نقاط على الحروف
إعلاميات مقاومات يحاربن MTV وسلاحهن.. "الكلمة"
لم تسلم حرية الإعلام في لبنان من خبث اللعبة السياسية المحاكة ضد المقاومة، وتحت غطاء الحرية الإعلامية، ارتكبت إحدى القنوات اللبنانية المأجورة جرائم إنسانية وأخلاقية بحق لبنانيين، بعضهم نازحين ولاحقًا ناشطين إعلاميين، والتهمة هنا تأتي في سياقٍ واحدٍ لا يتجزّأ: نصرة الحق كلّه، في وجه الباطل كلّه.
إعلاميات لبنانيات ثلاث، انتفضن في وجه أهل التحريض الفتنوي، في الوقت الذي لم تُحرّك فيه السلطة والقضاء ساكنًا، حملن سلاح الكلمة دفاعًا عن المقاومة وأهلها الذين سفكت دماؤهم بتقارير الحقد الإعلامي المأجور بدايةً، وعلى يد العدو الصهيوني ختامًا، ورغم أن ضريبة الوقوف في وجه الباطل كانت مكلفة جدًا، ووصلت لحد محاولة كم الأفواه والتوقيف القضائي، فإن اليقين بالحرية وانتصار كلمة الحق كان مصيرًا حتميًا واقعيًا.
على امتداد أكثر من سبعين يومًا من العدوان "الإسرائيلي" على لبنان، كانت سردية قناة الـ MTV تتماهى مع سردية العدو إلى حدّ لافت وجلي، إن كان على صعيد الخطاب الإعلامي التحريضي على المقاومة، أو حتى تحفيز الانقسام السياسي الحاد الذي حصل خلال فترة الحرب، كأنها تمارس حالة تشفٍّ من المقاومة وبيئتها وجماهيرها.
الإعلامية سحر غدّار صوّرت هذا المشهد الذي عكس أداء قناة لبنانية معادية لنهج المقاومة، تجاوزت بخطابها الحديث عن سلاح حزب الله وسياسته وغيرها من القضايا المشابهة، إلى قضايا تعدّ أكثر خطورة. هذه الأخيرة تمثلت بالحديث عن وجود عناصر حزبية داخل مراكز إيواء النازحين وما يعنيه ذلك من تحريض علني على استهدافهم، يضاف لها، الكلام عن منصات صواريخ في بعض القرى، والتركيز خلال التغطية الإعلامية على وجود "مخازن أسلحة" تنفجر على الهواء، وكل ما ذُكر يأتي تحت خطابٍ ينمّ عن سردية معادية للحس الوطني والقومي بالعداء لـ"إسرائيل."
الأمر عينه تطرقت له الإعلامية غنى غندور التي قاطعت قناة الـ MTV منذ عام 2019، موضحةً في السياق نفسه تجربتها مع تقارير القناة المذكورة. الإعلامية غندور كانت قد تلقت إشعارًا بقيام القناة بالتحريض على المكان الذي تسكن فيه، تحت ذريعة وجود عناصر مسلحة لـ حزب الله هناك، ونشر أخبار عن ضم مراكز إيواء النازحين لعناصر من المقاومة مما عرض الناس للخطر، وبصفتها ناشطة اجتماعية فقد عملت أيضاً في مجال مساعدة النازحين في مراكز عدّة، يضاف لذلك التقارير المنشورة عن مؤسسة القرض الحسن والتي استخدمتها "إسرائيل" كذريعة لتتمكن من قصف مراكز مدنية، "بينما هم بالمقابل يطبلون للمصارف التي يتقاضون رواتبهم منها."
" قناة الـMTV لا يمكن وضعها حتى في خانة التقييم" تشير الإعلامية إيڨلينا مهوّس، مضيفةً أن هذه القناة لا تمتلك هوية وطنية يمكن أن تتحدث باسمها، خاصةً وأنها كانت تتبنى سيناريوهات القناتين 10 و14 العبرية وكلام المتحدث باسم جيش العدو.
وبالحديث عن الحرية الإعلامية التي تتغنى بها القناة اللبنانية، ناشرةً حقدها تحت عباءة هذا المفهوم الدستوري، فإن الأمر هنا لا يمكن أن يصنّف تحت بند الحرية الإعلامية لأنه –والحديث للإعلامية غدّار- يرتبط بالأمن القومي للبلد الذي يعتبر "خطًا أحمرًا" في حال حصول أي استهداف من عدو خارجي، والمسّ فيه يعني المس بكل مواطن وبسيادة الوطن ككل، والقانون اللبناني ينص أساسًا أن "إسرائيل" عدوة للبنان.
وفي الإطار عينه، أكدت الإعلامية غندور أنه في حال كان التحريض على قتل الناس وفتح مساحات للتفرقة والتقسيم والفتنة ومساندة العدو "الإسرائيلي" ينضوي تحت حرية التعبير، "فلنحذف من الدستور اللبناني مفهوم العداء لإسرائيل" لأن ما حصل يسمى "عمالة".
الإعلاميات الثلاث رفضن بشكل قاطع إمضاء أي تعهد بمسح التغريدات مهما كلف الأمر، وأكّدن أن قرار التوقيف هو غير قانوني لأن المدعي العام يحق له أن يدعي عليهنّ ومن ثم يحضرن أمام القاضي الذي بدوره يجرم أو يبرّئ، مع الإشارة إلى أن "الدعوى اتخذت صفة الاستنسابية لدى قناة المُر، ظنًا منها أن زمن ما بعد الحرب ليس كزمن الحرب،" وفقًا للإعلامية مهوّس.
انتصار كلمة الحق توّجت بمشاهد ومواقف مختلفة لدى الناشطات، إذ رأت غدّار أن المقارنة بين مشهد تفاعل جماهير ومراسِلي ومذيعي الـ MTV عند صدور الإشارة بالتوقيف من جهة، ومشهد خروج الإعلاميات إلى الحرية منتصرات من جهة أخرى، عكس الخيبة الكبيرة التي مني بها هؤلاء، وشكّل انتصارًا واضحًا للحقيقة، بينما اعتبرت مهوّس أننا نعيش اليوم جميعًا في خضم حرب إعلامية كبرى لا تقل أهمية عن الحرب العسكرية، وكل ما كتبناه لمنع الفتنة في وجه أصوات كانت تدعو لها، يعدّ انتصارًا، وقرار القاضي الشريف بالتنحّي عن القضية امتناعًا منه عن إصدار مذكرة التوقيف وفقًا لغندور، يندرج أيضًا تحت المبدأ عينه.
الناشطة مهوّس أوضحت أنه ما من وصاية لوزارة الإعلام على أي محطة لبنانية خاصة، مع العلم أن وزير الإعلام عندما وجد أن هناك استنسابية في القضية تدخل في الأمر، وفي الإطار نفسه شدّدت الناشطة غدّار على أن الأساس اليوم ألا تكون الوزارات خاضعة للمؤسسات التي تعمل لمصالح حزبية وتحت حمايتها، وهنا تبرز الحاجة إلى قضاء عادل ومستقل وقوي، وبدورها أشارت الزميلة غندور إلى أنه رغم اعتبار وزير الإعلام أن حرية التعبير مقدسة إلا أنها استغربت عدم اتخاذ أي إجراءات إيجابية بحقهنّ في ما يتعلق بحرية التعبير.
رسالات عديدة تشاركت الإعلاميات في توجيهها للرأي العام، اختلفت الألفاظ فيها وتوحّدت المعاني، مفادها أن صوت الحق هو دائمًا الأعلى، وللحق ألف جولة وجولة، وأن المقاومة علمتنا ذلك، هي ليست حزبًا، بل نهجًا وأرضًا وعرضًا وفكرًا، وهي منفتحة على الجميع مؤمنة بالوطن أكثر من أي أحد، وما حدث لا يعكس مجرد سقطة إعلامية ومهنية بل مسار لاوطني لدى هؤلاء الذين احتفلوا بسقوط ما وصفوه بـ"نظام ديكتاتوري" ومارسوا العهر والدجل الاعلامي في سجن صيدنايا، ثم عمدوا في نفس اللحظة إلى محاولة زج الناس في السجون، لكن في نهاية المطاف "كنا نعي ما يريدون؛ وانتصرنا عليهم." وفق ما ختمت الإعلاميات الثلاث.
إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف
22/12/2024
متى نستفيق من سكرة السكوب؟
20/12/2024
الإعلام حربٌ بدون دماء.. أو الأكثر دموية
17/12/2024
صيدنايا.. درة الدجل الإعلامي
17/12/2024