آراء وتحليلات
ليبيا: انتخاب السلطة التنفيذية الجديدة.. منعطف في مسار الأزمة
تونس ـ روعة قاسم
يُشّكل انتخاب سلطة تنفيذية جديدة في ليبيا نقلة نوعية في المسار التفاوضي وذلك بعد سنوات على انطلاق الحوار الليبي برعاية أممية، والذي شهدت أطواره أكثر من عاصمة حول العالم. وتمّ اختيار عبد الحميد دبيبة ليكون رئيسا للوزراء ومحمد يونس رئيسا للمجلس الرئاسي، وموسى الكوني وعبد الله حسين اللافي، كعضوين في المجلس. وأمام رئيس الوزراء الجديد 21 يوما ليقدم تشكيلته الحكومية الى مجلس النواب لنيل الثقة واذا تعذر ذلك فسيتعين عليه تقديمها لملتقى الحوار السياسي.
مهام وتحديات عديدة
لقيت هذه السلطة التنفيذية الجديدة ترحيبا إقليميا ودوليا وسط آمال وتطلعات بأن تنهي الانقسام الحاصل في ليبيا، سواء على المستوى السياسي او الاقتصادي او العسكري. فالمعضلة الأهم التي تواجه ليبيا منذ سنوات هو الصراع المسلح ووجود سلطتين تتنازعان على السلطة في الشرق والغرب. وهذا ما أفسح المجال لأكبر تدخلات خارجية عرفتها المنطقة في هذا البلد.
ولعل من أهم المهام المنوطة بالحكومة الجديدة هو تنظيم الانتخابات في هذا العام إضافة الى الاستفتاء على دستور جديد للبلاد. وهذا لا يمكن ان يتحقق بنجاعة في ظل مناخ أمني متوتر وفي ظل سيطرة الميليشيات المتقاتلة من كل حدب وصوب مع كل ما يعنيه ذلك من تأثيرات. لذلك فان السؤال الذي يطرح نفسه هو هل ستقبل الميليشيات المتقاتلة بتسليم السلاح الى السلطة الجديدة المنتخبة؟ وهل سينجح اتفاق جنيف والحكومة الجديدة المتمخضة عنه في ما فشل فيه اتفاق الصخيرات وحكومة السراج؟ وهل ان الدعم الذي تلقاه دبيبة من المجتمع الدولي كفيل بحل كل هذه العثرات؟.
المعلوم ان دبيبة الحائز على دعم مصراتة مسقط رأسه، هو رجل أعمال بامتياز لذلك فان المشروع الذي يحمله سيكون اقتصاديا بالدرجة الأولى. ويرى عدد من المراقبين ان مساحة تحرك الرجل لن تكون في الأمور العسكرية والأمنية بل الاقتصادية فحسب، وان مهمته الأساسية ستكون تأمين حظوظ الدول المؤثرة في النزاع الليبي من اقتسام عقود النفط والاستحواذ على عقود اعادة الاعمار وابرام شراكات اقتصادية وصفقات في هذا الاتجاه او ذاك. فتكليف رجل اقتصادي لإدارة مرحلة انتقالية شديدة الحساسية في ليبيا يؤشر الى الأهداف التي وضعت من أجلها هذه الحكومة حتى قبل انتخابها.
المعطى الأمني
والخوف الأكبر اليوم يتأتى من المعطى الأمني ومن يتحكم به، اذ يرى البعض ان قرار الحرب والسلم لن يكون بيد الليبيين أنفسهم بل بيد الأطراف الخارجية المؤثرة في الصراع والمحركة للأزمة الليبية بحسب أهوائها ومصالحها وليس بحسب مصالح الليبيين. والمعضلة الأخرى التي تواجه دبيبة هو مدى رضوخ الميليشيات الأجنبية والداعمين لتواجدها في ليبيا خاصة تركيا الى القرار الصادر مؤخرا عن مجلس الامن والذي يدعو الى سحب المرتزقة من ليبيا. علما ان انقرة وحدها جلبت آلاف الارهابيين من سوريا الى الساحة الليبية لتأمين مصالحها وخلط الأوراق في المشهد الليبي.
يشار الى ان البرلمان التركي كان قد صوّت أيضا العام الماضي على تمديد المهمة العسكرية للقوات التركية لمدة عام وهو ما يعني ضمنيا انه ليست لدى انقرة نية لسحب قواتها العسكرية ومرتزقتها من الأراضي الليبية. فتركيا تمكنت من فرض الأمر الواقع ببلد عمر المختار بضوء اخضر امريكي، ونجحت بسبب هذا الدعم الأمريكي في الحصول على مكاسب عسكرية جمّة فسيطرت على قاعدة الوطية الجوية الاستراتيجية القريبة من الحدود التونسية إضافة الى القاعدة البحرية في طرابلس فضلا عن المقاتلين التابعين لتركيا والمنتشرين بين مصراتة والطريق الى سرت.
أمام كل هذه الوقائع يبدو أن حسم المسار السياسي وطيّ صفحة الأزمة الليبية لن يتحقق فقط بسلطة تنفيذية جديدة موكلة بمهام محددة، بل بقرار دولي بسحب كل القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا.
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
23/11/2024
لماذا تعرقل واشنطن و"تل أبيب" تسليح العراق؟
21/11/2024