آراء وتحليلات
افغانستان بورصة لاسهم شركات السلاح: أرباح خيالية لجنرالات الحرب الاميركيين
د. علي دربج - باحث ومحاضر جامعي
في الوقت الذي تنقسم فيه آراء الدول والخبراء ومراكز الفكر والدراسات والقادة السياسيين والعسكريين ووسائل الاعلام، حول توصيف ما حدث في أفغانستان، هل هو نصر لطالبان، أم هزيمة لأميركا، يجلس في الولايات المتحدة عدد من قادة الحرب الكبار وجلّهم من المؤثرين في مواقع القرار والمرتبطين بالشركات المصنّعة للاسلحة، يتأملون بصمت وهم يشاهدون هذا الانقسام. ربما يطلقون العنان لضحكاتهم طولا، كيف لا والحروب ومنها اجتياح افغانستان، كانت بالنسبة لهم مجرد صفقة رابحة جنوا من خلالها أموال طائلة، على حساب عذابات ودماء وقهر الشعب الافغاني.
وحدهم هؤلاء القادة الأميركيون، خرجوا من حرب أفغانستان غانمين سالمين، أما قتلى عناصرهم في الجيش الأميركي وهم بالآلاف، فيكفي بنظرهم خطاب التمجيد ببطولاتهم وتضحياتهم الذي جرى توجيهه لهم خلال مواراتهم في الثرى، وبضعة أوسمة منحت لعائلاتهم أو أراملهم لتعليقها على جدران منازلهم فضلًا عن معاش رمزي، فيما الجرحى يرمى اليهم بفتات قليل من خزائن أموالهم، وثم يجرى من بعدها استذكار تفانيهم في خدمة اميركا من قبل الرؤساء واعضاء الكونغرس أثناء حملاتهم الانتخابية.
ولأن جنرالات الحرب لم ينسوا آلاف المدنيين الأفغان من أطفال وشيوخ ونساء الذين سحقتهم آلتهم الحربية، فقد عهدوا بأمرهم (اي الضحايا)، الى ملائكة الانسانية الانتقائين، من منظمات حقوق الانسان، والمتحدثين باسم الخارجية الأميركية، الذين لم يفتهم أن تتخلل بياناتهم أشد عبارات الأسف، وإن فاض كرمهم، زادوا الجرعة لتصل الى الاعتذار من أهالي هؤلاء المظلومين الافغان.
إذا كنت قد اشتريت اسهما مالية بقيمة 10,000 دولار مقسمة بالتساوي بين أكبر خمسة مقاولين دفاعيين في أميركا في 18 أيلول 2001 - وهو اليوم الذي وقّع فيه الرئيس جورج دبليو بوش على تفويض باستخدام القوة العسكرية ردا على هجمات 11 سبتمبر الإرهابية – واعيد اليك استثمار جميع الأرباح بأمانة، فإن قيمتها الآن تبلغ 97,295 الف دولار.
يعد هذا العائد أكبر بكثير مما كان متاحًا في سوق الأوراق المالية خلال الفترة ذاتها.
بمعنى أوضح، إن شركات الإنتاج العسكري في الولايات المتحدة، حققت خلال حربها على أفغانستان أرباحًا مالية خيالية على مدى عشرين عامًا. فعلى سبيل المثال من اشترى في 18 ايلول أسهمًا بقيمة 10 آلاف دولار مقسمة بالتساوي بين هؤلاء المقاولين الخمسة (أي ٢٠٠٠$ لكل شركة دفاعية) يبلغ إجمالي الأرباح التي حققها هذا الاستثمار بعد مرور عشرين عامًا ما يربو على ٩٧ ألف $. في الحقيقة هذا العائد يفوق بكثير العوائد المتاحة في الأسواق المالية خلال الفترة ذاتها تقريبا. أي إن أداء أسهم الدفاع فاق أداء سوق الأسهم بشكل عام بنسبة 58 في المائة خلال حرب أفغانستان.
علاوة على ذلك، نظرًا لأن أكبر خمس شركات دفاعية - Boeing و Raytheon و Lockheed Martin و Northrop Grumman و General Dynamics - هي بالطبع جزء من مؤشر ستاندرد آند بورز500 S&P ، فإن الشركات المتبقية حققت عائدات أقل من إجمالي عائدات المؤشر بورز.
