آراء وتحليلات
ليبيا ومعضلة الانتخابات وسيناريوهاتها
تونس - روعة قاسم
منذ الإعلان في ليبيا عن تأجيل الانتخابات التي كان مقررًا عقدها يوم 24 كانون الأول / ديسمبر الماضي، وحالة الغموض تسود في المشهد الليبي حول مآل الوضع ومدى نجاعة خارطة الطريق التي تمّ وضعها برعاية أممية من أجل اجراء الانتخابات الرئاسية. فالخلافات بين الفرقاء السياسيين في الشرق والغرب الليبيين مع التدخلات الخارجية السائدة، هي التي أدت لترحيل الانتخابات لموعد آخر، وأدت كذلك لعدم إعلان المفوضية الوطنية العليا للانتخابات عن القائمة النهائية لمرشحي انتخابات الرئاسة، والقوائم الأولية لمرشحي الانتخابات البرلمانية.
واليوم يترقب الليبيون شهر حزيران / يونيو القادم ليكون موعدًا جديدًا لإجراء الانتخابات الليبية. وفي
هذا السياق تأتي التحركات الأخيرة للمبعوثة الخاصة للأمم المتحدة إلى ليبيا ستيفاني ويليامز، والتي شملت تركيا والتقت خلالها مع نائب وزير الخارجية التركي، وأجرت معه مشاورات بشأن القضية الليبية. فالجميع يدرك حجم التأثير الذي باتت تضطلع به انقرة في الملف الليبي ومحاولتها إيجاد موطئ قدم لها من خلال المرتزقة الذين جلبتهم الى البلاد في اطار سياسة توسعية في المنطقة بضوء أخضر أمريكي، اضافة الى دور القوى الإقليمية والدول الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة الامريكية وإيطاليا وفرنسا. والسؤال الأهم اليوم الذي يطرح نفسه هو هل ستنجح خارطة الطريق الليبية في اخراج البلاد من محنتها عبر تمرير المواعيد الانتخابية الهامة؟
واليوم هناك تطلعات بشأن التقرير الذي ستضعه اللجنة التي أنشأها البرلمان ومن المتوقع ان تقدم من خلاله توصياتها للبرلمان يوم 25 يناير/كانون الثاني الجاري تتعلق بمصير الانتخابات.
المعضلة الدستورية
ويرى العديد من المراقبين أن المعضلة الأهم في ليبيا اليوم - علاوة على التدخلات الخارجية - تتمثل في غياب أساس دستوري يتمّ من خلاله تطبيق خارطة الطريق وتنفيذ مختلف الآليات المتعلقة بالانتخابات وغيرها. فهناك اختلاف وانقسام في الرؤى الليبية بين من يريد طرح مسودة الدستور للاستفتاء، وبين من يريد أن تخضع قائمة المرشحين للرئاسة لمراجعات قضائية وقانونية خاصة فيما يتعلق ببعض الأسماء التي تثير جدلًا قانونيًا مثل سيف الإسلام القذافي وغيره.
والتحدي الأهم بحسب المراقبين هو عدم توفر إرادة مشتركة لليبيين للوصول الى توافق حقيقي والتفاوض في العديد من الملفات الساخنة على غرار ملف الميليشيات وتوحيد المؤسسات والمرتزقة وشروط الترشح للانتخابات ومسودة الدستور وغيرها.
يشار الى أن مسودة الدستور قد تمّ البت فيها عام 2017 وتم إقرار قانون الاستفتاء في 2018 رغم الخلافات بين الفرقاء.
استحقاقات عديدة يواجهها الليبيون لعل أهمها ما سيصدر عن لجنة الانتخابات وما سيقرّه البرلمان فيما يتعلق بالمواعيد المصيرية الهامة مثل اجراء الانتخابات في حزيران يونيو / القادم أو في موعد أقرب مع كل السيناريوهات الممكنة. ويشار الى أنه لم يتم الاتفاق على تاريخ جديد للانتخابات، إذ اقترحت المفوضية تأجيلها إلى 24 يناير/ كانون الثاني الجاري، فيما اقترح مجلس النواب عقدها بعد 6 أشهر.
جدل حول حكومة دبيبة
وبالتزامن، ارتفعت أصوات مؤخرًا تطالب بتشكيل حكومة جديدة بديلًا عن حكومة دبيبة. فقد دعا رئيس مجلس النواب عقيلة صالح النواب إلى جلسة رسمية الإثنين في طبرق. ومن المتوقع أن يكون الموضوع الأساسي هو مناقشة مسألة سحب الثقة من حكومة دبيبة وذلك بعد أن طالب أعضاء من مجلس النواب بتضمين جدول أعمال الجلسات بندًا يتعلق باختيار رئيس حكومة جديد. ولا يحظى هذا الطرح بتأييد البعثة الأممية التي ترى في اجراء الانتخابات الآلية الوحيدة التي يجب أن تنبثق عنها حكومة منتخبة تحظى بمشروعية لدى الليبيين بكل انتماءاتهم.
ولعل النقطة الإيجابية الوحيدة في المشهد الليبي الملبّد هو لقاء ممثلي الشرق والغرب الليبيين في اجتماعين هامين، من أجل مناقشة مسائل عديدة من بينها توحيد المؤسسة العسكرية والبنك المركزي، وهي خطوة أولى هامة على طريق المصالحة الصعبة.
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
07/11/2024
كم ستنبت الأرض منك!
07/11/2024