معركة أولي البأس

آراء وتحليلات

زيارة هنية ومؤتمر الفصائل وعودة الروح الى المقاومة الفلسطينية
11/09/2020

زيارة هنية ومؤتمر الفصائل وعودة الروح الى المقاومة الفلسطينية

سركيس ابو زيد
 
شهدت بيروت أسبوعًا فلسطينيًا بامتياز. برنامج حافل لرئیس المكتب السیاسي لحركة "حماس" إسماعیل ھنیة، تُوج بلقاء مع الأمين العام لحزب الله سماحة السید حسن نصر الله، ومشاركة بمؤتمر عام للفصائل الفلسطینیة لإنھاء الانقسام وترتیب البیت الداخلي، تخللته مواقف ضد التطبیع و"صفقة القرن". ھذه الزیارة الاستثنائیة الى لبنان أثارت عاصفة من ردود الفعل في لبنان وخارجه.. رد الفعل الأبرز جاء من دول الخلیج وعبر بیان رسمي صادر عن مجلس التعاون الخلیجي، غیر مألوف في لھجته العنیفة ولغة التأنیب للقیادات الفلسطینیة التي شككت بمواقف دول مجلس التعاون.

رغم ثقل وتعدد الأزمات التي یتخبط بھا لبنان، أثارت زیارة ھنیة موجة من ردود الفعل منها:

- رئیس حزب "القوات اللبنانیة" سمیر جعجع اتصل بوزیر الداخلیة في حكومة تصریف الأعمال محمد فھمي واستنكر شكل زیارة ھنیة ومضمونھا الخطابي وطلب توضیحات رسمیة.

- القیادي في تیار "المستقبل" مصطفى علوش أعلن -في وقت كان ھنیة یلتقي النائب بھیة الحریري- أن زیارة ھنیة تأتي في إطار الدعایة السیاسیة والإعلامیة لمحور "الممانعة" الذي یرید أن یقول نحن موجودون، معتبرا أن توقیت الزیارة لیس صدفة، فھناك من یرید أن یوجه رسالة إلى الداخل والخارج من خلال زیارة ھنیة مفادھا "إذا ضیقتم علینا فسنفتح في مكان آخر"، حسب زعمه.

- "لقاء سیدة الجبل" أعلن رفضه "عودة الفصائل الفلسطینیة إلى ممارسة أي دور عسكري أو أمني وامتشاقھا السلاح حتى للاستعراض على الأراضي اللبنانیة"، حسب تعبيره.

 في الواقع، زیارة ھنیة الى بیروت زیارة تضامنیة أسوة بزیارات العدید من الرؤساء والمسؤولین في العالم الذین تدفقوا الى بیروت متضامنین معھا بعد الانفجار المدمر والمروع، خصوصا وأن الشعب الفلسطیني كان أظھر تعاطفا مع الشعب اللبناني في محنته. كما ان زیارة ھنیة، مرتبطة توقیتا باتفاق التطبیع بین الإمارات و"إسرائیل" الذي خلط أوراق الصراع وأعاد إحیاء الفرز في المنطقة بین محوري "السلام والمقاومة". وجاءت ھذه الزیارة لتشكل الرد المباشر الأول على الاتفاق الإماراتي ـ الإسرائیلي الذي یمھد لـ"صفقة القرن" ویُعد من مقدماتھا.

 من جهة أخرى، اللقاء بين هنية والسيد حسن نصرالله أرسى قواعد مرحلة جدیدة من العلاقة بین "الحزب والحركة" ورفع درجة التعاون والتنسیق السیاسي والعملاني بینھما على قاعدة التصدي للتطبیع الخلیجي والعربي مع "إسرائیل" ولـ"صفقة القرن". وھكذا فإن لقاء السيد نصر الله ـ ھنیة یكتسب بعدا استراتیجیا، في ظل ظروف محتدمة وضغوط أمیركیة وإسرائیلیة متعاظمة على "محور المقاومة". ولكن الثغرة الأساسیة في ھذا المحور ظلت تتمثل في استمرار قطع العلاقة بین دمشق وغزة. أما حزب الله، فإنه قرر اتباع سیاسة التكامل بین علاقته الاستراتیجیة مع دمشق وعلاقته المقاومة مع حماس .. وقام حزب الله بمحاولات ومبادرات لإعادة مد الجسور بین حماس ودمشق على أساس التصدي للخطر المشترك الذي یُترجم عملیا بغارات على سوریا وغزة.  

"لقاء القمة" بین حماس وحزب الله لم یكن الرد الوحید على الاتفاق الإماراتي ـ الإسرائیلي، وإنما تمثل ھذا الرد فلسطینیا على مستویین:

*الأول: إطلاق مرحلة تكریس المصالحة وتعزیز التنسیق بین حماس وفتح من بیروت التي شھدت اجتماعا للأمناء العامین للفصائل الفلسطینیة، وشارك فیه (عبر الفیدیو) رئیس السلطة الفلسطينية محمود عباس، وخلص ھذا الاجتماع القیادي الفلسطیني الى اتفاق على إنھاء الانقسام الفلسطیني وتطویر وتفعیل "منظمة التحریر"، وعلى تطویر المقاومة الشعبیة وإیجاد قیادة وطنیة میدانیة موحدة لإدارة الانتفاضة.

*الثاني: "استنھاض" الحالة الفلسطینیة في لبنان بزیارة الى مخیم عین الحلوة أكبر المخیمات الفلسطینیة في لبنان. ومن ھناك أعلن أن التطبیع لا یمثل شعوب الأمة ونبضھا وضمیرھا، وأن صواریخ المقاومة سترسم خریطة فلسطین على الأرض والمیدان، وأن حماس طورت منظومة سلاحھا ودكت بھا "تل أبیب" وما بعد "تل أبیب".

مع صواریخ "ما بعد تل أبیب" المكملة لصواریخ "ما بعد حیفا" ترتسم مرحلة جدیدة من العلاقة بین حزب الله وحماس.  

من جهة أخرى أظھر اجتماع وزراء الخارجیة العرب الذي عقد "افتراضیا" مؤخرا بدایة تحول في الموقف العربي العام لجھة عدم التجاوب مع أي طلب ومقترح فلسطیني في كل ما یتعلق بقضیة الصراع مع "إسرائیل" على نحو ما كان یحصل سابقا.

لم تصدر إدانة عربیة للاتفاق الإماراتي ـ الإسرائیلي تجاوبا مع الرغبة الفلسطینیة، ولكن في المقابل، صدرت تسريبات إدانة خلیجیة، للزیارة الفلسطینیة التي قام بھا إسماعیل ھنیة الى بیروت، مما يعبر عن تصاعد الانقسامات والخلافات العربية - العربية .

إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات