نقاط على الحروف
عن منشورات "الإخلاء" وصورة جيش العدو الملطخة بالدماء
بُعيد انتصاف الليل أو قُبيل الفجر، يلقي الناطق باسم جيش العدو مناشير إلكترونية تدعو المدنيين في مناطق محدّدة إلى إخلائها والابتعاد مسافة ٥٠٠ متر على الأقلّ حرصًا على سلامتهم.. وهل هناك أحرص من هذا العدو على سلامة المدنيين؟! شرّ البليّة هذا ليس مضحكاً، بل مدعاة للسخرية تطول، وتكشف نفاق الصهاينة أكثر.
منذ نشأة الكيان الصهيوني القاتل، اعتمد على ارتكاب المجازر بالمدنيين كمهرب دائم من خسائره في ميادين المواجهة المباشرة. ولطالما شكّل المدنيون بالنسبة له بنك أهداف في كلّ معركة يخوضها؛ وتطول قائمة المجازر الموثّقة والتي ارتكبت ضدّ مدنيين عُزّل في فلسطين ولبنان. ما الذي يدفعه إذًا إلى إطلاق هذا النوع من التحذيرات؟ بعد السابع من تشرين الأول/أكتوبر، عادت القضية الفلسطينية إلى واجهة الأحداث العالمية وتصدّرت صور المجازر التي يرتكبها العدوّ في غزّة بحقّ الأطفال والنساء وكلّ المدنيين صفحات منصات التواصل الإلكتروني حول العالم، رغم الجهود التعتيمية التي بذلها الصهاينة والحكومات الداعمة لهم: صور الأشلاء المقطعة والأجساد المسحوقة وفيوض الدم دفعت شعوب العالم إلى تحركات في شوارع بلدانها للتنديد بالإجرام الصهيوني الذي يفوق التصوّر.. في البداية، لم يبدِ العدوّ أيّ اهتمام في تلميع صورته، فقد اعتمد على الصحافة العالمية للتسويق لروايته عن الأحداث وتناسى الإعلام الإلكتروني في البلدان كافة، ودوره في فضح ما لا تتحدّث عنه الصحف والمؤسسات الإعلامية الناطقة صهيونيًا. ولكن مع امتداد أمد الحرب،
استشعر الصهاينة خطر انهيار صورتهم "الأخلاقية" في نظر شعوب الأرض، والذي شكّل إحراجًا للحكومات الداعمة في أوروبا خصوصًا، فكان لا بدّ من محاولة تلميع هذه الصورة عبر ادعاء الحرص على المدنيين وتحييدهم عن الاستهداف وبهذا يظهر الكيان كأنه يلتزم المواثيق الدولية التي تحرّم التعرض للمدنيين. من هذا المنطلق، لوحظ نشاط الناطق باسم جيش العدو على منصات التواصل: ينشر بعض الخرائط للأماكن التي سيتم استهدافها قبل وقت قصير من الغارات والقصف..في كل ليلة تقريبًا.. وثمّة بعض الملاحظات التي تكذّب ادّعاءات الحرص هذه، ومنها:
- التحذيرات تأتي في ساعات متأخرة من الليل، وبالتالي فهي قد لا تصل للمدنيين الذين يفترض الصهاينة أنّهم موجودون في المباني السكنية التي يذكرونها، فغالبية الناس نيام في مثل هذا الوقت.
- تتضمن التحذيرات كذبة تقول، إنّ المباني السكنية التي سيصار إلى استهدافها تحوي أهدافاً عسكرية بغية تحريض الناس على المقاومة، وبغية الإيحاء بأن حزب الله يخفي نقاطاً عسكرية بين المدنيين. وقد رأينا ورأى العالم أن جميع المباني التي قصفت عقب التحذيرات هي مبان سكنية خالية من أي نشاط عسكري.
- بالتزامن مع الغارات التي تستهدف الأماكن المذكورة في التحذيرات، يجري استهداف أماكن أخرى لم تُذكر. وبالتالي كذبة الحرص على المدنيين تسقط حتى من أكثر العيون جهلًا أو تصهينًا.
- تأتي الغارات مباشرة بعد الإنذار بالإخلاء، أي لا فاصل زمنياً كافياً حتى تغادر العائلات المكان المهدّد.
- لا قيمة لادعاء الصهاينة تحييد المدنيين بعد أن شهدنا وشهد العالم ما الذي جرى على المدنيين في فلسطين ولبنان. ومحاولتهم تلميع صورتهم عبر منشورات تحذيرية تتزامن مع تدمير منهجي وهائل لكلّ ما يخصّ المدنيين، حياتهم، بيوتهم، أرزاقهم.
هي ليست أوّل معركة نخوضها مع العدو الصهيوني. ولدينا ذاكرة حافلة بأسماء وصور وحكايات تحدّث عن الانتهاكات الوحشية التي ارتكبها العدو ضدّ كلّ ما يتعلّق بالحياة الإنسانية، وبالمدنيين.. أمّا كذبته اليوم، فهي كسائر أكاذيبه، محاولة بائسة لتلميع صورة فاحت منها رائحة الإرهاب وصارت مقترنة بالجريمة. هذا الجيش الذي بات يوصف حول العالم بقاتل الأطفال، لن نسمح له أن يلمّع صورته بمنشورات تحذيرية تدعي حرصًا على مدنيينا، فالعالم كلّه بات يعلم ويرى، ما الذي يفعله الصهاينة بحقّ المدنيين!
الجيش الاسرائيليالعدوان الإسرائيلي على لبنان 2024
إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف
20/11/2024
ما بين عامَي 1948 و2024 ما الذي تغيّر؟
20/11/2024
أن تصبح سردية العدو شغل LBCI الشاغل!
18/11/2024
عن قائد كتيبة الإعلام المحارب..
16/11/2024
ضاحية السيد: مدينة تسكننا!
16/11/2024
الانهزاميون ينتشون بفائض الحرب والتدمير
15/11/2024