معركة أولي البأس

آراء وتحليلات

لقاء عباس - غانتس وتدشين خيار "اللعب المكشوف"
31/12/2021

لقاء عباس - غانتس وتدشين خيار "اللعب المكشوف"

إيهاب شوقي

رغم المحطات الطويلة والمتنوعة التي مرت بها القضية الفلسطينية، إلا أنها تعيش حاليًا في محطة فاصلة، وعناوين واضحة تخلو من الالتباسات والأقنعة الزائفة.

فقد كانت محطات الوهن والتفريط والخيانة للثوابت دوما ترتدي أقنعة المصلحة العامة وتبتكر المصطلحات المخادعة مثل "عملية السلام" و"المقاومة السلمية" كغطاءات للتفاوض على الحقوق المشروعة وكمبررات للتفريط.

إلا أنه وبعد عقود من صدارة هذا الخيار المفرط على المستوى الرسمي، وصلت القضية لمرحلة خطيرة من التصفية، ولولا ما تخلل هذه العقود من مقاومة وتمسك بخيارها لكانت وصلت إلى التصفية التامة.

ولعل العام الجديد يحمل بين طياته عناوين جديدة للصراعات وللملفات المعلقة، نرى أن أبرزها هو عنوان "اللعب على المكشوف" دون استخدام الذرائع والأقنعة التي تم استنفادها وأصبحت مستهلكة ولا تنطلي على العقلاء.

ولعل زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس لمنزل وزير الحرب الإسرائيلي بيني غانتس شكلت افتتاحية لتدشين هذا المشهد والذي نتوقع أن يكون غالبًا على معظم الملفات من حيث الصراحة والانكشاف والفجاجة.
فهذه الزيارة والتي تعد أول لقاء رسمي له في "إسرائيل" منذ عام 2010، شكلت الاجتماع الثاني بين عباس وغانتس في غضون أربعة أشهر.

وخلال ولاية رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو التي استمرت 12 عامًا، لم يكن هناك اتصال تقريبًا بين القادة الإسرائيليين والفلسطينيين، حيث التقى عباس بنتنياهو ووزيرة الخارجية الأميركية آنذاك هيلاري كلينتون في القدس المحتلة في عام 2010، كما التقى عباس بنتنياهو لفترة وجيزة في جنازة الرئيس الإسرائيلي السابق ورئيس الوزراء شيمون بيريز في عام 2016.

ووفقًا لموقع اكسيوس، كانت تلك هي المرة الأخيرة التي تطأ فيها قدم عباس فلسطين المحتلة قبل اجتماع يوم الثلاثاء في منزل غانتس في بلدة روش هعاين.

وقبل البحث في دلالات اللقاء، يجدر أن نذكر ما رشح عنه في وسائل الإعلام:

فقد قال مسؤولون إسرائيليون كبار إن الاجتماع استمر ساعتين ونصف الساعة وركز بشكل أساسي على التنسيق الأمني والتعاون الاقتصادي.

وقدم جانتس لعباس سلسلة من الإجراءات التي ستتخذها (إسرائيل) لتعزيز الاقتصاد الفلسطيني المتعثر، بما في ذلك قرض بقيمة 30 مليون دولار للسلطة الفلسطينية.

 واتفق جانتس وعباس على تعزيز التنسيق الأمني وزيادة الإجراءات الأمنية ضد (الجماعات المتطرفة) من الجانبين التي تخطط لشن هجمات.

كما رشح عن الاجتماع أن عباس قال لغانتس إنه راضٍ عن اجتماعه الأسبوع الماضي مع مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان، لكنه قال إن الولايات المتحدة لا تقدم الدعم المالي الكافي للسلطة الفلسطينية.

وتعليقًا على اللقاء، قال وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد إن الاجتماع مهم لأمن "إسرائيل" ومكانتها الدولية، كما وافق رئيس الوزراء نفتالي بينيت على اجتماع غانتس لكنه لم يعلق على ذلك، وقال إنه لن يجتمع مع عباس.

وهنا يمكن الولوج إلى الدلالات المباشرة لهذا الاجتماع ويمكن رصدها كما يلي:

أولًا: اجتماع رئيس السلطة الفلسطينية المزعومة بوزير في الحكومة الصهيونية هو دلالة مباشرة على الضعة التي وصلت لها السلطة وأن رئيسها لا يرقى لمقابلة نظيره الصهيوني، بل إن رئيس السلطة أصبح على درجة وزير في الحكومة الصهيونية.

ثانيًا: اختيار وزير الحرب لإجراء المقابلة يعني بشكل مباشر أن الأمن هو الملف الرئيسي وبالأحرى أمن "اسرائيل" ولا يوجد محل للسياسة ولا التفاوض بل هناك تكليفات أمنية للسلطة تتعلق مباشرة بالمقاومة في الضفة والمناطق التي تقع ضمن نطاق السلطة.

ثالثًا: ما رشح عن الاجتماع يشي بشراء السلطة وبأنها تقايض أمن العدو بقروض مالية، كما رشح أن معضلة عباس ومآخذه على أمريكا لا تتعلق سوى بالدعم المالي للسلطة.

هنا نحن أمام حقيقة لا تقبل اللبس أو التشكيك، وهي أن السلطة الفلسطينية تحولت إلى شرطي اسرائيلي في مناطق سيطرتها وتحولت سيفًا على المقاومة الفلسطينية سواء الشعبية أو التابعة لحركات المقاومة مقابل القروض والدعم الأمريكي والصهيوني.

كما أننا أمام مشكلة شرعية تتعلق بالتمثيل الفلسطيني الرسمي في ظل غياب الانتخابات وغياب التوافق بين الحركات السياسية وهو ما يترك العمل الفلسطيني والشعب الفلسطيني بين احتلالين خارجي وداخلي.

الكرة الآن في ملعب الشعب الفلسطيني وملعب القوى السياسية الشريفة وحركات المقاومة الفلسطينية كي تضع توصيفًا علنيًا لهذا الوضع وسبل مواجهته، والتي لا نرى لها حلا سوى اعتماد خيار المقاومة كخيار وحيد للتحرير.

إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات

خبر عاجل