معركة أولي البأس

آراء وتحليلات

أنظمة عربية تسقط.. والمقاومة الفلسطينية تثبت المعادلات
17/09/2020

أنظمة عربية تسقط.. والمقاومة الفلسطينية تثبت المعادلات

شارل ابي نادر

"بينما كان البعض يريد تغييب قضية فلسطين عبر التوقيع على اتفاقات التطبيع مع الاحتلال في البيت الأبيض، نثبت اليوم أن قضية فلسطين ستظل حية وحاضرة بفعل ثبات شعبنا على أرضه وتضحياته العظيمة، وبفعل بسالة المقاومة وعنفوانها". تلك هي رسالة المتحدث باسم حركة حماس حازم قاسم، حول اطلاق المقاومة الفلسطينية صلية من الصواريخ على غلاف غزة، ردا على العدوان الصهيوني على القطاع.

رسالة "حماس" هي رسالة جميع فصائل المقاومة في فلسطين المحتلة، وقد جاءت من ضمن معادلة القصف بالقصف التي وضعتها المقاومة الفلسطينية بمواجهة الاعتداءات العدوة على القطاع، والتي (المعادلة) تتثبت يوما بعد يوم، بالرغم من حساسيتها وخطورة تنفيذها وصعوبة الالتزام بها، حيث يحاول العدو بقدر ما أمكن، منع تحقيقها مهما كلفه الأمر.

لم تتقصد المقاومة الفلسطينية اطلاق الصورايخ على مستوطنات العدو، ردًا على مهرجان اتفاقات الذل الذي كان يحدث في نفس الوقت، بين ممثلي البحرين والامارات العربية المتحدة والكيان الصهيوني والراعي الاميركي في واشنطن، وكما يبدو، مسار التطبيع بالنسبة لهذه المقاومة هو تحصيل حاصل ولم تكن لتنتظر من بعض العرب غير ذلك.
 
في الحقيقة، لم يجد أي طرف من محورالمقاومة، في فلسطين أو في خارجها، بعد اتفاقات التطبيع الأخيرة، أن شيئًا جديداً قد تغير أو تراجع في ترابط أو تماسك محور المقاومة، كما لم يجدوا أن هناك طارئا قد يؤثر سلبا على مسار المقاومة، أو يعيق أو يعرقل المواجهة ضد العدو، فتلك الأطراف المُطبِّعة، أساسا لم تكن معادية لـ"إسرائيل"، لا في الاعلام ولا في السياسة ولا في الاطار العسكري ولا الاستراتيجي، وطالما كانت (الدول المطبعة) معارضة لمسار المقاومة ولا تعترف به، لا بل كانت دائما تحاول عرقلته والوقوف بطريقه.

بالعكس، مع انطلاق مسار التطبيع والاتفاقات بين تلك الدول وبين العدو الاسرائيلي، أصبح محور المقاومة أكثر تماسكًا وتوازنًا، بعد أن فُرِزت الدول والأطراف مع أو ضد العدو بشكل واضح، ولم يعد محور المقاومة بحاجة لوضع جهود لتمييز تلك الدول، وأصبح اليوم لديه جدول مفصل واضح بهؤلاء، ولديه رؤية واضحة حول كيفية التعامل مع كل طرف أو دولة، ولم يعد محرجًا أو حائرًا مع بعضها، في محاولة الوقوف على حقيقة موقفها من العدو، خاصة مع تلك التي كانت تمثل أو تخادع في ذلك.

بالعودة لمعادلة القصف بالقصف، والتي نفذتها من غزة فصائل المقامة ردًا على الاعتداءات الاسرائيلية، تبين أن العدو قد استطاع اعتراض 8 صواريخ من أصل 13 كانت استهدفت غلاف القطاع، فتكون نسبة الصورايخ التي نجحت في الوصول الى أهدافها معقولة لا بل ممتازة، مقارنة مع زنار القبة الحديدية من منظومات الدفاع الجوي المختلفة، والذي تنشره "اسرائيل" لحماية المستوطنات.

ما يهم المقاومة فعليا اليوم، هو رفع نسبة عدد الصورايخ التي تنجح في الوصول الى مناطق انتشار العدو، وهي لا تعطي أية أهمية لعدد الدول العربية المرتهنة التي تسقط في هوة التطبيع مع "اسرائيل"، وهي تعتبر (المقاومة الفلسطينية) أن النجاح في تثبيت معادلة القصف بالقصف، سيكون منتجًا وفاعلًا لمصلحة الفلسطينيين، أكثر بكثير مما يمكن أن تقدمه لهم اتفاقات الذل والعار من وعود فارغة بالتنمية وبالازدهار، وان هذه المعادلة هي الأقرب والأنسب لاستعادة حقوقهم، أكثر بكثير من كل عمليات التطبيع واتفاقات السلام مع بعض العرب المرتهنين.

صحيح أن قطار التطبيع مع العدو قد انطلق وبسرعة كما يبدو هذه المرة، حيث يدور الحديث عن أن كوكبة من الدول العربية تتهيأ للدخول في هذا القطار غير المشرّف، وصحيح ان قائدي "اسرائيل" والولايات المتحدة الاميركية، يعيشان اليوم نشوة الانتصار، على اعتبار أنهما نجحا في تطويع أغلب الدول العربية ووضعها في خانة الأصدقاء، ولكن سوف يكتشفان أن ما تخيلا أنهما قد حققاه هو سرابٌ، وأن تلك الدول لن تستطع أن تقدم لهما شيئًا من الاستقرار الحقيقي أو السلام الجدي، وسوف تبقى "اسرائيل" على موعد مع صواريخ وعمليات المقاومة طالما هي تحتل الارض وتغتصب الحقوق، والأهم، أن الأخيرة سوف تكتشف ايضًا، وبوقت ليس ببعيد، أن هؤلاء المطبعين الذين تفتخر اليوم بالاتفاق معهم، لن يقدموا لها شيئا له قيمة، تستطيع أن تعتمد عليه في صراعها الطويل مع المقاومة.

إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات