آراء وتحليلات
أمريكا أم الإرهاب
د. علي مطر
يعد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب صاحب عقلية عنصرية، ويمتلك تاريخًا حافلًا بالتصريحات العنصرية في الولايات المتّحدة الأمريكية وخارجها. وقد تمت مقاضاته عام 1973 من قبل وزارة العدل الأمريكية بتهمةِ التمييز السكني ضدّ السود، فيما لم يعترف ترامب حينها بالتّهم الموجّهة إليه.
وقد بدأ ترامب حملته الانتخابية بخطابات عنصرية، ووعود انتخابية ضد المهاجرين إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وأطلق حملته الرئاسية لعام 2016 بخطابٍ ذكر فيه أنّ المهاجرين المكسيكييّن الذين لا يحملون أوراقاً ثبوتيّة هم مجرمون أو مغتصبون أو أشخاص يجلبون المخدرات. وقام أيضاً بنشر إحصائيّات مزيّفة على موقع "تويتر" تدّعي أن الأمريكيّين السّود هم المسؤولون عن غالبيّة عمليّات القتل الخاصّة بالبيض، وربط في بعض خطاباته الأمريكييّن من أصلٍ أفريقيّ والأمريكيين من أصل إسبانيّ بجرائم عنيفة.
وفي خضم الحملة الانتخابية الرئاسية لعام 2016، عبر دونالد ترامب، الذي كان حينها مرشح الجمهوريين للرئاسة، بوضوح عن عدم وجود "ما يخسره" تجاه الناخبين الأميركيين من أصول أفريقية. وقال ترامب إن "المناطق التي يسكنها السود قذرة وشديدة السوء"، وإن ظروفهم المعيشية لن تعرف إلا التحسن خلال حكمه.
عام 2018، أشار ترامب خلال اجتماع المكتب البيضاوي حول إصلاح الهجرة إلى عدد من الدول كالسلفادور وهايتي وعدد من البلدان الأفريقية على أنّها "حفر للقذارة". بعد ذلك هاجم ترامب أربع نائبات ديمقراطيات ينحدرن من أقليات، ثم هاجم القس آل شاربتون، وهو زعيم تاريخي في حركة الدفاع عن حقوق السود ووصفه بأنه "مخادع يكره البيض والشرطيين!".
كما هاجم النائب الديمقراطي عن مدينة بالتيمور بولاية ميريلاند إيلايجا كامينغز الذي يعد من بين رفقاء حركة كفاح ومسيرة مارتن لوثر كينغ ضد العنصرية. وطال ترامب بتغريداته لاعب كرة القدم الأميركية كولين كابرنيك الذي رفض تحية العَلَم الأميركي والوقوف أثناء عزف النشيد القومي في بداية المباريات، وذلك اعتراضا على ممارسات الشرطة ضد السود.
كذلك، هاجم الرئيس الأمريكي عضو الكونغرس السوداء ماكسن والتر من ولاية كاليفورنيا، وهي منتقدة لسياساته ومواقفه، وغرد "هي سيدة غير طبيعية ولديها إمكانيات عقلية شديدة الضعف، وهي مجنونة". وفي مناسبات مختلفة هاجم ترامب نجم كرة السلة اللاعب الأسود لابرون جيمس، واستهدف كذلك مذيع ومقدم البرامج بشبكة "سي أن أن" دون ليمون، إضافة إلى مستشارته السابقة أوماروسا مانيجولت التي وصفها بأنها ليست أكثر من "كلبة".
كذلك اتهم ترامب المرشحة السابقة لمنصب حاكم ولاية جورجيا "ستيسي آبرام"، وهي أميركية سوداء بأنها "تحب الجرائم". وقبل ذلك قاد ترامب حملة التشكيك في أميركية الرئيس السابق باراك أوباما وادعى أنه غير أميركي، وأنه ولد خارج الولايات المتحدة، وتحدى أوباما بأن يظهر شهادة ميلاده.
