معركة أولي البأس

آراء وتحليلات

اهتمام أميركي ـ فرنسي بلبنان وبدائل قبل الهاوية
05/06/2021

اهتمام أميركي ـ فرنسي بلبنان وبدائل قبل الهاوية

سركيس ابوزيد

بعد وصول الرئيس جو بايدن الى البيت الابيض، سادت توقعات بأن الاهتمام الاميركي بالملف اللبناني سيصبح في أدنى مستوياته، وأن لبنان لا يشكل أولوية في حسابات الادارة الجديدة التي تركز على إيران ومسألة العودة الى الاتفاق النووي وتهمل كل الملفات والقضايا الاخرى في الشرق الأوسط. ولكن ما جرى من وقائع وما رصد من مؤشرات أولية يخالف هذه التوقعات ويدل على أن الملف اللبناني مدرج على أجندة الادارة الاميركية، بنسبة تفوق ما كان عليه الحال أيام الرئيس ترامب. وهذا ما تأكد من خلال مبادرات وخطوات على المستويين السياسي والعسكري، صدرت من الكونغرس والبنتاغون في غضون أسابيع معدودة:

1ـ تلقى وزير الخارجية الاميركية مؤخرا رسالة موقعة من 25 نائبا في الكونغرس يحثون فيها الرئيس بايدن على اتخاذ خطوات طارئة  للحيلولة دون تدهور الوضع أكثر. وأعربوا فيها عن قلقهم الشديد من الازمات الاقتصادية والسياسية التي تشهد تفاقما كبير، مما يخلق تهديدات حقيقية وواضحة على المنطقة أجمع. وطرح النواب أربع خطوات تحتاج الولايات المتحدة الى اعتمادها لحلحلة الازمة في لبنان، وهي: الدفع نحو إنشاء مجموعة دولية على غرار مجموعة "أصدقاء لبنان" تضم فرنسا وغيرها من الحلفاء الدوليين، والبدء فورا في تقديم مساعدات إنسانية مباشرة، وتوفير مزيد من المساعدات للجيش، ودعوة الخارجية الاميركية بشكل علني الى إجراء تحقيق دولي ومستقل في تفجير مرفأ بيروت.

2ـ كشف الجنرال ديوك بيراك مؤخرا، وهو نائب مدير الاستراتيجية والخطط والسياسات في القيادة الاميركية الوسطى "السينتكوم"، أن الجيش الاميركي سيقوم بأكبر تدريبات عسكرية برية وبحرية وجوية مشتركة مع الجيش اللبناني وهي الاضخم في تاريخ لبنان في الفترة المقبلة. وجاء ذلك خلال مشاركته في منتدى حواري افتراضي عن لبنان عقده "معهد الشرق الأوسط" في واشنطن، أجراه على مدى أيام عدة، وشارك فيه عدد من الخبراء والمسؤولين الاميركيين المدنيين والعسكريين وخبراء ومختصون في الشأن اللبناني. وقال بيراك إن الولايات المتحدة تبذل جهودا كبيرة للحفاظ على العلاقة والتعاون مع الجيش اللبناني في ظل الظروف الصعبة التي يواجهها لبنان في هذه الفترة.
 
3ـ بدأ التحضير في الكابيتول هيل في واشنطن لجلسة مخصصة لعرض الوضع في لبنان. وكان من المفترض أن تبدأ هذه الحركة بعد الانتهاء من المفاوضات الاميركية ـ الايرانية حول الملف النووي، لكن الخطر الذي بات يطال مصير لبنان قد يكون الدافع وراء اختصار الوقت. ويُحكى عن التحضير لجلسة استماع تضم لجنتي العلاقات الخارجية في كل من مجلسي الشيوخ والنواب، مخصصة للاوضاع اللبنانية فقط.

4 ـ تدور اتصالات بين الادارة الاميركية ومجموعات لبنانية ناشطة وفاعلة في واشنطن لتحضير زيارة يقوم بها البطريرك بشارة الراعي في النصف الثاني من العام الجاري  للقاء الرئيس جو بايدن في البيت الابيض.

