آراء وتحليلات
بين تفجيري الأهواز وبلوشستان .. فتش عن "المراقبة" الأميركية لإيران
شارل أبي نادر
استهدف هجوم انتحاري ارهابي حافلة تُقل عناصر من الحرس الثوري الإيراني، جنوب شرق ايران، على الطريق بين بلدتي خاش وزهدان في مقاطعة سيستان بلوشستان، الأربعاء 13 شباط/فبراير، واستشهد بنتيجته ما لا يقل عن 27 عنصراً، وقد تبنت الهجوم مجموعة متشددة تُصّنِفها السلطات الايرانية بأنها "إرهابية" .
طبعا ليست المرة الأولى التي تُستهدف فيها ايران بعمل إرهابي، فهي تتعرض لمسلسل واسع من هذا النوع من العمليات الإرهابية، وحيث إن أغلب دول المنطقة تعيش أجواء الإرهاب ومواجهته، فإن ظروف ومعطيات هذه العملية الأخيرة جنوب شرق ايران، والتي تشترك في كثير من العناصر والمعطيات مع العملية الارهابية التي استهدفت منطقة الاهواز جنوب غرب ايران في أواخر شهر ايلول/ سبتمبر من العام 2018 المنصرم، تحمل الكثير من التساؤلات التي لا يمكن تجاوزها، ويمكن تحديدها بالتالي:
عملية الأهواز الارهابية التي حصلت في ايلول/ سبتمبر الماضي خلال احتفال عسكري نظمته وحدات من الدفاع الشعبي ومن الحرس الثوري، في منطقة طالما كان لها حساسيتها تاريخياً وجغرافياً وشعبياً، وفي نهاية فترة فاشلة من الضغوط الاميركية والاقليمية على الداخل الايراني.
بعد الفشل في تحريك الشارع الايراني نحو اضطرابات داخلية تؤسس لانقلاب على النظام، والذي تَواكَب ايضا حينها مع ضغوط دولية قاسية على ايران، قادتها الولايات المتحدة الاميركية، اقتصاديا واعلاميا وديبلوماسيا، بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي، وفشلت ايضا في استهداف تماسك نظام الحكم والمؤسسات في الجمهورية الاسلامية الايرانية، جاءت عملية الاهواز الارهابية، والتي استهدفت عرضا عسكرياً، لتشكل رسالة أميركية دقيقة، في اختيار الهدف بما يمثل من قوة للنظام الايراني، وبما يمثل ميدانه من حساسية أمنية وشعبية في ايران.
عملية الأمس في بلوشستان الايرانية، أصابت مجموعة عسكرية من الحرس الثوري، كانت تقوم بمهمة مراقبة وحماية وحراسة على الحدود الجنوبية الشرقية مع باكستان، وايضا في منطقة حساسة، طالما كانت مسرحا لعمليات ارهابية مصدرها بلوشستان ـ الباكستانية الحدودية، وايضا من قبل مجموعة متشددة، لها امتداد ونشاط ارهابي مشترك بين باكستان وايران، دائماً كانت تتحرك غب الطلب في توقيتات مشبوهة، طالما ارتبطت مع ضغوط خارجية واقليمية على طهران.
أيضاً تزامنت عملية الأمس الارهابية في بلوشستان ايران، مع نهاية احتفالات الاربعين للثورة الاسلامية الايرانية، حيث تقف الاخيرة اليوم وبعد اربعين عاما من التحديات، متماسكة وقوية بوجه تحالف واسع من الدول الغربية والاقليمية، وليتوج هذا الاستهداف الدولي المُتعَثِّر للثورة الاسلامية الايرانية، بفشلٍ واضح ومُقَدّر ومُستَنتَج لمؤتمر "وارسو" الذي ينعقد في بولندا ضد ايران.
انطلاقاً من المعطيات المشتركة للعمليتين الارهابيتين، في الأهواز سابقا وفي بلوشستان بالامس، وللظروف والأهداف التي رافقت كلٍّاً منهما، ولمستوى الاستهدافين وطبيعتهما الارهابية المحترفة، في إدخال وتجهيز شاحنة صغيرة مُحمَّلة بمئات الكيلوغرامات من المواد المتفجرة وفي بقعة شبه عسكرية (عملية بلوشستان)، أو في توجيه ودعم وزَجّ مجموعة من الارهابيين المنظمين أصحاب الخبرة والجرأة، لاستهداف عرض عسكري، من المفترض أنه يتمتع بدرجة معقولة من الحماية الأمنية (عملية الأهواز)، لا يمكن وضعهما (العمليتين) الا في خانة العمل الارهابي الدولي المُنَظَّم، وليس في خانة العمل الارهابي الفردي الذي تقوم به مجموعة متشددة مُشرَّدة بين حدود باكستان وايران وفي بقعة جغرافية وعرة.
من هنا، واذا عدنا الى التصريح الأخير للرئيس الاميركي دونالد ترامب والذي حدد فيه أن السبب الرئيس من بقاء قواته في العراق هو مراقبة ايران، مع معرفة جميع المتابعين أن الوحدات العسكرية الاميركية تملك قدرة ضخمة في الاتصالات والمراقبة الجوية والارضية والرصد والتنصت، وهذه القدرات كافية بالمبدأ لـ"تراقب" ايران من أمكنة أبعد بكثير من العراق، فهل كان يقصد ضمنياً (وقد تسرع في كلامه طبعا وربما هذا من أسباب اشتباكه مع مخابراته)، أن هذا النوع من المراقبة لايران هو عمليا يدخل ضمن العمل الارهابي الدولي المنظم، والذي يحتاج الى نقطة ارتكاز وتوجيه قريبة من ايران، تكون بمستوى الأهداف التي يعمل عليها، ومنها بالأساس هذه العمليات الارهابية في المنطقة، والتي تشبه عمليتي الأهواز وبلوشستان في ايران؟
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
12/11/2024
حسابات حقول العدوان وبيادر الميدان
11/11/2024