معركة أولي البأس

آراء وتحليلات

صراع روسي - تركي في ليبيا.. واحتراق خيوط دمى المسرح التركية في سوريا
15/01/2020

صراع روسي - تركي في ليبيا.. واحتراق خيوط دمى المسرح التركية في سوريا

 عبير بسّام

بدأت موجة "الصقيع العربي" في ليبيا في آذار 2011. ووصل الصراع الدولي عليها إلى أشدّه. وما تجب معرفته أن ليبيا تحتل المرتبة التاسعة عالمياً في انتاج النفط، اذ يبلغ احتياطي النفط فيها ما بين (46.4 و 48.3) مليار برميل. وقد بلغ معدل انتاجها في العام 2010: (1.46) مليون برميل يومياً، تستورد أوروبا 85% من انتاجه. ويأتي ترتيبها في المرتبة الثالثة والعشرين عالمياً في احتياطي الغاز. وبذلك يمكننا أن نفهم حجم الصراع العالمي للسيطرة على أرض الذّهب الأسود. ويبدو أن ليبيا تمثل المعقل الأخير الذي تحاول تركيا "الإخوان المسلمين والعثمانية الجديدة" أن توجد لها موطئ قدم فيه، مستغلة الصراع ما بين حكومة الوفاق الوطني بقيادة فايز السراج وما بين الجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر.

ترتبط علاقة حفتر لوجستياً مع كل من السعودية والإمارات، بعد الدعوات التي تلقاها لزيارة البلدين منذ آذار/ مارس 2019، وأتت أكلها بتسليح ودعم من الدولتين السابقتين المتوافقتين مع القرار الأميركي، في مواجهة السراج المدعوم من قبل كلّ من تركيا وقطر. فالصراع في ليبيا يبدو في ظاهره وكأنه صراع على زعامة العالم الإسلامي ما بين تركيا والسعودية، وبالتالي على أنه حرب ضد تركيا والإخوان المسلمين في ليبيا، غير أن حجم الدعم الذي تلقاه حفتر يدل على ما هو أعمق من ذلك! ففي حين قررت تونس البقاء على الحياد حسب إعلان الرئيس التونسي قيس سعيد في بداية هذا العام واستنكار تونس للتصريحات التركية منذ ايام، فإن الدول التي تقف إلى جانب حفتر، هي كل من الولايات المتحدة وروسيا ومصر والسودان والسعودية والإمارات والجزائر، أي أنّه سيكون من الصعب على الأتراك الوصول إلى ليبيا براً لدعم السراج، ولم يبق أمام تركيا سوى الجو والبحر وهو طريق محفوف بالمخاطر، خاصة وأن الطيران الليبي والسوداني كانا قد استُخدما في قصف مواقع ميليشيات حكومة الوفاق في الحرب الأخيرة.

التصعيد، الذي تشهده ليبيا اليوم، يأخذ منحىً دولياً، اذ إن تركيا تعيد تموضع المسلحين الإرهابيين من جبهة "النصرة" وغيرها للقتال في ليبيا إلى جانب حكومة السراج، ضد الجيش الوطني الليبي بقيادة حفتر، الذي يعتبر أن مقاتلي حكومة الوفاق هم مجموعة من الميليشيات. وهناك دعوات للتهدئة: فقد صرح كل من بوتين وأردوغان خلال لقائهما في 8/1/ 2020، بوجوب وقف القتال في ليبيا. غير أن ما يتعلق بالوضع الليبي يرتبط بأمرين: الأول، تجاوب كل من حفتر والسراج مع اتفاق قد ترعاه موسكو، والثاني، حدود الطموحات في تقاسم السلطة ما بين الرجلين.
ولكن يبدو أن نتائج الاتفاق بعد لقاء موسكو في 14 من هذا الشهر لا تبشر بالخير، فقد طلب حفتر مهلة زمنية لمناقشتها مع حلفائه، ولن تبصر النتائج النور قبل مؤتمر برلين الذي دعت إليه المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في الـ 19 من الشهر الحالي وبرعاية الأمم المتحدة.

تتالي الأحداث في ليبيا يدل على أمرين، الأول عودة الصراع الدولي على ليبيا، أو بالأحرى العودة من أجل وضع اللمسات الأخيرة عليه. والأمر الثاني، الذي يستدل عليه من أحداث ليبيا متمثل بترحيل المسلحين من سوريا إليها، واستغلال تركيا لمخاوف أوروبا من هذه الخطوة. اذ لم يبق لمسلحي سوريا حاضنة اجتماعية في ادلب، بحسب مصدر لـ"العهد". كما أن تركيا تلقت رسالة بوتين الواضحه خلال زيارته إلى سوريا، والتي تجول خلالها في الجامع الأموي، الذي كان أردوغان يهدد ويرعد منذ بداية الأحداث في سوريا بأنه سيصلي فيه، ومن ثم حضر قداساً في كنيسة يوحنا المعمدان في الجامع الأموي، وبحسب تعليق مصدر العهد "يلي كان دافنها العصملي"، وبذا فرسالة موسكو الواضحة: "أن بوتين كان في دمشق ليقول لأردوغان إن أحلامك في الشام انتهت". وهذا يعني أن: "روسيا قدمها ثابتة في المنطقة وعلى أردوغان ألا يفكر بتحديها في ليبيا".
 
ويضيف المصدر أن التركي يعمل اليوم جامع قمامة عندنا، والتي يفرغها في ليبيا، ويقوم في الوقت نفسه بابتزاز أوروبا مما سيجبرها على فتح القنوات مع سوريا. المخاوف، من الهجرة الليبية، عبّر عنها وزير الخارجية الألماني هايكو ماس بشكل صريح عندما قال: "ليبيا لا يمكن أن تصبح سوريا أخرى". وحث على وجوب التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار فيها. فأوروبا لا يمكنها أن تتحمل نزوحاً مليونيّاً جديداً.

تتابع الأحداث سوف تُقرأ نتائجه قريباً، وعلى قاب قوسين أو أدنى في سوريا، اذ بدأت معركة حلب، وهدفها التخلص من باقي المجموعات الإرهابية ودفعها للخروج باتجاه إدلب، لتقوم تركيا بالتنظيف جيداً. وبالتالي سيتم تأمين مدينة حلب وريفها. فالأولوية اليوم بحسب المصدر: "تنظيف غربي حلب، ويليها الطريق الدولي تحضيراً للمعركة الكبرى القادمة بعد فرض الحصار المحكم حول إدلب".

ليبيا

إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات