نقاط على الحروف
هل يرجح رفض الحرب "الإسرائيلية" كفة ميزان الانتخابات الأميركية؟
"إلى متى تطول الحرب؟" ..سؤال يختصر سنة ونيف من عدوانية الحرب "الإسرائيلية" الهمجية وقوة الصمود الأسطوري للمقاومة في فلسطين ولبنان وجبهة المقاومة في وجهها..حركة الموفدين والمبعوثين الدبلوماسية طوال مدة ما قبل الانتخابات الأميركية كانت بلا بركة، كان خلفها تأثير الميدان وحاولت ملء الفراغ ريثما تأتي الانتخابات الرئاسية المفصلية ويتبين على ضوئها من سيدخل البيت الابيض رئيسًا دونالد ترامب أم كامالا هاريس لتتحدد وفق ذلك الإستراتيجيات والخيارات.
من المؤكد أننا لسنا في حالة انتظار القرار الأميركي مع القيادة الجديدة، فمهما تكن هذه القيادة فإن أمن "إسرائيل" أولويتها. وجاءت طروحات وقف الحرب الأميركية - "الإسرائيلية" واضحة بشروطها في هذا الشأن، في حين أن أمن المنطقة العربية برمتها مهدد منذ أن اتخذ القرار بدخول الحرب المجرمة والعبثية والتوسعية أراضي غزة في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 وبحضور رئاسي أميركي. وما أظهرته الحرب من خطط ممنهجة في تدمير البنى التحتية في غزة، ومن ثم تدمير القرى الحدودية الممنهج في لبنان، يثبت أن الصهاينة استعدوا لفكرة حرب مفاجئة في وقت معين ويدرسون كل خطواتها بمعزل عن حصول طوفان الأقصى، وهذه النوايا لا يمكن أن تقوم إلا بتنسيق عال مع الإدارة الأميركية أياً كانت.
خلال الحرب على غزة، بدأ الإعلام الأميركي سيل من الدعاية من أجل بدء الحرب على لبنان بهدف حماية الكيان من صواريخ المقاومة، وأوصى مديري مراكز دراسات صهيونية باحتلال أراض من لبنان حتى ما وراء المرتفعات، ونحن نتحدث هنا عن جبل صافي وجبل الريحان. ثم خطب رئيس وزراء العدو، بنيامين نتنياهو، في الكونغرس الأميركي، ووعد الأميركيين في 25 تموز/ يوليو بـ"الدفاع عن الديمقراطية الغربية" كما سماها، ثم وقف في الأمم المتحدة في 27 أيلول/ سبتمبر ليتحدث عن "الشرق الأوسط الجديد". واليوم ونحن نشهد توسيع بقعة القصف الصهيوني باتجاه مختلف المناطق اللبنانية فإن النوايا الصهيونية قد خطت بالقلم العريض. وابتدأت الولايات المتحدة بفك عروض مناقصات الاستسلام المقترحة بعنوان" السلام" عبر المبعوث الأميركي إلى لبنان، عاموس هوكشتاين. لماذا؟ الجواب يمكننا قراءته في صحيفة "معاريف" العبرية في 30 الشهر الماضي التي نقلت عن مسؤولين صهاينة قولهم، إن الإدارة الأميركية تزيد من انخراطها في ساحتين في آن واحد: الترويج لصفقة الأسرى في غزة وتحقيق وقف إطلاق النار على الحدود الشمالية، سعياً لتحقيق إنجاز كبير قبل الانتخابات الأميركية. وضمن هذا المخطط يمكن قراءة التحركات الأميركية الانتخابية.
إجهاض "الإسرائيلي" محاولة الربع الساعة الأخيرة قبل الانتخابات الأميركية والتي قادها هوكشتاين للوصول إلى وقف إطلاق النار ترافق مع "كرت بلانش" بتوسيع القصف، ليس فقط حتى موعد الانتخابات الأميركية في الخامس من هذا الشهر، وإنما حتى موعد استلام الرئيس الجديد أيّاً يكن: كامالا هاريس أو دونالد ترامب. فالأميركي أعطى الكيان فترة شهرين سماح إضافيين بالقصف الحر والعشوائي.. الإدارة الديمقراطية التي رعت الحرب في موقف صعب اليوم قد يفقدها ولايات ديمقراطية مهمة مثل كاليفورنيا ونيويورك. أما أزمة الكيان فتتضح في مطالبات عدد من جنرالات العدو الأسبوع الماضي قيادتها السياسية بوضع إستراتيجية مختلفة، لأن بنك الأهداف قد نفد في غزة ولبنان، وبانت نتائج عمليات "إيلام العدو"، وصرخة تموز 2006 بوقف الحرب على وشك أن تدوي مرة أخرى.
يبدو أن العدو لم يعد بمقدوره الرهان على تحقيق أهدافه، فهو لم يستطع تحقيق أي هدف حتى اليوم. إذ كان يحسب أن البطش الذي ينزله بالمدنيين في القرى والبلدات وفي مراكز النزوح أو استهداف المقاومين سيؤديان إلى إضعاف أهل المقاومة وتقويض عزيمة أهل العزم المقاومين. وهذا ما لن يحدث أبداً. وسترافق خسارات أرض المعركة التي يتلقاها الصهاينة خسارات في ملعب السياسة. والتأثير الذي ستحدثه نتائج الحرب في لبنان وغزة سيكون مدوياً في الانتخابات الأميركية. وهنا يجب أن نأخذ بعين الاعتبار الخبر الذي نقلته "رويترز" في 20 تموز/ يوليو 2024 حول اللقاءات التي تعقد ما بين عضو "الكنيست" الصهيوني صاحبة النفوذ داخل "اللوبي" الصهيوني الأميركي، روث ليبرمان، وبشكل شخصي مع أعضاء في الكونغرس الأميركي من الجمهوريين من اليمين المسيحي المتطرف من أمثال السيناتور المتطرف مايك لي. إذاً الميدان باتت نتائجه مخيبة لـ"الديمقراطيين" كما أن توجهات السياسيين المتطرفين الصهاينة باتت تتلاقى أهدافها مع اليمين الأميركي المتطرف من "الجمهوريين".
يوم السبت الفائت، زار ترامب ولاية ميشيغان، وحاول الاستفادة من الاستياء الشعبي للجالية العربية في ديربورن- ميشيغان من الدعم الأميركي المطلق للصهاينة والمجازر المرتكبة في غزة، وزاد استياءها بعد دعم الحرب على لبنان. وفي حين أن "هاريس" ونائبها لم يستيطعا خلال اللقاءات التي تتوالت بعد مناظرتها مع ترامب، وزيارتها لميشيغان الإجابة على السؤال المطروح حول مصير الحرب في "الشرق الأوسط"، أجاب ترامب الناخبين في ديربورن/ ميشيغان، الولاية التي تسببت بشكل مباشر بخسارة ترامب في 2019، أنه سيوقف كل الحروب وهو ضد الحرب، وتجنب قول: ”من حق "إسرائيل" الدفاع عن نفسها“. وترامب سيذهب باتجاه توسيع فضاء اتفاقيات "أبراهام"، وقد نذهب باتجاه ما عرضه نتنياهو في الكونغرس وهو اتفاقيات "أبراهام عسكرية" وليس اقتصادية فقط.
ولكن إذا ما ربح الديمقراطيون فإن الشعار المرفوع اليوم هو "حل الدولتين" بالنسبة لفلسطين، ولا ننسى أن الشعار البائد، هو شعار كان خلال السنوات الأربع الماضية حبراً على ورق. والدعم الذي تلقاه الصهاينة خلال السنة الفائتة كان هدفه الأساسي منح "إسرائيل" اليد العليا، ولكن أخطأ كل من الأميركيين والصهاينة الحساب. ففي نهاية الأمر ما يريده الاثنان والغرب مجتمعاً منح الدولة المارقة الأمان، لأنها تمثل شركة مساهمة محدودة، وجيشها هو ذراع أميركي من المرتزقة يشبه في تركيبتهما تركيبة نشوء الولايات الأميركية المختلفة، مثلما نشأت الولايات عبر شركات بنسلفانيا وكاليفورنيا وجورجيا وغيرها. وهم حتى الساعة لا يستطيعون الخروج من هذه العقلية في فلسطين، ويعملون بنفس المنهج الذي عمل فيه البريطانيون في القرن السابع عشر وحتى اليوم. ولذلك كانت الحرب على لبنان ضمن سياسة تأمين أمن الكيان، ولكن الأميركي لم يفهم بعد أن ما كان عليه الوضع العربي بأجمعه قد اختلف اليوم، فكيف في لبنان وفلسطين وسورية والعراق واليمن، وأهل ههذ البلدان يعيشون حالة من الاستنفار والحروب المفتعلة منذ احتلال العراق وحتى اليوم. ولذلك ما زال الديمقراطيون عند طرحهم، ولكن بمعزل عن الشروط الصهيونية أو شروط نتنياهو، والتي هي في المحصلة هي شروط أميركية، أسست لها خلال الدولة العميقة في أميركا، ولا يستطيع تجاوزها لا الجمهوريون ولا الديمقراطيون وإن طرحوا حل الدولتين ثانية.
ومع ذلك، لنكن متأكدين من أنه إذا ما خسر الديمقراطيون خلال الانتخابات ولايات ميشيغان وبنسلفانيا وويسكونسن مجتمعة أو إحداها، وهي بالمناسبة ذات أغلبية مسلمة وعربية، وتقليدياً هي ولايات ديمقراطية، فإنه وللمرة الأولى سيكون الميدان العربي في فلسطين ولبنان اللاعب الأساسي في تقرير مصير أحد الحزبين الأكبرين في الولايات المتحدة. فالناخب العربي قد لايمنح صوته لترامب ولكنه بالتأكيد سيقوم بمقاطعة "هاريس"، بعد تصويته بغير ملتزم في شباط/ فبراير هذا العام. فهل يؤثر الميدان الفلسطيني- اللبناني في الانتخابات الأميركية؟ وهل يرجح رفض الحرب "الإسرائيلية في غزة ولبنان كفة ميزان الانتخابات الأميركية؟
الولايات المتحدة الأميركيةالانتخابات
إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف
12/11/2024
جونسون بعد شيا: وكر الشرّ لا يهدأ
09/11/2024
أمستردام وتتويج سقوط "الهسبرة" الصهيونية
08/11/2024
عقدة "بيت العنكبوت" تطارد نتنياهو
07/11/2024