آراء وتحليلات
الحريري يسارع لمصالحة ريفي: نريد انتخابات دون أية تكاليف
محمد ملص
كل ما فرقته انتخابات ايار/ مايو 2018 النيابية، وما نتج عنها من خصومات وقطيعة سياسية، أعادت وصله الانتخابات الفرعية في طرابلس، إذ سارع رئيس الحكومة سعد الحريري إلى إعادة المياه لمجاريها بين خصوم البيت الواحد، مصالحاً الوزير السابق أشرف ريفي. وكان قد سبق ذلك تكريس تحالفه مع خصمه الرئيس نجيب ميقاتي، حتى بات تيار المستقبل يشبه " الحمل الوديع"، ويسعى لتقديم تنازلات، وذلك في سبيل اعادة النائب المطعون بنيابتها ديما جمالي، أولاً ولتجنب معارك انتخابية وما ينتج عنها من تكاليف، ثانياً.
لم يتفاجأ اللبنانيون أمس باللقاء الذي جمع رئيس الحكومة سعد الحريري، والوزير السابق أشرف ريفي، بعد قطيعة دامت ثلاث سنوات من الخصومة السياسية والهجوم العنيف المتبادل بين الطرفين. اللقاء الذي حصل في منزل الرئيس فؤاد السنيورة، لاعتراض ريفي على عقد اللقاء في بيت الوسط، كي لا يفهم أنه تنازلٌ منه لصالح الحريري. فكان له ما أراد، بعد وساطة قادها وزير الشؤون الاجتماعية السابق رشيد درباس. باتت كل الامور متوقعة هنا في طرابلس، وكانْ لم يعد هناك من خصوم لدى تيار المستقبل، الذي يحاول إعادة ديما الجمالي الى المجلس النيابي بأقل تكاليف ممكنة، ولو اضطره ذلك الى تقديم كل ما يلزم من تنازلات سياسية، في سبيل اعادة وصل ما انقطع مع اشرف ريفي. والحريري كما بات يعرف، غالباً ما يلجأ الى تلك السيناريوهات عند كل انتخابات، وهو دائماً ما يحاول إرضاء خصومه كما فعل مع خالد الضاهر، وأحمد فتفت وغيرهما، غير ابهٍ بما جرى، بل أن جلَّ همه الوصول الى ما يريد، وتأمين نجاح نوابه بأقل تكاليف ممكنة.
سيناريو مصالحة ريفي الحريري
لم يكن اشد المتوقعين لمصالحة ريفي الحريري أن تتم الصلحة سريعاً، حتى أن بعض المطلعين على سير التطورات، أشار الى أن تقريب وجهات النظر سيحتاج مزيداً من الوقت للأخذ والرد. الا ان تسارع التطورات الانتخابية، وانكشاف حجم وشعبية المرشحة جمالي، وبعد أن اعطى الوزير ريفي إشارة الى ماكينته الانتخابية للاستعداد، والذي كان من المنتظر أن يعلن اليوم ترشحه للانتخابات الفرعية في طرابلس، كل ذلك دفع إلى أن يسارع مقربون من الرئيس الحريري الى شرح الوضع الانتخابي الصعب في حال ترشح ريفي، طارحين اجراء مصالحة بينهما تفادياً لأي خطورة تؤدي الى سقوط جمالي.
تلك التطورات، سرعان ما ساهمت في تليين موقف الرئيس الحريري وإقناعه بأن المصالحة مع ريفي باتت ضرورية لتأمين فوز مريح لجمالي في طرابلس، خصوصا أن الحريري يسعى للوصول الى المعركة الانتخابية دون أية مشاكل، ودون أي تبعات مادية وتكاليف غالباً ما تفرضها المعارك الانتخابية، وخاصة ان تيار المستقبل، وفي ظل الازمة المادية والشعبية التي يعاني منها منذ سنوات، لم يجهز بعد ماكينته الانتخابية كونها تتطلب إمكانات مالية ولوجستية كبيرة من الصعب أن تتوفر في غضون شهر واحد، وما يزيد الطين بلة، هو الحجم والحضور الشعبي للمرشحة جمالي، إذ إنها لا تعتبر حصانا رابحا في معركة من هذا النوع، ما يتطلب جهودا مضاعفة على كل صعيد.
مما لا شك فيه أن معركة طرابلس الفرعية، وفي ظل الاصطفاف السياسي الذي أمنه المستقبل الى جانب (ميقاتي ـ الصفدي ـ ريفي وغيرهم)، رسم صورة قريبة لنتائج المعركة، حتى ان البعض أشار الى أنها باتت شبه محسومة لصالح جمالي. ولكن وفي انتظار إعلان القوى المعارضة لتيار المستقبل عن اسم مرشحها، وعلى رأسهم الوزير فيصل كرامي، والحاج طه ناجي، فإن الكلمة الأخيرة تبقى لأبناء طرابلس، فإما ان يرضخوا للتحالف الكبير حول فرض المرشحة جمالي عليهم، أو أن تتمرد القواعد الشعبية على ذلك، وتتكرر المفاجأة التي حصلت ابان الانتخابات البلدية الاخيرة.
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
23/11/2024
لماذا تعرقل واشنطن و"تل أبيب" تسليح العراق؟
21/11/2024