آراء وتحليلات
هل تبدو الانتخابات الأميركية عملية معقدة؟
د. علي مطر
تجرى الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة كل أربع سنوات كما ينص الدستور الأميركي. وتقام الانتخابات في يوم الثلاثاء ما بين الثاني إلى الثامن من تشرين الثاني/ نوفمبر، وتجرى في ذلك اليوم أيضا انتخابات لاختيار أعضاء مجلس النواب وثلث أعضاء مجلس الشيوخ، ومجالس الولايات والمجالس المحلية. وتبدو هذه الانتخابات عملية معقدة بالنسبة للكثيرين، فقد لا يكون المرشح الحاصل على أغلب الأصوات على المستوى الوطني في عموم البلاد هو الفائز بمنصب الرئيس فيها.
ولرئيس الولايات المتحدة الأمريكية تأثير كبير في كيفية استجابة العالم للأزمات الدولية، أمثال الحروب والأوبئة العالمية وتغير المناخ. لذلك عندما تجرى الانتخابات هناك كل أربع سنوات، نرى الكثير من الاهتمام العالمي بالنتيجة. ولكن قد لا يتوفر للكثيرين معرفة كيفية سير العملية الانتخابية المعقدة نسبيًا. فالرئيس الأمريكي لا ينتخب بشكل مباشر من الناخبين الأمريكيين، بل يجري انتخابه عبر ما يعرف بالمجمع الانتخابي، فكيف تتم العملية الانتخابية؟
تتم عملية انتخاب الرئيس الأميركي بشكل عام على مرحلتين:
1-انتخاب المرشح من كل من الحزبين الرئيسيين (الديموقراطي والجمهوري) عن طريق انتخابات أولية primary elections، إذ يجري الحزبان عادة انتخابات في كل ولاية يصوّت فيها عادة المنتمون للحزب، ثم يختار المرشح من كل حزب نائبًا له ويتم التصديق عليهما رسميا في مؤتمر الحزب.
2- المرحلة الثانية هي الانتخابات العامة التي يصوت فيها المواطنون الأميركيون للمندوبين الذين يدلون بأصواتهم لصالح أحد المرشحين.
وتكون الانتخابات الرئاسية الأميركية بشكل غير مباشر، فالمواطنون يصوتون في تصويت شعبي، غير أن مندوبي الكلية الانتخابية Electoral College هم الذين يختارون الرئيس، وهو ما يعرف بالمجمع الانتخابي. فالمرشح الذي يحصل على أكثر الأصوات الشعبية في ولاية معينة يحصل على عدد أصوات مندوبي الكلية الانتخابية Electors المخصصة لتلك الولاية والمتناسبة مع عدد سكان الولاية.
كيف تتشكل الكلية الانتخابية أو المجمع الانتخابي؟
وتتكون الكلية الانتخابية من 538 مندوبًا يصوتون رسميا على الرئيس ونائبه. وعدد المندوبين المخصص لكل ولاية يساوي عدد أعضاء مجلس نواب الولاية زائد عدد شيوخها، إضافة إلى ذلك يخصص ثلاثة مندوبين لمقاطعة كولومبيا التي تضم واشنطن العاصمة. هذا وقد لا يكون الفائز دائماً هو المرشح الذي يفوز بأغلب الأصوات على المستوى الوطني في عموم البلاد، وذلك ما حدث مع هيلاري كلينتون في عام 2016، بل يتنافس المرشحون للفوز بأصوات المجمع الانتخابي.
أما عملية اختيار مندوبي الكلية الانتخابية أنفسهم، فيسمح الدستور للنظام التشريعي في كل ولاية بأن يحدد كيفية اختيارهم. ومع أن مندوبي الكلية الانتخابية ليسوا مجبرين قانونيا على الالتزام بانتخاب المرشح الذي صوّت له غالبية المقترعين في الولاية، إلا أنهم يلتزمون بذلك في الغالب من الحالات، وهناك 24 ولاية تعاقب المندوبين عديمي الولاء faithless electors.
