موقع طوفان الأقصى الجبهة اللبنانية

آراء وتحليلات

إجتماع بوتين ـ اردوغان المرتقب: تعديل اتفاقي أضنة وأستانة
20/10/2019

إجتماع بوتين ـ اردوغان المرتقب: تعديل اتفاقي أضنة وأستانة

شارل ابي نادر

كما يبدو من  حركة الميدان في شمال شرق سوريا، فقد تثبتت خطوط المواجهة تقريبا على الحدود التي كانت قد وصلت اليها عشية اجتماع انقرة، بين نائب الرئيس الاميريكي مايكل بينس ووزير خارجيته مع الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، والنافر فقط هو ان مدينة راس العين المحاصرة من قبل وحدات الاحتلال التركي ومجموعاته المسلحة، تشهد بعض الاستثناءآت في الاعمال القتالية، حيث من الطبيعي حصولها بسبب تقارب الوحدات وخوف كل طرف من تقدم الطرف الاخر، وسيطرته على اية مساحة تكون مؤثرة نظرا لضيق المسافة .

عمليا ، لقد اصبح واضحا الاطار العام لانتشار الوحدات العسكرية والمجموعات المسلحة في تلك المنطقة الحدودية بين تركيا وسرويا والى العمق جنوبا ، وهو على الشكل التالي :
 
ـ وحدات الاحتلال التركي والمجموعات التابعة لها تسيطر على شريط حدودي بين راس العين شرقا حتى تل ابيض غربا مع عمق موازي بعرض حوالي 32 كلم جنوبا حتى الطريق السريع الدولي ( الحسكة ـ حلب).

ـ وحدات الجيش العربي السوري اكملت انتشارها في منبج ومحيطها وامتدادا شمالا حتى الحدود مباشرة في كوباني (عين العرب)، بالاضافة لمدينة الرقة ومحيطها حتى عين عيسى ضمنا وتل تمر شمال غرب الحسكة ، وحيث انها حتى الان لم تتجاوز  جنوب طريق الحسكة ـ الرقة باتجاه دير الزور، فهي تتحضر لنشر وحداتها على الحدود شرقا بين اليعربية مع العراق وامتدادا حتى القامشلي حتى راس العين غربا.

ـ الوحدات الكردية (قسد ووحدات الحماية الكردية) ما زالت تنتشرفي القسم الاكبر من مدينة راس العين، بالاضافة لتواجدها ضمن خطوط انتشار الجيش العرابي السوري في مناطق الحسكة والرقة المحاذية لانتشار وحدات الاحتلال التركي، مع محافظتها على انتشار واسع على كامل جنوب شرق سوريا، (دير الزور حتى تخوم البوكمال الشمالية).

طبعا هذا الانتشار هو غير نهائي، وسوف يشهد قريبا، تقدما وتوسعا للجيش العربي السوري على اغلب مناطق انتشار الاكراد، وحيث من غير الواضح حتى الان تفاصيل ونقاط الاتفاق مع الحكومة السورية حول مواقع انتشار الوحدات الكردية، فان حدود ومصير انتشار الاحتلال التركي تنتظر الاجتماع المرتقب بين الرئيسين الروسي والتركي في موسكو الثلاثاء في الثاني والعشرين من الشهر الحالي، والذي كما يبدو سيكون اجتماعا مهما، لما سيتضمنه من نقاط استراتيجية تتعلق بمستقبل الشرق والشمال السوري ما بعد انسحاب الاميركيين، فكيف ستتم مقاربة هذا الملف وغيره من النقاط الحيوية المتعلقة بالملف السوري في هذا الاجتماع المرتقب؟

قد يكون الرئيس التركي رجب طيب اردوغان قد المح في مؤتمره الصحافي الاخير (الجمعة 18 من الشهر الحالي)، الى بعض نقاط الاجتماع المرتقب، والتي تتعلق باصراره على القول بان  المنطقة الآمنة في سوريا ستمتد على طول الحدود مع سوريا بنحو 440 كيلومترا وبعمق 32 كيلومترا، موضحا أن ذلك ما تم الاتفاق بشأنه مع الولايات المتحدة، مضيفاً أن تركيا تهدف إلى إنشاء 12 مركز مراقبة في تلك المنطقة الآمنة.

