آراء وتحليلات
الصومال: ليس بالتوبيخ تُحمى الأوطان
محمد محمود مرتضى
شهد الصومال في الأسبوعين الماضيين تكثيفاً للعمليات الأمنية الارهابية التي تقوم بها "حركة الشباب"، مع تركيز بشكل لافت على القوات الافريقية "اميصوم" التي يبدو أن الحركة تسعى لتفكيكها عبر الضغط على الدول التي تشارك فيها، تمهيدا للاستفراد بالقوات الصومالية، والعسكرية والامنية.
فقد بدا المشهد الصومالي مؤخراً متفلتاً وهشاً، مع تراجع كبير في الاداء الحكومي السياسي والعسكري. ما يجعل المشهد الصومالي من أعقد المشاهد في القارة السمراء. ويزداد المشهد تعقيدا مع ازدياد توسع "حركة الشباب" في مناطق عدة من العاصمة مقديشو. على أن هذا التفلت يصيب الداخل الصومالي الذي أصبحت ساحته عرضة لعمليات أمنية شبه يومية لحركة الشباب وفئات متطرفة أخرى، فيما الحدود باتت مفتوحة على مصراعيها. وما يزيد الطين بلة هو تسلل "داعش" الى البلاد، الذي يسعى لايجاد موطئ قدم له لعله ينافس حركة الشباب المحسوبة على تنظيم القاعدة.
ورغم الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها الصومال، الا أن الهاجس الأمني يبقى الشغل الشاغل للرئيس الصومالي محمد عبد الله فرماجو، الذي يسعى قدر الامكان، وبما هو متاح للخروج من هذا النفق الذي دخلت فيه البلاد منذ العام 2006، أي تاريخ ظهور حركة الشباب.
وفيما يظهر أنه دليل عجز وعقم في الاجراءات الأمنية، ذكرت وسائل اعلام صومالية أنه وفي هذا الإطار، وبَّخ الرئيس فرماجو قادة الأجهزة الأمنية في البلاد، وحثهم على ضرورة ابتكار الحلول لمعالجة الفلتان والمشاكل الأمنية التي تعاني منها مقديشو، وإلا فإن عليهم تقديم استقالتهم.
وذكرت وسائل اعلام محلية أن اجتماعاً حصل بين الرئيس والقادة الأمنيين في البلاد خلال مؤتمر تعزيز أمن مقديشو ألقى فيه الرئيس الصومالي باللائمة على محافظ إقليم بنادر ومديري أحياء العاصمة مقديشو والمسؤولين الأمنيين، وأن المشاكل الأمنية التي تواجهها البلاد قضت على المواطنين وممتلكاتهم، وقد نقل عنه قوله: "إن لم تستطيعوا حلَّ المشاكل فافسحوا الطريق لغيركم".
وبحسب هذه الوسائل ايضاً فقد أكَّد فرماجو، أنه لن يقف متفرِّجًا أمام ما يحدث في البلاد، وأنه من غير المعقول، ما يحدث من عمليات إرهابية وانتشار وسيطرة أغلب التنظيمات المتطرفة على المناطق الصومالية. موجهاً سؤاله إلى المسؤولين الأمنيين: "ما الذي يمنعكم من تبليغنا عن المشاكل التي تواجهها البلاد؟".
والواقع أن الصومال يعاني من الجماعات الارهابية وعلى رأسها "حركة الشباب"، ثم انضمام "داعش" الى الساحة لا سيما بعد دحره من سوريا والعراق في محاولة تعويضية، وكلا التنظيمين يسعيان للإطاحة بالحكومة الصومالية عبر الضربات المباشرة، اضافة الى استهداف القوة الافريقية "اميصوم" التي تدعم الحكومة. ورغم أن التعاون بين الحكومة والقوات الافريقية أثمر فقدان سيطرة تلك الجماعات على معظم الأقاليم في البلاد، إلا أنها ما تزال حاضرة في العديد من الأقاليم الأخرى مثل هيرشبيلي وجوبالاند وبونتلاند، الواقعين في جنوب الصومال. لكن من المتوقع أن تعاني القوات الحكومية بعد انسحاب القوات الافريقية في عام 2020، ما سيعني أن الصومال في سباق مع الوقت حتى ذلك التاريخ لتحقيق انتصار إن لم يكن حاسماً، فعلى الأقل الذهاب بعيداً في تحجيم "حركة الشباب" ومنعها من ايصال القوات الأمنية الى حالة انهيار تمهيداً لبسط يدها والسيطرة على العديد من المناطق لا سيما العاصمة مقديشو.
من هنا فإن المطلوب تشجيع القادة الأمنيين على العمل وحثهم على ذلك، وتقديم الحوافز وتأمين الامكانات، والتعامل مع الجهات التي تمتلك خبرة في محاربة هذه الجماعات، والا فإن التوبيخ لا يحمي الأوطان، وليس به يحيا الانسان.
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
23/11/2024
لماذا تعرقل واشنطن و"تل أبيب" تسليح العراق؟
21/11/2024