والمرشح الذي يفوز بالرئاسة هو الذي يحصل على 270 صوتًا من أصوات الكلية الانتخابية البالغة 538 مندوبًا. وفي حال عدم حصول أي من المرشحين على 270 صوتا، يتم اختيار الرئيس وفقا للتعديل الـ12 من الدستور الأميركي في اقتراع يجرى في مجلس النواب. وفي هذا التصويت يعطى لكل ولاية صوت واحد. ويجرى اقتراع آخر في مجلس الشيوخ لاختيار نائب الرئيس، وفي هذا الاقتراع يعطي لكل عضو من أعضاء مجلس الشيوخ صوت واحد. وقد جرى ذلك في عامي 1800 و1824.
وإذا لم يتم اختيار رئيس بحلول يوم تعيين الرئيس Inauguration Day في 20 كانون الثاني يناير، يقوم نائب الرئيس بأعمال الرئيس، وإذا لم يتم اختيار أي منهما بحلول ذلك اليوم، يقرر الكونغرس من سيقوم بأعمال الرئيس وفقا للتعديل الـ20 للدستور.
ما هي الولايات الأكثر تأثيراً؟
معظم الولايات تعطي جميع أصواتها الانتخابية للمرشح الذي يفوز بغالبية الأصوات الشعبية في الولاية، باستثناء ولايتي ماين ونبراسكا اللتين تعطيان صوتين انتخابيين للمرشح الذي يفوز بالأصوات الشعبية، وصوتًا انتخابيًا واحدًا للذي يفوز بكل مقاطعة انتخابية. وعلى بطاقة الاقتراع يختار المقترع مندوبي المرشح لا المرشح نفسه، أي إنه يصوت للمندوبين الذين وعدوا بانتخاب مرشح رئاسي معين.
أما الولايات الحاسمة في الانتخابات الأميركية فهي ولايات أساسية يحسم تصويتها بشكل مؤثر انتخاب المرشح لمنصب رئاسة أميركا. وتتميز -باعتبارها كتلة- بعدد ناخبيها الكبير في المجمع الانتخابي البالغ عددهم 538. وهذه الولايات هي ولاية فلوريدا، ولاية بنسلفانيا، ولاية أوهايو، ولاية كارولينا الشمالية، ولاية فيرجينيا، ولاية ميسوري، ولاية كولورادو، ولاية وسكونسن، ولاية آيوا، ولاية نيفادا، ولاية نيو مكسيكو، وولاية نيوهامشير. وتركز الإستراتيجيات الانتخابية للحزب الديمقراطي ومنافسه الجمهوري على ضمان انتصارات كافية في الولايات المؤيدة لها تاريخيا، والتي تسمى عادة "الولايات الآمنة" لكلا الحزبين، حيث تنعت تلك الموالية للديمقراطيين بـ "الولايات الزرقاء" في حين تسمى ولايات الجمهوريين بـ"الولايات الحمراء".
متى تظهر نتيجة الانتخابات؟
قد يستغرق إحصاء جميع الأصوات عدة أيام، ولكن عادةً ما يعرف الفائز بشكل أولي بحلول الساعات الأولى من صباح اليوم التالي.
في عام 2016، صعد دونالد ترامب إلى خشبة المسرح في نيويورك في حوالي الساعة الثالثة صباحاً لإلقاء خطاب النصر أمام حشد من المؤيدين المبتهجين.
ولكن يقول المسؤولون إنهم قد يضطرون إلى الانتظار لفترة أطول، قد تكون أياماً أو حتى أسابيع للحصول على نتيجة هذا العام بسبب الزيادة المتوقعة في بطاقات الاقتراع البريدية.
متى يتولى الفائز منصبه؟
ويؤدي الرئيس الجديد اليمين الدستورية رسمياً في 20 يناير/كانون الثاني في حفل تنصيب الرئيس وتسنمه مقاليد الرئاسة، والذي يقام على درجات مبنى الكابيتول (الكونغرس بمجلسيه) في العاصمة واشنطن.
وبعد الحفل، ينتقل الرئيس الجديد إلى البيت الأبيض لبدء دورة رئاسته التي تمتد لأربع سنوات.
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
23/11/2024
لماذا تعرقل واشنطن و"تل أبيب" تسليح العراق؟
21/11/2024