موقع طوفان الأقصى الجبهة اللبنانية

آراء وتحليلات

بالأرقام: تعميم مصرف لبنان الأخير.. هل يفيد المودعين؟ ما هي أبعاده؟
17/12/2021

بالأرقام: تعميم مصرف لبنان الأخير.. هل يفيد المودعين؟ ما هي أبعاده؟

د. محمود جباعي

صدر أمس تعميم جديد عن مصرف لبنان المركزي عرف بالتعميم 161 والمتعلق باجراءات استثنائية للسحوبات النقدية والذي يسمح فيه للمصارف التجارية بأن تحصل على مستحقاتها النقدية الشهرية من المصرف المركزي بالدولار الأميركي على سعر منصة صيرفة، على ان تعطي هذه المبالغ لعملائها بالدولار الأميركي على سعر منصة صيرفة بدل الليرة اللبنانية وذلك وفقًا لحجم السحوبات المسموح بها لكل مودع حسب قيمة وديعته علمًا أن المصرف المركزي حدد قيمة السحوبات كحد أقصى بـ 3000 دولار شهريًا على سعر 8000 ليرة للدولار الواحد، على أن يشمل هذا التعميم أيضًا الحسابات الموطنة في المصارف سواء كانت بالليرة اللبنانية أو بالدولار الأميركي.

بالأرقام: كيف تحتسب العملية الجديدة؟

التعميم الجديد يقضي بأن تقوم المصارف بتحويل المبلغ المسموح به شهريًا من دولار الى ليرة على سعر 8000 ليرة للدولار الواحد ومن ثم قسمة اجمالي المبلغ على سعر منصة صيرفة واعطاء العميل المبلغ بالفريش دولار وفقًا للمثل التالي:

1-اذا افترضنا أن العميل يستحق مبلغ سحوبات شهريًا  1000 دولار اميريكي تكون الحسبة كالتالي:

1000 دولار ضرب 8000 ليرة لبنانية = 8 ملايين ليرة لبنانية.
8 ملايين مقسمة على 22300 ليرة (سعر منصة صيرفة حالياً) = 358 فريش دولار.

ويتغير حجم المبلغ النهائي بتغير سعر منصة صيرفة الذي يمكن أن ينخفض في حال انخفاض سعر صرف الدولار الاميركي في السوق السوداء. فكلما انخفض سعر منصة صيرفة كلما ارتفعت قيمة المبلغ والعكس صحيح وفقًا للمثل التالي:

 اذا افترضنا أن سعر منصة صيرفة انخفض الى 20 ألف ليرة للدولار الواحد تكون الحسبة كما يلي:

8 ملايين ليرة مقسمة على 20000 ليرة = 400 فريش دولار.

2 - اذا افترضنا أن راتب أحد الموظفين يبلغ 4 ملايين ليرة لبنانية تكون الحسبة كما يلي:

4 ملايين مقسمة على 22300 (سعر منصة صيرفة الحالي) = حوالي 180 فريش دولار.

على أن يتغير حجم المبلغ النهائي حسب تغير سعر منصة صيرفة.

حجم الاستفادة بالنسبة للمودعين

 بقراءة معمقة لهذا التعميم بوضعه الحالي يتضح لنا أن المصرف المركزي يثبت مبدأ الهيركات بنسبة تصل الى حوالي 70 % من قيمة الودائع وفقًا لسعر الصرف في السوق السوداء. بالتالي، رغم بعض الايجابيات الكامنة في حصول المودع على فريش دولار بدل الليرة، إلا أن القيمة ما زالت متدنية جدًا بالنسبة للسعر الحقيقي للدولار الأميركي في السوق. ويُستنتَج أن المصرف المركزي يسعى الى تثبيت عملية هيركات مقنعة ولكن هذه المرة بأشكال مختلفة من أجل تشجيع المودعين على سحب ودائعهم الدولارية بأرقام متدنية جدًا مما يصب في مصلحة اطفاء الخسائر عن كاهل المصرف المركزي والمصارف التجارية. علمًا أن هذا التعميم تنتهي صلاحيته في نهاية هذا الشهر إلا اذا قرر المصرف المركزي تمديده وهو المتوقع لما في ذلك من مصلحة له ومصلحة للمصارف التجارية.

تأثير التعميم على سعر صرف الدولار في السوق الموازي

من ناحية سعر الصرف ان لهذا التعميم ان استمر لفترة طويلة بعض الايجابيات على السوق لانه يوسع من حجم الكتلة النقدية الدولارية المتداولة في السوق بعد تسليمها للمودعين مما يخفف من حجم الطلب على الدولار في السوق وخاصة أنه يسمح للشركات والمؤسسات التجارية بأن تسدد التزاماتها للمصارف على سعر 8000 ليرة مما يخفف بعض حاجتها للفريش دولار من السوق. ولكن هذا التعميم لن يحقق نتائج طويلة الأمد اذا استمر المصرف المركزي في طباعته لليرة اللبنانية وضخها في الأسواق عبر شركات تحويل الأموال بأرقام كبيرة علمًا أنه يوجد في لبنان 1200 مركز لتحويل الأموال يحصل كل منها يوميًا على أكثر من مليار ليرة من أجل سحب الدولار من السوق عبر ضخ الليرة مما يثبت مفهومًا واضحًا وهو أنه إذا لم يتوقف ضخ الليرة بكميات كبيرة فإن التعميم لن يحقق الهدف المعلن المراد منه اذا كان فعلاً توجد نية حقيقية من قبل المركزي لضبط سعر صرف الدولار، والأيام القليلة القادمة ستوضح مدى جديته التي نشكك بها وفقًا لمخططات المركزي باطفاء الخسائر على حساب المواطن والمودع.

إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات