آراء وتحليلات
إيران الثورة: صمود وقوة واستقلال
العهد - مختار حداد
أحد أهم انجازات الثورة الاسلامية في ايران كان إخراج البلاد من التبعية الخارجية والوصول الى الاستقلال في جميع المجالات، مما جعل ايران الثورة اليوم دولة مستقلة ونموذجًا حقيقيًا لشعار الثورة "لا شرقية ولا غربية جمهورية اسلامية"، وهذا ما تعترف به كذلك المؤسسات الدولية ووسائل الاعلام الغربية.
سياسيًا، اختيار المسؤولين وتعيينهم هو حق مبدئي لأي شعب، ولكن كانت التبعية في عهد نظام الشاه البائد هي المعيار، فكان يتم اختيار السياسيين الذين كانوا على علاقة وثيقة مع الغرب لا سيما بريطانيا وأمريكا، من ملوك البهلوي وبقية رجال البلاط. وفي هذا الصدد تقول "الملكة البهلوية": أحيانًا كنت أقول لمحمد رضا "لماذا لا تطرد هولاء الرجال بالرغم من أنك تعلم أن هؤلاء الآباء خدام الأجانب؟"، فكان يقول الشاه: "ما هي فائدة طردهم؟ اذا طردتهم، سيضعون العشرات منهم حولي، يجب أن يبقى هولاء حتى تشعر الحكومات الغربية بالراحة لحسن تنفيذ الأمور في ايران".
كان هذا التأثير كبيرًا لدرجة أن يذكر حسين فردوست وهو صديق الشاه وأحد كبار المسؤولين في نظامه في جزء من مذكراته، تفاصيل لقائه مع ترات، رئيس المخابرات البريطانية في إيران، واستياءه من أن الشاه كان يستمع إلى الإذاعة الألمانية ويتابع أخبار الحرب العالمية الثانية من خلال الألمان وخرائطهم. ويقول فردوست "أنا عدت وتحدثت مع الشاه عن الموضوع وهو تفاجأ وتساءل كيف يعرف البريطانيون أنني أستمع إلى الاذاعة الألمانية؟ وقال لي غدًا اتصل بترات وأخبره أن الشاه مزق الخرائط وأنه لن يستمع الى أي اذاعة، ما عدا الاذاعات التي سيسمح باستماعها ترات".
وفقًا لتقرير مجلس الشيوخ الأمريكي آنذاك، ارتفع عدد المستشارين الأمريكيين في إيران من 16000 عام 1972 إلى 24000 عام 1976. وذكر تقرير مجلس الشيوخ أيضًا أن عدد الأمريكيين في إيران يجب أن يصل إلى 60.000 بحلول عام 1980، وذلك بواسطة المزيد من مشتريات الأسلحة من أمريكا.
أما بعد ظهور الثورة الاسلامية المباركة فقد انقطعت التبعية السياسية والعسكرية لأي دولة في العالم، وسمع العالم شعار إيران الاستراتيجي وهو شعار "لا غربية ولا شرقية جمهورية اسلامية".
ومع الجمهورية الإسلامية، لمس الشعب الإيراني المعنى الحقيقي للاستقلال في انتخاب المسؤولين والسياسيين في البلاد، ولم يسمح للأجانب بالتدخل في شؤونها السياسية.
الاستقلال كان المحور في علاقات إيران الخارجية. حسب اعتراف الغرب، تعتبر ايران اليوم الدولة الأكثر تأثيرًا في المنطقة وحتى في العالم، ووفقًا لتقرير " american interest" في عام 2017، تم الاعتراف بإيران باعتبارها القوة السابعة في العالم.
اقتصاديًا، كانت هناك أمثلة عديدة على اعتماد نظام الشاه البائد على الغرب، فكان يقول الجنرال ويليامسون، رئيس المجلس الاستشاري العسكري الأمريكي في إيران: "أعتقد أن العامين من 1971 إلى 1973 استغرقت مائتي عام، تفاوضت خلالها على 700 عقد بقيمة تقارب 4 مليارات دولار، كانت إيران مركزاً تجارياً جيداً. وهي بوفيه التجار و كان هذا البوفيه جيدًا جدًا وكانت الفوائد التجارية رائعة".
وكتب مايكل لدين (في أيام الشاه): "مقابل كل دولار تنفقه الولايات المتحدة على النفط الإيراني، يعيد الإيرانيون دولارين إلى أمريكا لشراء معدات عسكرية وسلع أخرى".
وكان نظام الشاه يمول البلاد عن طريق بيع النفط الخام، وكان متأثرًا جدًا بأسعار النفط والأسواق العالمية. أما الجمهورية الإسلامية فتمكنت من تقليل اعتمادها على النفط يومًا بعد يوم من خلال نهج مكافحة الاعتماد على النفط؛ واليوم ايران في صادراتها لا تعتمد على النفط فقط بل تصدر العديد من السلع والمنتجات للعالم، وهي في بعضها رائدة عالميًا، كما أصبحت ايران اليوم دولة ذات اكتفاء ذاتي في المجال الاقتصادي وهي تنتج معظم احتياجات البلاد بسواعد شبابها.
وايران دولة تمتلك الاستقلال في جميع المجالات ومنها الثقافية، فهي من الدول المؤثرة في المجال الثقافي في العالم وتمتلك مكانة مهمة في مجال الفن ومنها فن السينما الاخلاقي.
وفي المجال الدفاعي، تحولت ايران اليوم من دولة مستوردة للأسلحة الغربية أيام نظام الشاه البائد إلى دولة تنتج معظم احتياجتها الدفاعية ولديها قوة ردع وطنية، وأبرزها السلاح الصاروخي في مواجهة الأعداء.
واليوم، سياسة الاقتصاد المقاوم وكذلك مقاومة الشعب الايراني وصمود الثورة الاسلامية أمام غطرسة الاستكبار العالمي ألحقت هزيمة نكراء بسياسة الضغط القصوى والعقوبات الاقتصادية. ايران الثورة اليوم دولة ترفع راية الحرية والاستقلال في جميع المجالات. وذهب ترامب الى مزبلة التاريخ فيما تحتفل الثورة الاسلامية بقوة بعيدها الـ42.
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
23/11/2024
لماذا تعرقل واشنطن و"تل أبيب" تسليح العراق؟
21/11/2024