آراء وتحليلات
تونس: وضع سياسي متأزم وأزمة اقتصادية متفاقمة
تونس - روعة قاسم
لم يمنع الانتشار المطرد لوباء كورونا وتزايد حصيلة الإصابات والوفيات بشكل متسارع، الطبقة السياسية والحزبية في تونس من مواصلة نهج الخلافات السياسية. فمع افتتاح الدورة الثانية البرلمانية للسنة الحالية، عادت مشاهد التشنج وتبادل خطاب العنف والكراهية لتطفو على السطح مجددًا وتصل الى الرأي العام التونسي وسط حالة من اليأس للحال الذي وصل اليه البرلمان. فعوضًا عن الانشغال بوضع الخطط والاستراتيجيات العملية لمواجهة وباء كورونا، انشغل بعض النواب ورؤساء الكتل البرلمانية في "خلافاتهم السياسية والايديولوجية" ممّا خلف حالة من الجدل في الأوساط التونسية.
الحرب ضد وباء كورونا
يسود القلق في تونس من انهيار طاقة استيعاب المستشفيات العمومية للمرضى بكورونا مع زيادة حالات الوفيات وامتلاء الأقسام المخصصة للانعاش والتنفس الاصطناعي. ورغم ذلك فإن التجاذبات السياسية لا تزال متواصلة وبنبرة أعلى، مما دفع رئيس البرلمان التونسي راشد الغنوشي، الى الاعلان أن "ّبلاده تواجه ظرفا وطنيا دقيقا، يتطلب التهدئة والتوافق بين مؤسسات الحكم، داعيا جميع الأطراف إلى التهدئة والابتعاد عن التجاذبات، وتحقيق التوافق بين مؤسسات الحكم". وذلك بعيد تعرض النائب عن ائتلاف الكرامة احمد موحى الى الاعتداء من قبل مجهولين.
والمعلوم ان هناك خطابًا تحريضيًا متبادلًا بين كتلتي "ائتلاف الكرامة" الثورية وبين "الحزب الحر الدستوري" المحسوب على النظام القديم، وغالبا ما تتخلل الجلسات البرلمانية -التي تنقل مباشرة على الهواء في تونس- مُلاسنات كلامية بين قيادات هذين الحزبين .
فتونس اليوم تخوض حربا شرسة ضد وباء كورونا ويبدو أن سياسة التعايش مع الوباء التي أطلقتها الحكومة قد تسببت في حصيلة مؤلمة من الوفيات. وهذا يتطلب الابتعاد عن التجاذبات السياسية سواء داخل البرلمان او خارجه من أجل تجاوز التحديات والمحنة التي تشهدها البلاد، خاصة ان تونس سجلت إجمالا 19 ألفا و721 إصابة بكورونا، بينها 271 وفاة.
مضاعفة الأزمة الاقتصادية
على صعيد آخر، لا تبدو الأرقام الاقتصادية الأخيرة تُبشر بخير بالنسبة للقطاعات الاقتصادية، فقد أظهرت بيانات المعهد الوطني للإحصاء التونسي، مطلع هذا الأسبوع أن معدل التضخم في البلاد بلغ 5.4 بالمئة في أيلول. وترافق ذلك مع ارتفاع في أسعار المواد الغذائية وغلاء المعيشة.
ويُحذر العديد من المختصين بأن استمرار ارتفاع التضخم مع تراجع نسبة النمو الى ثمانية سلبي، ستكون كلفتها سلبية جدًا وتُدخل البلاد في دوامة من عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي هي في غنى عنه. لذلك فإن العودة اليوم للحجر الصحي الشامل الذي لجأت اليه حكومة الفخفاخ السابقة خلال شهر آذار الماضي لم يعد يجدي نفعا لدى العديد من المتدخلين الاقتصاديين وأصحاب المؤسسات التجارية والاقتصادية والمالية لما يحمله من تداعيات سلبية على عجلة الاقتصاد المتضعضعة أصلًا.
الوضع السياسي المتأزم والأزمة الاقتصادية المتفاقمة، لا يعكسان مناخًا ملائمًا لمواجهة هذه الحرب ضد كورونا التي تحتاج إلى جهوزية كاملة ولُحمة بين مختلف القطاعات السياسية والشعبية وتكاتف جهود منظمات المجتمع المدني غيرها. خاصة أن السيناريو الأوروبي وامتلاء مئات المستشفيات في إيطاليا واسبانيا وفرنسا بوفيات كوفيد 19 لا زال ماثلًا أمام أنظار التونسيين، مع تفاقم المخاوف من تكرار هذا السيناريو المرعب في بلادهم.
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
23/11/2024
لماذا تعرقل واشنطن و"تل أبيب" تسليح العراق؟
21/11/2024