آراء وتحليلات
أسئلة على رصيف المرفأ...عن دور اليونيفيل وواشنطن؟
د.علي مطر
يوماً بعد آخر تتكشف تفاصيل دخول الأمونيوم إلى مرفأ بيروت. روايات عدة طرحت قبل أن يبدأ التحقيق العدلي. بدأ المستور يتكشف، ويبين عن تفاصيل غامضة في التفجير الكارثي، تفاصيل تشير إلى علم أميركي بالشحنة ودخولها على مرأى من اليونيفيل التي ترابط سفنها في المياه الإقليمية اللبنانية.
ينطلق دور اليونيفيل في القضية مما قاله المدير العام للجمارك الموقوف بدري ضاهر الذي أبلغ المحقق العدلي أنّ قوة من اليونيفل أجرت مسحاً أمنياً لسفينة روسوس التي كانت تحمل شحنة نيترات الأمونيوم عام 2013، وأخضعتها للتفتيش لدى دخولها المياه الإقليمية اللبنانية، إلا أنها لم تعتبر نيترات الأمونيوم من المواد المحظورة، علماً بأنّ قوات اليونيفل تقوم بدوريات تفتيش في المياه الإقليمية تطبيقاً للقرار 1701 وللتثبت من عدم دخول أسلحة.
ويتقاطع كلام ضاهر، مع ما قاله المدير العام لمرفأ بيروت، حسن قريطم، في التحقيقات، من أن اليونيفيل كانت تعلم بوجود "مواد خطرة" على متن هذه السفينة، "حتى لو أن اليونيفيل أصدرت بيانا تنفي فيه هذا الأمر". لكن المستغرب أن كلام اليونيفيل يتضارب تماماً مع كلام المسؤولين اللبنانيين، ففي حين سارعت لتقول إن على وسائل الإعلام مراجعة السلطات اللبنانية، فإن المسؤولين اللبنانيين لم ينفوا أي مسؤولية لليونيفيل، خاصةً أمام ما ورد في إفادات ضاهر وقريطم.
ويأتي الحديث عن دور اليونيفيل، كونها لها يد في مراقبة المياه اللبنانية، فعملياً، تتم مراقبة المياه الاقليمية اللبنانية من قبل القوات البحرية اللبنانية والقوات البحرية التابعة لليونيفيل. مهام قوات اليونيفيل البحرية هي مراقبة المياه اللبنانية الاقليمية من ستة أميال وحتى 12 ميلاً (لأن المسافة من صفر الى ستة أميال هي بعهدة بحرية الجيش اللبناني)، وتتولى الفرقاطات الكبيرة مراقبة الشاطئ من عمق 12 ميلاً الى 50 ميلاً، وتهتم بمناداة السفن في حال الشك بأي مخالفة أو تحركات ومشاهدات مشبوهة. وهنا يطرح السؤال بعد أن نفت اليونيفيل أي دور لها، وعلمها بما حملته سفينة الأمونيوم، هل يمكن أن يكون هناك معابر بحرية غير شرعية تمر من خلالها سفن وشحنات؟ وإذا كانت اليونيفيل فتشت الباخرة فلماذا تم اعتبار الأمونيوم مواد غير خطرة؟
سؤال آخر كبير جداً يطرح حول الدور الأميركي في هذه الشحنة، خاصة أمام ما كشفته صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركيّة، من أنّ متعاقداً أميركيّاً يعمل مع الجيش الأميركي، حذّر قبل 4 أعوام تقريباً من أن مرفأ بيروت يحتوي على مخبأ كبير للمواد القابلة للانفجار المخزنة بطريقة غير آمنة. وأوضحت الصحيفة في تقرير لها، أنّ السفارة الأميركيّة في لبنان، أصدرت البرقيّة، ووسمت محتواها بـ"حساس" ولكن "غير سري"، مشيرةً إلى أنّ البرقيّة "تضمّ قائمة بأسماء المسؤولين اللبنانيين الذين علموا بأمر شحنة نيترات الأمونيوم".
