آراء وتحليلات
تونس.. حوار وطني جديد لحل الأزمة السياسية
تونس – روعة قاسم
مع تصاعد وتيرة الأزمة السياسية في تونس على خلفية التحوير الوزاري بين رئاستي الحكومة والجمهورية ووصول البلاد الى طريق مسدود مع كل ما يحمله ذلك من أخطار، تجددت الدعوات من المنظمات الوطنية والفاعلين التونسيين لتوحيد الجهود والضغط من أجل ايجاد مخرج للأزمة الراهنة.
أولى الدعوات انطلقت من الاتحاد العام التونسي للشغل، هذه المنظمة الوطنية العريقة التي لها جذور وطنية وإرث تاريخي في الدفاع عن حقوق العمال في تونس ولطالما كانت سدًا منيعًا لحماية استقرار البلاد، وانضمت للقافلة كذلك الهيئات الوطنية التي كانت راعية للحوار الوطني الذي شهدته البلاد في صائفة 2013. فقد كشف عميد الهيئة الوطنية للمحامين ابراهيم بودربالة في تصريح صحفي أن الرباعي الراعي للحوار الوطني الممثل في الاتحاد العام التونسي للشغل ومنظمة الأعراف والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان والهيئة الوطنية للمحامين إضافة الى اتحاد الفلاحة سيجتمع قريبًا لتقديم ملامح مبادرة سيتم التقدم بها لحل الأزمة في تونس.
وجاء الإعلان عن هذه المبادرة الجديدة بعد سلسلة لقاءات أجراها رئيس الجمهورية مع عدد من الفاعلين في تونس مثل اتحاد المرأة والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان وغيرهما. فمع تعنت كل طرف في الدفاع عن قراءته الدستورية فيما يتعلق بالتحوير الوزاري الأخير، يبدو أن اللجوء الى طاولة الحوار برعاية المنظمات الوطنية الكبرى هو أولوية لا مفر منها للخروج بالبلاد من عنق الزجاجة.
يشار الى أن الرباعي الراعي للحوار سبق أن حصل على جائزة نوبل للسلام عن دوره في إحلال الاستقرار في تونس بعد سنوات عاتية من الصراعات السياسية والتقلبات الأمنية التي وضعت البلاد في سنتي 2013 و 2014 تحت جمر الإرهاب. واليوم يراد لهذه التجربة الاستثنائية الهامة أن تتكرر رغم اختلاف الظروف السياسية بين أزمتي 2013 و2014 وبين الأزمة الراهنة واختلاف المتدخلين السياسيين في الصراع الذي كان يدور بين قطبي الحكم آنذاك أي حزب "نداء تونس" و"حركة النهضة"، فالصراع اليوم هو بين رئيس البرلمان وزعيم حركة "النهضة" الداعم بدوره لرئيس الحكومة من جهة ورئيس الجمهورية من جهة أخرى.
قراءات عديدة قدمت لحل الأزمة المستعصية من بينها دعوة رئيس الحكومة هشام المشيشي أو رئيس مجلس النواب الى الاستقالة، أو استقالة الوزراء الجدد الذين تحيط بهم شبهات فساد ويرفض رئيس الجمهورية قيس سعيد استقبالهم لأداء اليمين الدستورية. لكن مع إصرار وتعنت فرقاء الصراع فلا حلّ أمام التونسيين اليوم سوى الانخراط في نسخة جديدة من حوار وطني شامل ترعاه المنظمات الوطنية الكبرى ويتم تحكيم العقلاء خلاله لإنقاذ البلاد من محنتها وتخبطها الحالي. فالخاسر الأكبر من كل هذا الاحتراب السياسي هي مؤسسات الدولة التي تفقد يومًا بعد يوم قيمتها ودورها وسط أطماع خارجية للاستحواذ عليها من باب "الخوصصة".. وهذا السيناريو بدأ يطل برأسه من خلال شركة "الخطوط الجوية التونسية" وهي إحدى أكبر الشركات الوطنية التي تملكها الدولة، وسط حديث عن محاولات تركية لوضع اليد عليها بعد ربط كل حسابات الشركة بحجة الديون التي تلقى على كاهل هذه المؤسسة العريقة أو "الغزالة" كما يحلو للتونسيين تسميتها.
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
23/11/2024
لماذا تعرقل واشنطن و"تل أبيب" تسليح العراق؟
21/11/2024