آراء وتحليلات
الطريق إلى قرطاج: شبح الفراغ الدستوري في تونس
روعة قاسم
ما زالت الأجواء الانتخابية طاغية على المشهد التونسي حيث بدأت حملة الانتخابات النيابية التي ستجرى قبل الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية. وفي حين يتقدم أستاذ القانون الدستوري قيس سعيد على منافسه المعتقل نبيل القروي وفقًا لآخر استطلاعات الرأي، يتقدم حزب الأخير المسمى "قلب تونس" في الانتخابات النيابية على حركة "النهضة" التي تحتل المرتبة الثانية.
وبالتالي فإن نبيل القروي وإن لم يفلح في أن يصل إلى قصر قرطاج فبإمكانه أن يصبح صاحب القصبة (مقر رئاسة الحكومة التونسية) ناهيك عن إمكانية سيطرته على باردو (مقر البرلمان التونسي). وبالتالي فإن بقاءه رهن الإيقاف نتيجة للاشتباه بتورطه في تبييض الأموال يثير الكثير من الجدل في الساحة السياسية التونسية وهو الطاغي على النقاشات في وسائل الإعلام والشارع.
إمكانية الطعن
ويخشى الشارع التونسي من أن يطعن نبيل القروي في نتائج الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية في حال فاز قيس سعيد وذلك على أساس عدم تكافؤ الفرص بين الجانبين سواء خلال الدور الأول أو الدور الثاني. فنبيل القروي حرم من القيام بحملته الانتخابية إعلاميًا وتواصلًا مع الجماهير، وحرم أيضًا من المناظرات التلفزيونية خلافًا لمنافسه قيس سعيد وبقية المنافسين الآخرين في الدور الأول.
ويؤكد محامو نبيل القروي كما المتخصصون في القانون أن الأخير في حال طعن في نتائج الانتخابات لدى القضاء الإداري سيكسب قضيته وستلغى نتائج الانتخابات وسيجد التونسيون أنفسهم في مأزق حقيقي. وكان رئيس الهيئة المستقلة للانتخابات نبيل بفون قد حذر من هذه الفرضية و دعا إلى الإفراج عن نبيل القروي خاصة وأن حصول هذا السيناريو سيخلف فراغًا دستوريًا باعتبار الآجال التي يمنحها الدستور لرئيس الجمهورية المؤقت محمد الناصر، الذي خلف الراحل الباجي قائد السبسي، ستنتهي قريبًا، وبالتالي سيجد التونسيون أنفسهم بلا رئيس.
صورة نمطية
ويتساءل كثير من الكتاب والمحللين عن سبب هذا الاهتمام المبالغ فيه بقرطاج، أي رئاسة الجمهورية رغم أن أغلب الصلاحيات التنفيذية باتت بيد رئيس الحكومة وفقًا للدستور التونسي الجديد. وينطبق هذا بالأساس على نبيل القروي الذي يرجح المراقبون واستطلاعات رأي حزبه فوزه بالمرتبة الأولى في الانتخابات النيابية ما يفتح له الطريق إلى رئاسة الحكومة.
ما هو أكيد هو أن الصورة النمطية لرئيس الجمهورية باعتباره الأب الجامع ورمز وحدة الأمة، والموروثة عن الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة، هي الطاغية على وجدان التونسيين وهي التي تجعلهم يهتمون لرئاسة الجمهورية رغم محدودية صلاحياتها التي تقتصر على الدفاع والسياسة الخارجية. وكذلك الرمزية الحضارية وفخامة الاسم لمقر إقامة الرئيس أي قرطاج، المدينة والحضارة التي سادت لقرون قبل ميلاد المسيح في البحر الأبيض وهيمنت وأنجبت العظماء في شتى الميادين.
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
23/11/2024
لماذا تعرقل واشنطن و"تل أبيب" تسليح العراق؟
21/11/2024