نقاط على الحروف
بريد المقاومة: رسائل بين إخوة
على الجبهة الواحدة، وقد اشتدّ القتال واشتدّ اليقين، ينظر الأخ ناحية أخيه، والجميع مخضّب بغبار المعركة ودم الأحبّة، ويخاطبه.. يهمس له بسرّ أو يوجّه له رسالة بصوتٍ يُسمِع كلّ أهل الأرض وكلّ ذي نخوة..
في هذا السياق الأخويّ الأصدق، وردت إلى المقاومة الإسلامية في لبنان رسالة من المقاومة الفلسطينية.. رسالة كأنها "يا أخي"... مشهد رأيناه يوم أمس، أخ يخاطب أخاه.. رفيقان على الجبهة الواحدة يتحادثان.. مجاهد في المعركة يدرك أن شُدّ عضده بأخيه فيكتب له: "إسرائيل تقف على أطراف أصابعها ويتملكها الخوف والانتظار المؤلم المكلف [...] حان اليوم أيها الأبطال المجاهدون، وقت التقدم نحو فتح باب خيبر من جديد، والعمل على زوال إسرائيل من الوجود."
بالبريد السريع وصلت الرسالة، كما رسالة السابع من تشرين الأول/أكتوبر، وبينهما حوالي ١١ شهرًا ودم توحّد على امتداد جبهات القتال..، في الرسالة الأولى أعلن القائد العام لكتائب "القسام"، في حركة "حماس"، محمد الضيف، عن بدء "طوفان الأقصى": "اليوم، كل من عنده بندقية فليخرجها فقد آن أوانها [...] أدعو إخوتنا في المقاومة بلبنان وإيران واليمن والعراق وسورية للالتحام مع المقاومة بفلسطين".
لم يتأخّر الإخوة عن نصرة أخيهم.. دخلت المقاومة في لبنان المعركة وفتحت جبهة الإسناد.. قهرت العدوّ وراكمت على مدى الأشهر عملًا نوعيًا أدّى إلى ما لم يستطع الصهاينة احتماله: المستوطنات في الشمال استحالت مدن أشباح، المواقع والمراكز العسكرية المعادية في شمال فلسطين دخلت دائرة الاستهداف ودُمّرت تجهيزاتها التجسسية ومنشآتها المتطورة، قتلى يتزايد عددهم كلّ يوم في صفوف الجند المحتلين، ذعر يدوّي صوته مع صافرات الإنذار وفشل بعد فشل للقبّة الحديدية في مواجهة سلاح المسيّرات.. ورعب يشلّ الكيان كلّه ويؤرق العالم كلّه بانتظار الردّ الموعود..
وكما من لبنان، كذلك من سائر بلاد جبهة المقاومة.. لم يسكت الأحرار عن نصرة غزة، ولذلك بعد الأشهر هذه، وردت الرسالة الثانية ودعت إلى التقدّم نحو فتح باب خيبر.. سمعناها بصوت فلسطين التي نالها ما نالها من بطش عالم الاستكبار وتوحشه، ومن خذلان "ذوي القربى" وأهل الخيانات والتطبيع، ورأت ما رأت من مشاهد الفداء الأجمل في إيران واليمن والعراق ولبنان، ومن حكايات جبل عامل الذي استحال أرض معركة الإسناد، فكان بحقّ خير سند.
بصوت الطلقات وفوح الدم الذي "أغلى ما عندنا" تخطّ المقاومة في لبنان الجواب.. بصوتِ عمادها يقول:"الهدف واضح ومحدّد ودقيق: إزالة إسرائيل من الوجود".. بصوت فؤادها الذي بعد الشهادة دوّى ناصرًا للمستضعفين بعد عمر أُفني في سوح القتال ضدّ العدوّ.. بصوت عباسها السيد الموسوي وشيخها الجليل راغب حرب.. بصوت شهدائها أجمعين وأهلها الموقنين بالنصر، تجيب المقاومة: ما تركناكِ يا فلسطين.. وباب خيبر الذي نوالي قالع بابه، سنزيله مرّة أخرى..
رسائل الجبهة نعرفها جيّدًا.. ونوقن بعلوّ مقام طرفيها وصدق كلّ ما يرد فيها.. سبق أن حفرت في وجداننا أجمل الكلمات وأصدقها في تموز ٢٠٠٦ حين خاطب رجال الله في الميدان قائدهم فردّ الرسالة بأجمل منها.. هذه الرسائل تصبح بعد حين الشاهد على كلّ ذاكرتنا، تُحفظ في أرواحنا كما حُفظت رسائل تموز.. وجّهت المقاومة الفلسطينية رسالتها. تلقّتها المقاومة في لبنان. أخوان يتحادثان على أرض الجبهة، والقتال مشتعل والدم فيض عزيز يسقي التراب ويشبعه شرفًا وعزّة.. من غزة إلى أرض المقاومة في لبنان.. ميدانان متآخيان موحّدان يتخاطبان، وبأعلى الصوت يبلغان كلّ أهل الأرض: باب خيبر لن يطول وقوفه، فانظروا الميدان..
حزب اللهحركة المقاومة الإسلامية ـ حماسالمقاومةفصائل المقاومة الفلسطينيةجبهة المقاومة
إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف
09/11/2024
أمستردام وتتويج سقوط "الهسبرة" الصهيونية
08/11/2024
عقدة "بيت العنكبوت" تطارد نتنياهو
07/11/2024