نقاط على الحروف
خطيئة "الجنائية الدولية"
لم يُسجل أن أنصفت محاكم دولية شعب فلسطين. قرابة 8 عقود من الزمن، يُهجّر الفلسطينيون من أرضهم وتُقام عليها المستوطنات، وتعج معتقلات الاحتلال بالشبان والشيوخ والأطفال والنساء، ويُسفك دم الفلسطينيين ويُعتدى على مقدساتهم وتاريخهم، وحتّى من يعيشون داخل ما يسمّى بالخط الأخضر يُعاملون كـ "مواطنين" من الدرجة الثانية.
لم يحصل أن هبّ العالم لأجل حقّ واضح مسلوب، بل ما شهدناه ونشهده دومًا هو غضّ الطرف عن الجلاد وأفعاله، وتحيّز له وسط دعم دولي مفتوح يُترجم عند كلّ استحقاق.
في الأمس، ساوت المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بين الضحيّة والجلاد، فتوجهت نحو إصدار أوامر اعتقال بحق رئيس وزراء الكيان بنيامين نتنياهو ووزير حربه يوآف بتهم ارتكاب إبادة جماعية وتجويع وأمور أخرى، تنكرها واشنطن و"تل أبيب"، وتوضحها الصور التي لا ينقطع صدورها من قطاع غزّة. إلى هذا الحد، نحن أمام واقعية للمشهد، لكن الجنائية الدولية، وفي توجه مشبوه على قاعدة "الكل مسؤول" أصدرت توجيها باستصدار أوامر اعتقال بحق رئيس حركة المقاومة الإسلامية حماس في غزة يحيى السنوار ورئيس المكتب السياسي في الخارج إسماعيل هنية، وقائد كتائب "القسام" محمد الضيف، زاعمة أنهم مسؤولون عما جرى يوم السابع من تشرين الأوّل/أكتوبر 2023.
اتهام الحركة بـ "مذبحة"، بحد ذاته نابع من تجهيل الأسباب لعملية طوفان الأقصى البطولية وهو تزوير لوقائعها، وإسقاط مشروعية المقاومة عن الشعب الفلسطيني، وهو حق مكفول ضمن القوانين والمواثيق الدولية، فضلًا عن أنه حق إنساني لا جدال فيه. في هذه النقطة، ارتكبت الجنائية الدولية خطيئة لا تغتفر، فهي من جهة أدانت "إسرائيل" على فعل واضح، ومن جهة أخرى أدانت المقاومة على فعل جُهّلت أسبابه، وبذلك تخطّت كل الحقوق الفلسطينية. فمثلًا، تجاهلت الجنائية القرارات الدولية كافة المتعلّقة بحق الشعب الفلسطيني المسلوب، وتعاملت مع حماس على أنّها قوة معتدية، في وقت تقرّ فيه الأمم المتحدة بأن "إسرائيل" قوة احتلال، وهو ما يعطي الشعب الفلسطيني حق المقاومة.
الأهم هو تصوير الجنائية الدولية ما جرى في السابع من أكتوبر/تشرين الأول على أنه "مذبحة"، متجاهلةً أنه عمل عسكري خالص له أسبابه، ومسلمةً بذلك بالرواية "الإسرائيلية" عنه، خصوصًا اتهاماتها بالقتل والاغتصاب، علمًا أن تحقيقات إسرئيلية كشفت عن قتل جيش الاحتلال للمئات من مستوطنيه صبيحة ذاك النهار، وأن ثمة دلائل تشير على أن ما جرى كان عملًا عسكريًا مقاومًا يهدف إلى تحرير الأسرى ووضع حد لتجاوزات الاحتلال في القدس والمسجد الأقصى والضفّة الغربية المحتلة.
إن مساواة الجنائية الدولية بين الجلاد والضحية ينتقص من أساس العدل، وهو ذات أبعاد سياسية واضحة، فمحاصرة المقاومة يبدو واضحًا.
وعليه؛ إنّ ما صدر يُعدّ خطيئة كبرى، وإسهام في تجهيل أصل المشكلة وهي الاحتلال.
إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف
22/11/2024
الإعلام المقاوم شريك الجهاد والتضحيات
20/11/2024
ما بين عامَي 1948 و2024 ما الذي تغيّر؟
20/11/2024
أن تصبح سردية العدو شغل LBCI الشاغل!
18/11/2024
عن قائد كتيبة الإعلام المحارب..
16/11/2024