آراء وتحليلات
كيف ترجمت السعودية مؤتمر المانحين؟
علي الدرواني
بعد النجاح الذي تفاخرت به السعودية لمؤتمر المانحين في الرياض في ستر سوأتها، وغسل يدها من الدماء اليمنية، سارعت بإرسال طائراتها لتصب ما جمعته هناك من مساعدات إنسانية، حممًا وقذائف ملتهبة على رؤوس المدنيين، وهكذا وصلت المساعدات الإنسانية التي جمعتها برعاية الأمم المتحدة ومشاركة المجتمع الدولي او ما يسمى بالمانحين.. مساعدات تنفصل معها الرؤوس وتتفحم لها العظام وتمزق بها الأجساد.
ثلاثة عشر شهيدا خلفتهم غارة الحقد والتوحش السعودية على سيارة كانت تقل مواطنين في مديرية شدا بمحافظة صعدة، ذنبهم الوحيد أنهم يسيرون في طريق الله المسبلة تحت سماء وطن استباحته طائرات الغدر والاجرام السعودية الإماراتية، بدعم من الولايات المتحدة الامريكية بأحدث أنواع الأسلحة وافتكها.
ليست هذه الجريمة هي الترجمة الوحيدة لمؤتمر(مؤامرة) المانحين، فقد سبقتها وبطريقة مشابهة جريمة لا تقل وحشية حيث اسفرت غارات غادرة الأربعاء الماضي عن ثلاثة شهداء باستهداف سيارة كانت تقلهم في طريق عودتهم من مديرية كتاف في محافظة صعدة، اعادتهم ليس إلى منازلهم، بل إلى الله كشهداء على ما يفعله هذا النوع من المساعدات. في هذه المحافظة القريبة من جار السوء، والتي لم يتوقف القصف الصاروخي عليها بشكل يومي مستهدفا القرى والمناطق الاهلة بالسكان دون رادع من دين او ضمير او قانون انساني او اممي.
وفي سلسلة المجازر المستندة الى صك غفران المانحين ارسلت الرياض القنابل العنقودية المحرمة دوليا على صنعاء إحداها استهدفت منزل مواطن ما أسفر عن تدمير المنزل وإصابة رب المنزل وزوجته وثلاثة من أولاده بينهم طفلان، واحالت ممتلكات المواطنين إلى أطلال.
هكذا إذاً وصلت المنح الإنسانية، والمساعدات المنقذة لليمنيين، فقد انقذتهم ليس من المعاناة، وانما من الحياة وبؤسها، فحياة من هذا النوع، هي حياة يجب أن لا تكون مطمعا إلا لمن فقد انسانيته وشرفه، وباع دينه وضميره للشيطان، وما اكثر البائعين اليوم، دولا وجماعات وأفرادا.
هؤلاء المانحون لم ولن يمنحوا اليمن أموالا تغنيهم من جوع او تؤمنهم من خوف.. بل العكس فعلوا فقد منحوا السعودية دفعة تشجيع، وصك براءة مما فعلت ومما تريد ان تفعل من جرائم جعلت اليمن في اعلى قائمة المآسي الإنسانية في العالم على مدى أكثر من خمس سنوات.. قتلا وتدميرا وتجويعا وحصارا متجاوزة ما يتخيله العالم وما لم يتخيله من مآس وآلام.
مؤتمر المانحين المزعوم، كما بدا لأول وهلة أمام كل المتابعين والمراقبين، لم تعقده السعودية الا من أجل تفعيل ورقتها المزدوجة القتل والحصار، فمن ناحية ارتكبت هذه السلسلة من المجازر، مستندة الى صك الغفران الاممي، ومن ناحية أخرى ذهبت لتشديد الحصار، واحتجزت المشتقات النفطية واحتجزت 15 ناقلة وقود وقرصنتها في عرض البحر ومنعتها من الوصول الى ميناء الحديدة رغم حصولها على تصاريح الدخول بعد تفتيشها من قبل الأمم المتحدة.
الترجمة السعودية السريعة لمؤتمر المانحين بقدر ما تؤكد مأزقها الإنساني وانكشافها الأخلاقي فإنها تؤكد أيضا فشلها العسكري في مواجهة المجاهدين الأبطال من أبناء الجيش واللجان الشعبية، وانعدام الخيارات أمامها، وانسداد الأفق بوجه مشاريع هيمنتها وسيطرتها، وهذه الدماء التي سقطت مؤخرا، ستنضم الى قافلة طويلة من الدماء الطاهرة، وستكون عقبات إضافية تحبط آمالها وتنسف مؤامراتها.
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
23/11/2024
لماذا تعرقل واشنطن و"تل أبيب" تسليح العراق؟
21/11/2024