آراء وتحليلات
الأمن الغذائي مهدد وأسعار السلع تحلق فما هو البديل؟
د.محمود جباعي
مع استمرار العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا تزداد المخاوف من تفاقم تداعياتها الاقتصادية والمعيشية على العالم أجمع، وبالتالي على لبنان ايضًا. فلبنان يستورد ـ كما بات يعلم الجميع ـ العديد من السلع الاستراتيجية لأمنه الغذائي من أوكرانيا وروسيا على وجه التحديد، علمًا أنه يعاني أصلًا من تهديد كبير لأمنه الغذائي بفعل الأزمة الاقتصادية والمالية الخانقة التي تمر بها البلاد، وبفعل الانهيار الكبير لسعر صرف الليرة اللبنانية مقابل العملات الاجنبية. بالتالي، ستزيد تداعيات الحرب الأخيرة حتمًا من معاناة المواطنين اللبنانيين الذين يواجهون أزمة معيشية ترتفع حدّتها يومًا بعد يوم.
مفهوم الأمن الغذائي يعني توفر الغذاء لجميع المواطنين دون أي نقص من أجل إبعاد شبح الجوع، ومن هنا تعمد كل الدول الى زيادة احتياطاتها من السلع الغذائية الضرورية، وخاصةً القمح والطحين فضلاً عن العديد من السلع الأخرى التي يستخدمها المواطنون بشكل يومي في توفير الطعام اللازم، إلا في لبنان. وفي ظل تحكم مجموعة من الكارتيلات في عملية استيراد هذه السلع، يزداد الضغط والتهديد لشعب باكمله خدمةً لمصالح هذه الكارتيلات وبسبب غياب شبه تام للدولة اللبنانية.
أسباب ارتفاع أسعار السلع
يعاني اللبنانيون من تفاقم مشكلة التضخم العام الذي يرتفع سنويًا بنسبة تصل الى حدود 300 بالمئة حيث وصل معدل التضخم العام الى حدود الـ 800 بالمئة في المجمل. وبلا شك تؤثر الأزمة الأخيرة على حجم التضخم بشكل كبير مما يعني مزيدًا من الارتفاع في أسعار المواد الاستهلاكية، ومن أبرز هذه الأسباب:
1- ارتفاع أسعار النفط والغاز عالميًا نتيجة الحرب في أوكرانيا.
2- ما يزال لبنان يستورد أكثر من 80 % من حاجاته الاستهلاكية بسبب انهيار القطاعات الانتاجية داخل البلد.
3- تعتبر روسيا البلد المصدّر الأول للقمح بنسبة 18% من مجمل الصادرات وأوكرانيا البلد الرابع المصدّر للقمح بنسبة 11% ولدى روسيا وحدها على حوالي 25% من مخزون القمح العالمي مما يساهم في ارتفاع اسعار القمح والطحين عالميًا.
4- الاقتصاد اللبناني غير منتج رغم توفر قدرات كبيرة تساهم في تعزيز الانتاج المحلي ورغم أن الكثافة السكانية في لبنان قليلة نسبيًا مقارنة مع أي دولة أخرى، ولكن غاب الانتاج المحلي بسبب السياسات الاقتصادية الريفية المتبعة والتي قضت على كل افاق الاقتصاد المنتج.
5- الازمة الاقتصادية والمالية والنقدية التي تعيشها البلاد منذ أكثر من عامين، الأمر الذي يساهم في ارتفاع الأسعار بشكل جنوني وغير منضبط مع وجود كارتيلات محتكرة في شتى المجالات.
تنويع الخيارات ينقذ الأمن الغذائي في لبنان
الواضح أن السلطة اللبنانية تبدو شبه عاجزة عن مواجهة هذا الخطر المحدق بلبنان بشكل سريع وكامل مع العلم أن وزارة الاقتصاد اللبنانية تعمل في عدة اتجاهات لتأمين ما تيسر من الطحين والقمح وبعض السلع الاخرى، وهو ما حصل من خلال التعاون مع تركيا التي أكدت أنها سترسل مساعدات غذائية للقوى الامنية اللبنانية مقدارها 500 طن وكذلك أجرت الوزارة عدة اتصالات مع دول مثل الهند ورومانيا وفرنسا والولايات المتحدة الاميريكية إلا أنه وبكل موضوعية هذه التحركات لن تكفي لتوفير الأمن الغذائي بشكل تام وفعلي لذلك من الأفضل للسلطة اللبنانية توسيع أفق التواصل مع جميع الدول الاخرى الصديقة والشقيقة وخاصةً العراق وسوريا اللذين لم ولن يبخلا على لبنان في هذا المجال ايضًا وفقًا لامكانياتهما.
على وزارة الزراعة أيضًا تنفيذ خطة زراعية سريعة تهدف الى العمل على تعزيز زراعة القمح علمًا أن هذا الأمر في المتناول ويمتلك لبنان الامكانيات اللازمة لذلك وهو ما صرح به وزير الزراعة عباس الحاج حسن، حيث أشار الى أن لبنان قادر على الاستفادة من زراعة القمح بعد مدة 6 أشهر من تاريخ بدء العمل في هذا النشاط الزراعي.
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
23/11/2024
لماذا تعرقل واشنطن و"تل أبيب" تسليح العراق؟
21/11/2024