آراء وتحليلات
أسرار الهيستيريا الخليجية الصهيونية من تطور المقاومة اليمنية
إيهاب شوقي
بعد العملية النوعية التي قامت بها المقاومة اليمنية في العمق الإماراتي، هرعت الإمارات والسعودية إلى أسيادهما في الولايات المتحدة و"اسرائيل"، وبشكل علني، حيث طلب تحالف العدوان غطاء سياسيًا من أمريكا والأمم المتحدة، وحماية عسكرية صريحة من الكيان الصهيوني.
الأمر هذه المرة تخطى نطاق التسريبات، ليصل بوقاحة إلى نطاق الإعلان والطلب الرسمي، وكأن ملايين الدولارات التي أنفقت على التسليح والعدوان، والغطاء المتمثل في الصمت السياسي الدولي والتعاون العسكري والاستخباراتي في غرف العمليات، لم يعد كافيًا لقتل المزيد من الأطفال والأبرياء!
ولا شك أن جنون التحالف العدواني وانجراره لارتكاب المزيد من جرائم الحرب، هو حال الجبهات وفشل تحقيق أي أهداف استراتيجية أو نجاحات ميدانية، فيما تحقق عملية نوعية واحدة من المقاومة اليمنية أهدافها وتنعكس بشكل فوري على الاقتصاد العالمي وأسعار النفط والأسهم!
وقد شكلت المقاومة في اليمن تغيرات إقليمية ينبغي إلقاء الضوء عليها، حيث أجبر الصمود اليمني وما لحقه من تطورات نوعية على المستوى البحري والصاروخي والطائرات المسيرة، على تغيرات واسعة انعكست في التحالفات والسياسات، وهنا يمكن رصدها باختصار كما يلي:
1- أثبتت العمليات النوعية الأخيرة لليمن في العمق الإماراتي والسعودي في توقيت أعلن فيه الاستعداد لاستئناف العلاقات السعودية الإيرانية، أن حركات المقاومة تمتلك قرارًا مستقلًا وأن ملف المقاومة منفصل عن ملف الدبلوماسية الإيرانية، وأن مقولة السيد نصر الله "نحن سادة عند الولي الفقيه" هي مقولة صادقة، وبالتالي فإن جماعة "أنصار الله" التي تقصف و"حزب الله" الذي يرد الصاع صاعين للسعودية، وكافة حركات المقاومة التي تعلن الانتماء لمحور المقاومة هي حركات مستقلة القرار ولا تتلقى أوامرها من إيران رغم تلقيها الدعم السياسي والعسكري.
وبالتالي فإن محاولات أمريكا والغرب مساومة إيران أو ربط ملف المقاومة بملفات المفاوضات النووية هي محاولات فاشلة، وهو سر قوة إيران من جهة، وقوة حركات المقاومة من الجهة الأخرى.
2- تفاصيل العملية النوعية اليمنية، تعود باستخلاصات عسكرية مرعبة لتحالف العدوان وللعدو الإسرائيلي، سواء من جهة اختراق الرادارات وأنظمة الرصد والتتبع والإنذار المبكر، أو من جهة فشل صد الصواريخ والمسيرات، وإذا ما أضيفت للظهور البحري اليمني ومصادرة السفينة الإماراتية، فالأمر يتحول لكابوس إسرائيلي في البحر الأحمر، والذي ظن أنه أصبح بحيرة إسرائيلية خالصة.
3- رسائل العملية السياسية لم تغفل أن التركيز على أبو ظبي هو رسالة لحاكمها محمد بن زايد والذي تمادى في التطبيع وفي جلب المرتزقة ودعمهم في اليمن والسعي الحثيث لتقسيمها.
ولا شك أن هناك تحركات إقليمية ودولية برزت في الأيام الأخيرة، وهي لا تخلو من انعكاسات الملف اليمني وتطور مقاومته والإضافة التي حدثت لمحور المقاومة بناء على هذا التطور اليمني، ويمكن رصدها فيما يلي:
أولًا: أعلنت الرياض عن التجهيز لمؤتمر لأصدقاء السودان، بما يعني مساعدة وتمويل الانقلاب العسكري المطبع فيها، وتزامن ذلك مع زيارة وفد صهيوني للسودان في زيارة مفاجئة.
ويمكن ترجمة ذلك في أن هناك صفقة ما بخصوص الأمن الاسرائيلي مفادها تأمين سواحل السودان على البحر الأحمر والتي تقول التقارير إنها مكشوفة، مقابل دعم السلطة المطبعة الجديدة، وهو ما يعكس رعبًا اسرائيليًا من البحر الأحمر بعد ظهور القوة اليمنية فيه من جهة، وتطور "أنصار الله" الصاروخي والتكنولوجي من جهة أخرى.
ثانيًا: جال رئيس كوريا الجنوبية على الإمارات والسعودية ومصر، وشهدت الجولة عقد أكبر صفقة في تاريخ كوريا الجنوبية بقيمة 3.5 مليار دولار مع الإمارات، وهي صفقة شراء صواريخ تشونغونغ 2 أرض-جو متوسطة المدى، وهي من أنظمة الدفاع الجوي التي تعمل بتكنولوجيا نظام إس 400 الروسي، وفقًا لـ"رويترز"، وهو ما يعني أن هناك انكشافًا استراتيجيًا للخليج، وأن الحماية الأمريكية غير كافية بعد سحب بطاريات باتريوت ووصول المخزون لمستويات متدنية توشك على النفاد، مما حدا بأمريكا لأن تسد الفراغ الناجم عن انسحابها عبر حليف تابع لها وهو كوريا، قطعًا للطريق على دخول روسي وصيني لسد الفراغ، ناهيك عن الحفاظ على ما تبقى من سمعة صواريخ باتريوت والتي اهتزت بسبب فشلها في صد العديد من صواريخ المقاومة اليمنية وطائراتها المسيرة.
ثالثًا: تعتمد الإمارات في حماية نظامها على كوريا الجنوبية عبر قوات كوماندوز كورية تتمركز في بلدة سويحان في أبو ظبي، وذلك في فضيحة كشفتها جريدة ديبلوماتيك اليابانية وشكلت أزمة داخلية في كوريا، حيث تنتشر القوات الخاصة الكورية وفقًا لبند سري في الاتفاقية التي عقدتها الإمارات مع كوريا الجنوبية لإنشاء المفاعل النووي الإماراتي.
وهو ما يدل على اعتماد الامارات الكلي على المرتزقة في حروبها الخارجية والداخلية!
ما نقوله إن صمود ايران وحزب الله وسوريا والحشد الشعبي، ومؤخرًا صمود المقاومة اليمنية، هو الذي أجبر أمريكا على التعجيل بانسحابها وتغيير تكتيكاتها، وإن ذلك الصمود واستمراريته سيجبر على تغيير الوكلاء والأنظمة الخليجية الوظيفية، وصولًا إلى الكيان الصهيوني والذي سيفترق مساره ككيان وظيفي عن مسار أمريكا كامبراطورية متراجعة، وعندها سيكون الزوال لهذا الكيان وهو ما بات قريبا.
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
23/11/2024
لماذا تعرقل واشنطن و"تل أبيب" تسليح العراق؟
21/11/2024