تشير هذه الأرقام إلى أنه من الخطأ الاستنتاج أن استيلاء طالبان الفوري على أفغانستان بعد رحيل الولايات المتحدة يعني أن حرب أفغانستان كانت فاشلة. على العكس من ذلك، من وجهة نظر بعض أقوى الأشخاص في الولايات المتحدة، فقد يكون هذا نجاحًا غير عادي. والجدير بالذكر أن مجالس إدارة جميع المتعاقدين الدفاعيين الخمسة تضم ضباطًا عسكريين متقاعدين رفيعي المستوى.
تناول العديد من المعلقين هذه الديناميكية في الفيلم الوثائقي لعام 2005 "لماذا نقاتل" حول تحذير أصدره الرئيس دوايت أيزنهاور بشأن المجمع الصناعي العسكري. يقول المتعاقد السابق لوكالة المخابرات المركزية والأكاديمي تشالمرز جونسون: "أضمن لك، عندما تصبح الحرب مربحة، سترى المزيد منها".
بدروره، يقول اللفتنانت كولونيل متقاعد بالقوات الجوية إن "الأمريكيين الذين لديهم ابن أو ابنة وسيتم نشرهم في دولة ما، سينظرون إلى التكلفة والعائد، ويقولون: لا نعتقد أن هذا أمر جيد. ولكن وعندما يفهم السياسيون العقود، والعقود المستقبلية (اي عقود السلام) وينظرون إلى الحرب، فإنهم يكون لديهم تحليل مختلف للتكلفة والعائد".
"وفقا لصحيفة ذي إنترسبت الأميركية" هذه هي النتائج المحددة للمقاولين المعنيين منذ سبتمبر 2001. جميعهم باستثناء شركة "بوينج" يتلقون الغالبية العظمى من عائداتهم من الحكومة الأميركية.
اليكم أرباح أهم خمسة أرصدة لمقاولي الصناعات العسكرية الأميركية:
العائد الإجمالي: 872.94 بالمائة
10000 دولار أمريكي لشراء الأسهم لعام 2001، (2000 دولار أمريكي لكل سهم) اصبحت اليوم: 97.294.80 دولار أميركي
شركة "بوينغ" Boeing
العائد الإجمالي: 974.97 بالمائة
العائد السنوي: 12.67 بالمائة
10000 دولار لشراء الأسهم في عام 2001، اضحت اليوم: 107.588.47 دولارًا أميركيًا
يضم مجلس الإدارة للشركة: إدموند بي جيامباستياني جونيور (نائب الرئيس السابق، هيئة الأركان المشتركة)، ستايس دي هاريس (المفتش العام السابق للقوات الجوية)، جون إم ريتشاردسون (قائد البحرية السابق للعمليات البحرية).
شركة ريثيون Raytheon
العائد الإجمالي: 331.49 بالمائة
العائد السنوي: 7.62 بالمائة
10000 دولار لشراء الأسهم في عام 2001، باتت اليوم: 43,166.92 دولارًا أميركيًا
يضم مجلس ادارة الشركة: إلين باوليكوفسكي (جنرال متقاعد بالقوات الجوية) ، جيمس وينيفيلد جونيور (أميرال بحري متقاعد)، روبرت وورك (نائب وزير الحرب السابق)
لوكهيد مارتن Lockheed Martin
العائد الإجمالي: 1،235.60 في المئة
العائد السنوي: 13.90 بالمائة
10000 دولار لشراء الأسهم في عام 2001، اضحت اليوم: 133.559.21 دولارًا أميركيًا
يضم مجلس إدارة الشركة: بروس كارلسون (جنرال متقاعد بالقوات الجوية)، جوزيف دانفورد جونيور (جنرال متقاعد من مشاة البحرية).
شركة جنرال ديناميك General Dynamics
العائد الإجمالي: 625.37 بالمائة
العائد السنوي: 10.46 بالمائة
10000 دولار لشراء الأسهم في عام 2001، أصبحت اليوم: 72.515.58 دولارًا أميركيًا
يتألف مجلس ادارتها من: رودي دي ليون (نائب وزير الحرب السابق)، جيمس ماتيس (وزير الحرب السابق وعميد بحري سابق في مشاة البحرية) ، بيتر وول (جنرال بريطاني متقاعد)
نورثروب غرومانNorthrop Grumman
العائد الاجمالي: 1,196.14 بالمائة
العائد السنوي: 13.73 في المائة
$10,000 شراء الأسهم في العام 2001، تبلغ قيمتها اليوم: 129,644.84
دولارا اميركا
يشمل مجلس الادارة للشركة كلا من: غاري روجيد (متقاعد البحرية الأدميرال)، مارك ويلش الثالث (متقاعد القوات الجوية العامة)
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
21/11/2024
خطاب الأمين: قوةٌ وتمكين ونصرٌ وتطمين
19/11/2024