ليس هذا فقط، فقد اتخذ ترامب عدة قرارات عنصرية اتجاه المهاجرين من بلدان اخرى، فقد حظر دخول الإيرانيين إلى امريكا بتأشيرات التجارة والاستثمار، وكان ترامب قد وقع أمرا تنفيذيا يعلق برنامج الولايات المتحدة للاجئين لمدة 120 يوما ويمنع بشكل محدد اللاجئين السوريين من دخول البلاد إلى أن يتم تحديد أن قبولهم لا يشكل ضررا أمنيا.
البيت الأبيض سبق أن نشر في كانون الثاني/ يناير 2017 مرسوما بعنوان "حماية الأمة من دخول إرهابيين أجانب إلى الولايات المتحدة". وقال ترامب "إنها تدابير مراقبة جديدة لإبقاء الإرهابيين الإسلاميين المتشددين خارج الولايات المتحدة". ويعلق المرسوم برنامج توطين اللاجئين بأكمله لمدة 120 يوما على الأقل، فيما يتم وضع قوانين تدقيق صارمة.
واتخذ ترامب ضد الدول الإسلامية السبع، إيران والعراق وسوريا واليمن وليبيا والسودان والصومال، قرارًا بمنع دخول مواطنيها إلى الولايات المتحدة. كما تم اتخاذ البروتوكول “Public Charge” أو "العبء على الدولة"، الذي أعلن في آب/ أغسطس 2019 والذي يأتي في إطار مساعٍ تبذلها إدارة ترامب للدفع باتجاه تفضيل المهاجرين من ذوي الكفاءات وأولئك الذين لا يحتمل أن يعتمدوا على إعانات الدولة.
وهو بتعبير آخر عدم منح الجنسية أو الإقامة الدائمة (البطاقة الخضراء) للمهاجرين الفقراء الذين يحصلون على إعانات من الدولة. كما فرض ترامب رسومًا جمركية على السلع من المكسيك. وأخيراً وقع ترامب أمرا تنفيذيا يقضي بحظر الهجرة مؤقتا إلى الولايات المتحدة، معتبرا أنها خطوة لحماية العمال الأميركيين من التدهور الاقتصادي الناتج من تفشي فيروس كورونا المستجد.
وبعد مقتل الشاب جورج فلويد على يد رجال الشرطة، قال ترامب بشكل متعجرف "سنسيطر على الوضع مهما كانت الصعوبة، وعندما تبدأ أعمال النهب سيبدأ إطلاق الرصاص"، وهو يأمر الجيش الامريكي باطلاق النار مباشرة على المتظاهرين الذين خرجوا احتجاجا على قتل شرطي أبيض لرجل من ذوي البشرة السوداء بدم بارد. ترامب لم يكتف بإصدار الاوامر للجيش والشرطة بقتل المتظاهرين بل حاول وبشكل مقزز إثارة الأحقاد وشحن الغرائز العنصرية عبر وصف المتظاهرين بـ"اللصوص" و"البلطجية"، وهو ما دفع موقع "تويتر" الى حجب التغريدة خلف تنبيه تحذيري من الموقع يتهم الرئيس "بتمجيد العنف".
وفي اصرار لافت على دفع الأمور نحو المجهول عبر استخدام القوة العسكرية القاتلة ضد المتظاهرين، دافع ترامب عما نشره سابقا، وذلك عبر تدوينة جديدة على موقع "تويتر" مكررا عبارة "أعمال النهب تؤدي إلى إطلاق النار"، ومذكرا إنه كان "يتحدث عن الأمر كحقيقة، وليس كمجرد تصريح".
هذا هو دونالد ترامب الذي طالما استخدم عبارات مسيئة ضد الإسلام والمسلمين، وعبارات نابية ضد أصحاب البشرة السوداء والفقراء والمهاجرين، وليس مستبعداً على الشرطة في إدارته أن تقوم بالقتل العنصري.
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
23/11/2024
لماذا تعرقل واشنطن و"تل أبيب" تسليح العراق؟
21/11/2024