الصحيفة تحدثت عن أنّ خبيراً أميركيّاً في أمن المرافئ "رصد وجود المواد الكيميائيّة خلال عمليّة تفقّد أمنيّة في مرفأ بيروت، وأبلغ مسؤولي المرفأ عن عملية التخزين غير الآمنة لمادة نيترات الأمونيوم، إذ عمل مستشاراً للبحرية اللبنانيّة بين العامين 2013 و2016". كما نقلت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين حاليين وسابقين عملوا في منطقة الشرق الأوسط قولهم إنّه "يُتوقع أن يكون المتعاقد قد أبلغ السفارة الأميركيّة أو البنتاغون بالنتائج".
وهنا يأتي طرح مجموعة أسئلة حول الدور الأميركي، عن دخول وخروج مسؤوليين أميركيين وسفراء إلى المرفأ قبل الانفجار في ظل وجود شحنات الأمونيوم، الم يفحص جهاز أمن السفارة الاميركية المرفأ قبل دخول دبلوماسيين إليه؟ لماذا سمح جهاز امن السفارة للدبلوماسيين بالدخول إلى المرفأ في ظل هذه "القنبلة الموقوتة"؟
ولا بد لنا هنا من الإشارة إلى أنه في آب 2016 تسلم الجيش اللبناني شحنة من المساعدات العسكرية الأمريكية في مرفأ بيروت بحضور السفيرة الأميركية في لبنان إليزابيت ريتشارد على رأس وفد مرافق، إلى جانب عدد من الضباط". وهنا نسأل ألم يقوم جهاز أمن السفارة وعناصر حماية السفيرة الأميركية بتفتيش المرفأ؟ هل يعقل أنه لم يتم الكشف على العنبر 12 بخطورة المواد التي يكتنفها؟
وفي 14 آب 2017 تسلّم الجيش في مرفأ بيروت من السلطات الأميركية بحضور ريتشارد ايضاً على رأس وفد مرافق، إلى جانب عدد من الضباط والإعلاميين.
إلى ذلك قام قائد القوات البحرية الاميركية في القيادة المركزية، نائب الأميرال جون أكويلينو، بزيارة لبنان في الحادي عشر من كانون الثاني 2018. وبصفته قائد القوات البحرية الأميركية، يتولى نائب الأميرال أكويلينو مسؤولية إجراء عمليات الأمن البحري، وجهود التعاون الأمني، وهنا يحق لنا طرح سؤال عن هذه الزيارة، ألم تتم زيارة المسؤول الأمريكي للمرفأ. وكما نرى فهناك زيارات أميركية متكررة إلى مرفأ بيروت، فهل يعقل أنه لم يتم معرفة وجود هذه المواد؟ علماً أنه في كل جولة يكون هناك عمليات تفتيش ضخمة، مع استخدام كلاب بوليسية والات متطورة في التفتيش، أم أن هناك وراء الأكمة ما وراءها؟
لا ينتهي الكلام هنا بل يتقاطع مع الرواية التي تتحدث عن وجود شبهات كبيرة تحوم حول ذهاب الشحنة إلى الإرهابيين في سوريا على غرار باخرة لطف الله 2، وذلك في خضم الحرب السورية والدعم الأميركي اللامتناهي للإرهابيين بالسلاح هناك من أجل إسقاط الدولة السورية وتدمير بنيتها، وقد تحدثنا سابقاً عن الرواية التي تتحدث عن أن الأمونيوم كانت ستتوجه إلى الإرهابيين في سوريا. إذًا أسئلة كثيرة يحق للمراقب طرحها حول ظروف وصول شحنة الأمونيوم إلى المرفأ، ومن ثم انفجارها نتيجة الأهمال في طريقة التعامل معها.
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
23/11/2024
لماذا تعرقل واشنطن و"تل أبيب" تسليح العراق؟
21/11/2024