في الحقيقة، كان من اكثر الشروط التي دفعت باردوغان الى قبول وقف اطلاق النار بعد اجتماعه مع الوفد الاميريكي هو انسحاب الوحدات الكردية مسافة 32 كلم جنوبا عن الحدود، الامر الذي تعهد به الاميركيون لجهة اجبار الاكراد على تنفيذه، والذين لم يعترضوا اساسا على ذلك، فيكون بذلك قد انتهى الدور الاميريكي في الاتفاق، ليبدأ بعد ذلك  الدور الروسي والمتعلق بتنظيم  وتنسيق آلية انتشار الوحدات السورية الشرعية شرقا، وبتحديد قواعد الاشتباك والتعامل مع وحدات الاحتلال التركي، والتي سوف يتحدد مصير انتشارها النهائي وحدوده على ضوء العلاقة بين الحكومة السورية والمسلحين الاكراد.

انطلاقا مما ذكر اعلاه لناحية قواعد الاشتباك وخطوط الانتشار النهائية للاحتلال التركي، ولمصير ووضعية الوحدات المسلحة الكردية، والتي لن تكون في النهاية باكثر من استيعاب مُنَظَّم ضمن الوحدات السورية الشرعية وبامرتها ، يمكن القول ان هناك أطارا قريبا لاتفاق أضنة  "مُعدَّلا " بدا يكتمل، وسيكون التعديل لناحية امكانية توسيع مسافة التدخل التركي جنوبا بعد موافقة الدولة السورية، ولناحية توسيع سلطة الدولة السورية، مع احتمال كبير لتواجد عسكري روسي على الحدود كنقاط مراقبة واتصال، لتأمين التواصل والتنسيق مع  12 نقطة مراقبة تركية منتشرة (الامر ينتظر الموافقة الروسية والسورية).

من هنا ، إذا كانت الفقرة الاخيرة والمتعلقة بتواجد روسي (نقاط تنسيق ومراقبة) وتركي (مراقبة) شرق سوريا، تشبه الى حد كبير الية التنسيق التي اعتمدت في اتفاقي استانة وسوتشي حول مناطق خفض التصعيد والمنزوعة السلاح في ادلب، والتي تعثّر تطبيقها بشكل كامل حينها بسبب الضغوط الاميريكة السابقة على كل من تركيا وجبهة النصرة.

واذا كان كلام الرئيس اردوغان الاخير "بان التدخل التركي في شمال شرق سوريا سيؤمن عودة مليون إلى مليوني لاجئ سوري إلى المنطقة الآمنة في شمال سوريا، خاصة إذا تم إضافة كل من الرقة ودير الزور إليها، وان القوات المسلحة التركية لن تغادر المنطقة الا بعد  ضمان الأمن هناك ، حيث الامريتطلب اكتمال اللجنة الدستورية (السورية) التي ستعقد اجتماعها في 30 تشرين الأول بمدينة جنيف ومباشرة عملها، وانه بمجرد اكتمال أعمال صياغة الدستور الجديد وضمان وحدة أراضي سوريا ووحدتها السياسية ستنتقل جميع الأراضي الى سيطرة الحكومة الشرعية (المقبلة) في هذا البلد ... ".

بذلك، يكون الرئيس التركي قد حضَّر لاجتماعه مع الرئيس بوتين، لناحية موافقته على دمج الشرق السوري مع الشمال السوري، لناحية الاجراءآت العسكرية والميدانية والامنية، ولناحية ربط التواجد التركي (الاحتلال) باللجنة الدستورية والتسوية السياسية في سوريا، وبمعنى آخر يكون قد وافق على ان يشمل اتفاق استانة الشرق والشمال السوري، وبذلك يكون الرئيس بوتين قد استطاع، بعد موافقة الايرانيين والحكومة السورية، فرض اجندته الاساسية التي حددها لحل الملف السوري، التي انطلقت عمليا بكامل عناصرها بعد بدء الانسحاب الاميريكي من الشرق السوري.

شرق الفرات

إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات