معركة أولي البأس

نقاط على الحروف

الـMBC.. الوجه الآخر لأجندات واشنطن و"تل أبيب"
23/10/2024

الـMBC.. الوجه الآخر لأجندات واشنطن و"تل أبيب"

قد لا تكون المرة الأولى التي تتسبب فيها وسيلة إعلام سعودية بإثارة غضب ملايين الناس، من العراقيين وغير العراقيين، بسبب الإساءة إلى رموز دينية ووطنية، أو تجاوزها معتقدات وتوجهات معينة. فقبل التقرير الذي ظهر على شاشة قناة MBC قبل عدة ايام، والذي وصفت فيه عددًا من شهداء قيادات المقاومة في العراق وايران ولبنان بالإرهابيين، وصنفتهم في خانة الإرهابي أسامة بن لادن. قبل ذلك، حفلت قنوات فضائية وصحف ومواقع إلكترونية سعودية ببث ونشر الكثير من الموضوعات والبرامج المسيئة لرجال دين وقيادات سياسية وعسكرية مقاومة وكيانات ومؤسسات، مثل الحشد الشعبي وحزب الله اللبناني وحركة أنصار الله اليمنية، وغيرها.

غالبًا ما كانت تأتي الإساءات من المؤسسات الإعلامية السعودية، وحتى غير السعودية، في توقيتات مدروسة ارتباطًا بظروف واوضاع وحسابات خاصة، تندرج في إطار توزيع مهام وأدوار ضمن أجندات ومشاريع كبيرة، ترسمها وتديرها وتوجهها مراكز القرار الغربية المعادية لمحور المقاومة، وتحديدًا من واشنطن ولندن و"تل أبيب".

في هذا الصدد؛ لا بدّ من الإشارة إلى جملة أمور لكي تكون الصورة واضحة بمجمل أبعادها وجوانبها، ولا يقتصر التعاطي والتقييم مع واقعة الفعل الأخير للــــMBC وردود الفعل الغاضبة عليه، والتي وصلت إلى حد اقتحام مئات المواطنين العراقيين مكتبها في بغداد، وتدمير ممتلكاته وإحراقه.

الأمر الأول: تعدّ القناة المذكورة من المؤسسات الإعلامية الرسمية في المملكة العربية السعودية، وهي خاضعة لتوجيه ورقابة صارمة، ومن غير الممكن لها أن تجتهد وترتجل في قضايا حساسة وخطيرة. هذا فضلًا عن المؤسسات الإعلامية غير الرسمية، والتي هي الأخرى لا يمكنها السباحة عكس تيار السلطة؛ بل لا يمكنها أن تحيد ولو قليلًا عن المسارات والخطوط المرسومة سلفًا، واذا كان هناك هامش صغير من حرية الطرح، فهو يشمل قضايا اجتماعية أو سياسية أو اقتصادية ثانوية ليس إلّا.

الأمر الثاني: كان الإعلام السعودي- وما يزال- يتبنّى موقفًا سلبيًا عدائيًا من العراق، مؤسسات حكومية ومرجعيات دينية وقوى سياسية ومكونات مجتمعية، بالرغم من حصول تطور يعد مقبولاً في العلاقات بين بغداد والرياض خلال الأعوام القليلة الماضية.

لعلّ الكثيرين يتذكرون المقدار الكبير من الضخ التحريضي للإعلام السعودي ضد العراق، خلال حربه ضد تنظيمي "القاعدة" و"داعش" الإرهابيين، وتصديه للفتنة الطائفية التي أريد لها أن تغرقه في بحر من الدماء. وكان هذا الضخ الإعلامي متساوقًا ومترافقًا مع الفتاوى الدينية التكفيرية للمؤسسات والشخصيات الدينية السعودية، وتدفق الانتحاريين السعوديين وغير السعوديين إلى العراق، لقتل أكبر عدد من  الناس الأبرياء!.

الأمر الثالث: يتحرك الإعلام السعودي بمفاصله المختلفة ضمن مسار عام، تتحرك فيه وسائل إعلام بعض الدول الخليجية والعربية، وأبرزها الإمارات العربية المتحدة وكذلك وسائل إعلام أميركية وغربية، تبث باللغة العربية إلى جانب بثها باللغة الإنجليزية، فضلًا عن لغات أخرى، إلى جانب وسائل الإعلام الصهيونية.

لقد بدا ذلك واضحًا إلى حدٍّ كبير في التعاطي مع مجمل وقائع معركة "طوفان الأقصى" والعدوان الصهيوني على فلسطين ولبنان، وما خلفه ذلك العدوان من مجازر مروعة يندى لها جبين الإنسانية.

إذ إنّ القنوات الفضائية، "العربية" و"الحدث" و"سكاي نيوز" و"أبو ظبي"، والصحف، "الشرق الاوسط" و"الاتحاد" و"البيان"، ومختلف وسائل الإعلام السعودية والإماراتية ومنصات التواصل التابعة لها، كانت تدور في فلك الإعلام الأميركي والصهيوني، بل إنها بدت وكأنّها صدى لقناة الحرة وقناة CNN، وللقنوات 12 و13 و14 الصهيونية. وأكثر من ذلك، كانت، في كثير من الأحيان، تبدو لمن يتابعها أنها "ملكية أكثر من الملك"، حيث إن مساحة النقد وإبراز جوانب من جرائم الكيان الصهيوني غابت عنها تمامًا، في حين إنه حتى في وسائل الإعلام  الصهيونية، هناك انتقادات حادة لكبار قادة الكيان وتشخيص لسياساتهم المتهورة وخطواتهم الحمقاء، وإن كان جوهر تلك الانتقادات لا يندرج في إطار الدفاع عن الفلسطينيين واللبنانيين بقدر الدفاع عن الصهاينة النازحين وساكني الملاجيء.  

من أقرب مصاديق ذلك التحرك في المسارات ذاتها، هو أن إساءات قناة MBC السعودية لرموز المقاومة وقادتها، جاءت متزامنة تقريبًا مع إساءات القناة 14 الصهيونية للمرجع الديني الكبير آية الله العظمى السيد علي السيستاني.      

الأمر الرابع: مثلت قناة MBC، من خلال فرعها  العراقي MBC عراق، والذي افتتح في السابع عشر من شهر شباط/ فبراير 2019، أحد أدوات الحرب الناعمة التي استهدفت القيم الدينية والأعراف الاجتماعية والثوابت الاخلاقية للمجتمع العراقي، فمختلف برامجها وأعمالها الدرامية والكوميدية كانت تنطوي على رسائل سلبية للغاية، وتؤسس لثقافة مشوهة، وتعمل على تسطيح الوعي، والإساءة إلى الرموز بأشكال واساليب وصور مختلفة.    

ممّا لا شك فيه أن الاحاطة بكل أبعاد الصورة وجوانبها، يتيح فهم وتفهم ذلك الغضب الشعبي العراقي، وتقدير صوابية قرار الجهات العراقية الرسمية المختصة بإلغاء رخصة القناة السعودية. وهذا ما يفترض أن يشمل قنوات عربية وأجنبية أخرى تسير على المنوال نفسه. هذا فضلًا عن وجوب قيام القنوات الفضائية العراقية بمقاطعة المروجين والمسوغين، بشكل أو بآخر، لجرائم الكيان الصهيوني من كتّاب ومحللّين سياسيين وأصحاب رأي؛ لأن كل خطأ أو تجاوز ينبغي أن يقابل بحزم يتناسب وطبيعته ومستوى خطورته وحقيقة أهدافه وأجنداته.

التضليل الإعلاميالمقاومةوسائل الإعلامالجيش الاسرائيلي

إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف

التغطية الإخبارية
مقالات مرتبطة
أن تصبح سردية العدو شغل LBCI الشاغل!
أن تصبح سردية العدو شغل LBCI الشاغل!
صناعة الالتباس وحلقة الكذب..إحدى إستراتيجيات الحرب النفسية
صناعة الالتباس وحلقة الكذب..إحدى إستراتيجيات الحرب النفسية
متى تُفرض رقابة لبنانية على دعاية العدو الحربية؟
متى تُفرض رقابة لبنانية على دعاية العدو الحربية؟
الإعلام في زمن الحرب: إعادة توضيب وإرسال الدعاية "الإسرائيلية"!
الإعلام في زمن الحرب: إعادة توضيب وإرسال الدعاية "الإسرائيلية"!
التطبيل صناعة سعودية
التطبيل صناعة سعودية
لبنان يرفض اتفاق إذعان..العين على الميدان .. والكرة في ملعب ثنائي العدوان
لبنان يرفض اتفاق إذعان..العين على الميدان .. والكرة في ملعب ثنائي العدوان
ما بين عامَي 1948 و2024 ما الذي تغيّر؟
ما بين عامَي 1948 و2024 ما الذي تغيّر؟
أي ارتباط بين الميدان ومفاوضات وقف إطلاق النار ؟ قراءة عسكرية ميدانية
أي ارتباط بين الميدان ومفاوضات وقف إطلاق النار ؟ قراءة عسكرية ميدانية
جريمة اغتيال الشهيد عفيف وتعويض العجز العسكري والإعلامي للعدو
جريمة اغتيال الشهيد عفيف وتعويض العجز العسكري والإعلامي للعدو
المقاومة الإسلامية في العراق: استهدفنا هدفًا حيويًا جنوب الأراضي الفلسطينية المحتلة
المقاومة الإسلامية في العراق: استهدفنا هدفًا حيويًا جنوب الأراضي الفلسطينية المحتلة
مبارك لـ"النهار" جائزة استحسان "هآرتس"
مبارك لـ"النهار" جائزة استحسان "هآرتس"
الإعلام الغربي تسويغ القتل وتجميل صورة جيش الاحتلال
الإعلام الغربي تسويغ القتل وتجميل صورة جيش الاحتلال
المراسل الحربي لا ينقل "مجرد وجهة نظر"..!
المراسل الحربي لا ينقل "مجرد وجهة نظر"..!
جرائم "إسرائيل" بحق الإعلاميين لن تسكت صوت المقاومة
جرائم "إسرائيل" بحق الإعلاميين لن تسكت صوت المقاومة
إعلام العدو: مستوطنات الشمال تشهد تراجعًا دراماتيكيًا في الإنفاق التجاري
إعلام العدو: مستوطنات الشمال تشهد تراجعًا دراماتيكيًا في الإنفاق التجاري
الاحتلال يُقر.. مقتل جندي من "غولاني" وإصابة ثلاثة بجروح خطيرة جنوب لبنان
الاحتلال يُقر.. مقتل جندي من "غولاني" وإصابة ثلاثة بجروح خطيرة جنوب لبنان
بين "أولي البأس" و"سهام الشمال".. المسافة صفر
بين "أولي البأس" و"سهام الشمال".. المسافة صفر