آراء وتحليلات
نتنياهو يستنجد بواشنطن لحماية "اسرائيل"
جهاد حيدر
ينطوي اندفاع "إسرائيل"، وبلسان رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، نحو ابرام "معاهدة دفاع متبادل"، مع الولايات المتحدة الاميركية، على أكثر من رسالة وفي أكثر من اتجاه. وهو خيار سبق أن رفضته ولم تجد نفسها مضطرة اليه خلال العقود السابقة. فما الذي استجد حتى تحوّل الى مطلب اسرائيلي في هذه المرحلة التاريخية؟ وماذا يعني ذلك على المستوى الاستراتيجي؟
لم تكن معارضة "اسرائيل" خلال العقود السابقة لمعاهدة دفاع مشترك، ينبع من فراغ، بل كان يهدف الى محاولة الجمع بين الدعم المضمون مع أو بدون معاهدة من هذا النوع، وبين تجنب القيود التي تنطوي عليها هذه المعاهدة، وتحديدا ما يتصل بهامشها في المبادرات العملانية والعدوانية، اضف الى ذلك أنه يرتب عليها مسؤوليات من خلال المشاركة في الدفاع المشترك عن الولايات المتحدة ومصالحها في أي مكان. وبالتأكيد لم تجد اسرائيل نفسها مضطرة الى مثل هذا الخيار في ضوء الاثمان والقيود التي تتضمنها.
بحسب المواقف المعلنة حتى الان، ستتم مراعاة هواجس "اسرائيل" وبلورة معاهدة على قياسها، وهو ما برز في موقف نتنياهو، أمام اعضاء مركز الليكود، من أن ابرام هذه المعاهدة لن يتضمن القيود التي كانت تخشاها تل أبيب، "لن تقيد حرية العمل العسكري للجيش الإسرائيلي، مستشهدًا بحلف شمال الأطلسي (ناتو)، حيث قال: "ناتو لا تمنع أعضاءئها من الهجوم عندما يريدون ذلك". وتابع نتنياهو أنه "سيتم تصميم اتفاق الدفاع بما يتناسب مع احتياجاتنا وسيحافظ على حرية العمل (للجيش الإسرائيلي)".
منعا للاشتباه، الموقف المعارض الذي صدر على لسان رئيس كتلة أزرق ابيض، بني غانتس، لم يكن موجها ضد أي معاهدة أيا كان مضمونها، وانما ما قاله بالدقة أن قائمته "لن تؤيد أية اتفاقية دولية تقيد عمليات "إسرائيل" أو قدرة الجيش الإسرائيلي في الدفاع عن أمنها أمام التحديات التي تواجهها". وهو ما يعني لو أن هذه المعاهدة لم تتضمن مثل هذه القيود يُفترض أن لا يكون لديه مانع منها. وربما تنبع المعارضة ايضا من كونها ستسجل على اسم نتنياهو وفي رصيده في ذروة التنافس والصراع على تشكيل الحكومة ورئاستها.
لم تُخف اسرائيل بلسان أحد كبار مسؤوليها، وزير الخارجية "يسرائيل كاتس"، خلفية هذه المعاهدة وعلاقتها بالتهديد الذي تشكله الجمهورية الاسلامية، إذ إن «الأمر يتعلّق بحاجة إلى تخصيص موارد جدّية جداً ضد تهديد صاروخي إيراني، من خلال إمكانية الاستعانة بالبنية التحتية الأميركية الإقليمية الموجودة في المنطقة، ما يعني إزاحة عبءٍ مهم جداً عن كاهلنا». وهو ما يجمل حقيقة نظرة اسرائيل الى البيئة الاستراتيجية ومعادلات القوة في المنطقة.
في نفس السياق، تكشف المعاهدة عن نظرة "اسرائيل" الى نفسها، وتحديدا اقرارها بالعجز عن مواجهة التهديد المتعاظم لمحور المقاومة، ويؤشر ايضاً الى ادراكها لنظرة هذا المحور الى معادلات القوة والهامش الذي يملكه على مستوى المبادرة والرد الاستراتيجي. وايضا تؤشر المعاهدة لنظرة الولايات المتحدة الى "اسرائيل" التي كان يفترض أنها تؤدي دوراً وظيفيا في حماية المصالح الاميركية، ولكن باتت بعد المستجدات التي شهدتها معادلات الصراع، أكثر حاجة الى دعم وحماية الولايات المتحدة.
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
23/11/2024
لماذا تعرقل واشنطن و"تل أبيب" تسليح العراق؟
21/11/2024