آراء وتحليلات
كيف يفكر الأميركيون في الجيش اللبناني؟ 1/2
شارل ابي نادر
لم يكن الكلام الأخير للديبلوماسي الأميركي جيفري فيلتمان أمام لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس الأميركي خارج المألوف في السياسة الأميركية تجاه لبنان، إذ إنه لم يُدخل أي شيء جديد في نظرة الأميركيين تجاه لبنان، أو في استراتيجيتهم في ادارة الملف اللبناني وارتباطاته الاقليمية والدولية.
اللافت في كلامه أمام الكونغرس، أنه قدم مقاربة علنية وواضحة عن طريقة ومستوى التفكير والتخطيط الأميركي لهذه الاستراتيجية على عكس السابق، حيث كانت تبقى مقارباتهم واستراتيجيتهم في إدارة الملف اللبناني (وغيره طبعا) سرية وغير مكشوفة، وهي عادة تتم عبر ديبلوماسييهم مباشرة او عبر جمعيات متعددة الأهداف والعناوين والمواضيع، تحت طابع انساني أحيانا أو تحت طابع ثقافي أو علمي أو ما شابه، إضافة طبعا للاستعانة بالعنصر المحلي اللبناني، والذي تمثله وتلعبه بإتقان أطراف داخلية، لا تشكل أكثر من وكلاء مرتهنين لتلك الإدارة.
النقطة الأخرى التي تحاول دائمًا واشنطن من خلالها التأثير في إدارة وتفعيل تلك السياسة، هي العلاقة مع الجيش اللبناني عبر بوابة المساعدات العسكرية، لناحية دعمه بالعتاد والأسلحة والتجهيزات من جهة، ولناحية المساهمة في التدريب التكتي أو التدريب الفني على التجهيزات والأسلحة التي تقدمها، والأهم لناحية التقارب والتواصل الدائم مع كبار الضباط اللبنانيين من خلال الندوات والمؤتمرات والمناورات.
من هنا، يمكن الإضاءة على سياسة الاميركيبن في عملية دعم الجيش اللبناني أو في طريقة بناء العلاقة مع الجيش اللبناني، والتي يمكن تحديدها عبر الوسائل والأهداف والقيود.
طبعًا،
لكن في الحقيقة، كانت دائمًا
في الواقع، ودائمًا تحت سقف حماية "اسرائيل" أو ابعاد لبنان عن امتلاكه القدرة على مواجهة اعتداءاتها بفعالية، يبقى الحذر الأميركي من حصول الجيش اللبناني على أسلحة نوعية موزعًا في اتجاهين: الاول ويتعلق بخشيتهم "المختلقة" من انتقال تلك الاسلحة الى حزب الله، والاتجاه الثاني يتعلق ايضا بإبعاد تلك القدرات النوعية عن وحدات الجيش اللبناني حماية لأمن الكيان الصهيوني.
لناحية الخوف من انتقال أسلحة الجيش اللبناني النوعية الى حزب الله، يربط الاميركيون هذا الخوف لديهم بالعلاقة القوية بين الجيش اللبناني وبين المقاومة، والتي تفرضها العلاقة الطبيعة بين ابناء الوطن الواحد ، وترعاها سياسة الحكومة اللبنانية في بيانها الوزاري بحفظ وحماية دور المقاومة في الدفاع ضد الاعتداءات، وتفرضها ايضا الاهداف المشتركة في الدفاع ضد إسرائيل وضد الارهاب وضرورة التنسيق الأمني والميداني والعملياتي في سبيل تحقيق دفاع متماسك وفاعل .
لناحية الحذر والخوف الأميركي من حصول وحدات الجيش اللبناني على أسلحة نوعية، يبقى هذا الأمر أيضًا مرتبطًا بعقيدة هذا الجيش والتزامه الدفاع والمواجهة ضد "إسرائيل"، بمعزل عن انتقال أسلحته النوعية - لو حصل عليها - الى حزب الله. لأن
لناحية معركة الجيش اللبناني ضد الإرهاب، فقد ارتفع مستوى المساعدات الاميركية للجيش اللبناني بشكل، سيّما في معركة فجر الجرود ضد "داعش"، حيث حصل الجيش اللبناني حينها على صواريخ نوعية (هلفاير) وعلى تجهيزات فعالة لسلاح المدفعية في توجيه الرماية، وباعداد محددة وكافية فقط لتلك المعركة، وقد ارتبط سبب ذلك الدعم للجيش اللبناني حينها بما آلت إليه تطورات المعركة ضد الإرهابيين بعد تدخل المقاومة لحسمها ومسارعة الأميركيين لمحاولة انتزاع هالة الانتصار على الإرهاب منها.
الشق الآخر والذي يساهم فيه الأميركيون في مساعدة الجيش اللبناني، يتمثل في تقديم تجهيزات عسكرية ولوجستية تتعلق بحماية الحدود البرية الشمالية والشرقية، عبر ما يقدمونه مباشرة أو عبر ما يسمحون لدول أوروبية كالمانيا وبريطانيا بتقديمه الى أفواج الحدود البرية، من مناظير مراقبة وأجهزة اتصال وأجهزة تحسس حدودية وآليات وعتاد لوجستي، صالح ومناسب لضبط المعابر الحدودية ومنع التهريب، ولمنع تسلل الفارين او حتى الإرهابيين بين لبنان وسوريا، وهذا الدعم الاميركي المباشر وتسهيل الدعم الأوروبي، هدفه الرئيس ليس حماية وضبط الحدود مع سوريا، بل يهدف بالأساس ومن ضمن أهداف الغرب وخاصة الاميركيين، الى ضبط وتقييد حركة حزب الله بين لبنان وسوريا، لناحية انتقال المقاتلين او لناحية نقل الأسلحة والصواريخ النوعية.
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
23/11/2024
لماذا تعرقل واشنطن و"تل أبيب" تسليح العراق؟
21/11/2024