تقرير بريطاني: لبنان قنبلة موقوتة

نشر موقع "ميدل إيست آي" البريطاني مقالا يحذر العالم، خصوصا الدول السبع الكبرى، من تجاهل لبنان الذي وصفه بأنه قنبلة موقوتة على وشك الانفجار. وتساءل كاتب المقال ماركو كارنيلوس الدبلوماسي الايطالي السابق ومبعوث بلاده للسلام في سوريا والشرق الاوسط: هل سيتصرف المجتمع الدولي مرة واحدة بطريقة استباقية، قبل اندلاع أزمة جديدة، ويدعم طرائق بديلة لنزع فتيل إنفجار آخر في الشرق الأوسط؟

ولفت كارنيلوس إلى أن لبنان يواصل الانزلاق نحو الهاوية، قائلا إنه "كان من المفترض أن يؤدي الشلل السياسي في تشكيل حكومة جديدة بلبنان والانهيار المالي والزيادة الدرامية في معدلات الفقر، إلى إيقاظ  العالم لكن يبدو أن هذه الدول تتجاهل حقيقة أن لبنان يستضيف مئات الالاف من اللاجئين السوريين والفلسطينيين، وإذا انهارت الدولة  من المحتمل أن يتجهوا نحو أوروبا".

وأضاف: "اضطلعت فرنسا بدور قيادي في محاولة لمساعدة لبنان على طي صفحة تاريخه الحديث المضطرب، وزار الرئيس إيمانويل ماكرون البلاد مرتين وتحدث بحزم، لكن لم يحدث داخل المجتمع اللبناني أي تغيير". وتابع: "يبدو أن لبنان بحاجة إلى خيارات جديدة لرئاسة الوزراء، وقبل كل شيء، التفكير خارج الصندوق".

فلبنان، بحسب الكاتب، بحاجة إلى شخص من خارج الكتل السياسية التقليدية، مستقل، وليس له مصالح تجارية داخل البلاد، وفوق ذلك كله، شخص بمنأى عن السياسات الفاسدة الماضية التي أوصلت لبنان إلى حافة الهاوية.  

البدائل الفرنسية

خلية الاليزيه الموكلة بالملف اللبناني بدأت تفتش عن بدائل وسمع الرئس الحريري منها كلاما عن رغبة فرنسية في حكومة انتخابات، خاصة بعد استنفاد كل المحاولات.

معلومات أخرى نقلتها أوساط الحريري مفادها أنه سمع "جس نبض" فرنسي حيال موقفه من قائد الجيش العماد جوزف عون، حيث بات يرى فيه الفرنسيون خيارا مطروحا كبديل عن أي فراغ رئاسي محتمل، كما سمع كلاما واضحا عن دور محوري له في منع أي فوضى محتملة إذا ما حصل انفلات أمني بات غير مستبعد في حال بقاء الانسداد السياسي في البلاد. ووفقا للمعلومات، تحدث الحريري عن اهتمام فرنسي مستجد بقائد الجيش العماد جوزف عون، ووفقا لزواره فقد تحدث إليه مسؤولون رفيعون في الادارة الفرنسية حيال دوره المستقبلي في البلاد، وفهم أن الادارة الفرنسية تعلق آمالا كبيرة على دوره كقائد للجيش وكذلك كمرشح طبيعي محتمل لرئاسة الجمهورية. وكان  لافتا تأكيد الرئيس المكلف أن باريس تعول على دور القيادة العسكرية في المرحلة المقبلة في ظل وجود قلق جدي من انفلات أمني في البلاد إذا ما استمر الانسداد السياسي.

وفي هذا السياق، تلفت أوساط سياسية مطلعة الى أن إشاعة هذه الاجواء في بيروت ربما تهدف الى إرسال رسالة واضحة من الحريري الى بعبدا بأنه لم يعد مستعدا للدخول بأي تسوية من ضمنها الانتخابات الرئاسية المقبلة، وهو لديه خيارات أخرى باتت مدعومة دوليا، ولهذا يعمل على التسويق لاحتمال الرهان على قائد الجيش في المرحلة المقبلة.

لبنان في سباق بين تسوية سياسية يديرها الرئيس نبيه بري من اجل تشكيل حكومة انقاذ او الدخول في مغامرات غير محسوبة وفوضى مخربة وبدائل غربية مشبوهة.

سعد الحريري

إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات