمات في العراق، هو الوجود الاسرائيلي والاميركي، والمؤامرات الخارجية الدولية والاقليمية، التي يراد منها فرض مشروع التطبيع مع الكيان الصهيوني على العراق، كما حصل في الماضي البعيد والامس القريب مع مصر والاردن والامارات والبحرين والمغرب والسودان.
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
23/11/2024
لماذا تعرقل واشنطن و"تل أبيب" تسليح العراق؟
21/11/2024