نقاط على الحروف
استراتيجية الإعلام المعادي.. بين الوهن والمكابرة
يواجه إعلام العدو أزمة غير مسبوقة في تغطياته لأحداث "الجبهة الشمالية". من جهة، هو يحاول القيام بدور إيجابيّ في محاولة منه لطمأنة مستوطني الشمال الذين فرّوا نحو الوسط، ويرفضون العودة إلّا بعد "إبعاد حزب الله" عن الحدود، ومن جهة ثانية لا يستطيع القيام بهذا الدور، وإن أراد إخفاء مؤشّرات الهزيمة التي تعصف بجنوده.
لعلّ ليلة أمس تشكّل مثالًا حيًّا على إرباك العدو الإعلامي بعد تعرّض لواء غولاني لضربة جديدة، حيث أعلنت المقاومة الإسلامية عبر بيانات متتالية تنفيذ كمين مركّب بواسطة الصواريخ الموجّهة والمدفعية والأسلحة الصاروخية، قبل منتصف الليل، استهدف قافلة إسرائيلية مؤللة قرب موقع رويسات العلم في تلال كفرشوبا اللبنانية المحتلة. وبحسب بيان المقاومة، أنه عند وصول القوّة المؤللة إلى نقطة المكمن استُهدفت بالأسلحة الموجّهة والمدفعية والصاروخية ما أدى إلى تدمير آليتين، فعمل جيش الاحتلال على إيجاد ساتر دخاني لسحب الخسائر. وفيما فرضت الرقابة العسكرية الإسرائيلية حظرًا على نشر أيّ خبر عمّا وصفته بـ"الحدث الخطير" عند الحدود اللبنانية، أشارت وسائل الإعلام الصهيونية إلى أنّ "قوات الجيش في الشمال مثل البط في حقل رماية"، واكتفت بنشر خبر عاجل يؤكّد: "حدث أمني صعب للغاية في الشمال" نقلًا عن المتحدّث باسم جيش الاحتلال. ثمّ أتبعته بعواجل تشير إلى أن الحدث ما يزال مستمرًّا، وأوردت أنّ "تبادلًا لإطلاق النار بين حزب الله وقوات من الجيش الإسرائيلي يجري في مزارع شبعا، والطائرات هرعت إلى المكان". وطلبت من "الجمهور الدعاء للجنود المصابين والقتلى" بحسب تعبيرها. لكنّ هذا "الجمهور" لم يجد وقتًا لتلبية دعوة الإعلام هذه، فهو بانتظار بيانات المقاومة وفيديوهات الإعلام الحربي في حزب الله لمعرفة ما الذي جرى لجنود لواء غولاني الذين ذهبوا في دورية مؤلّلة ومحصّنة، وعادوا قتلى وجرحى على متن الطائرات، وعلى جناح العتم!
هذا الرعب الذي يعكسه الإعلام الإسرائيلي نفسه، ويترجم فيه ما يجري على كيانه، مهما حاول المكابرة واجتهد في إخفاء خسائره، لا نراه في الاعلام الصهيوني الناطق بالعربية. هنا، يدأب المروّجون لهزيمة المقاومة على ترجمة أمنياتهم ورغبات الصهاينة، فيصوّرون العدوّ في "أبهى قوّة" ويصرّون على التقليل من فعالية العمل المقاوم لصالح تظهير الصهاينة في خانة القوي والمنتصر والذي لا يُقهر. والمفارقة أن جمهور المستوطنين، والذي يعلم جيّدًا أنّ هذا "الاعلام العربي" هو في الواقع أداة ناطقة باسم كيانهم، لا يصدّقون إلّا ما تبثّه قنوات إعلام المقاومة، ويجدون فيه ما يكفي من المصداقية ليقرأوا هزيمتهم التي تتراكم عملية بعد عملية.
الإعلام في هذه الحرب، وبتوصيفه ميدانًا فيها، لم يعد منقسمًا بين استراتيجيتين إعلاميتين، كلّ منهما تستهدف جمهور أحد معسكريّ الحرب، بل نرى الانقسام بين إعلام صادق يتخّذ من الوقائع والحقائق، حتّى الأكثر مرارة منها، مرتكزًا لكل استراتيجيته وخطابه، فينال ثقة جمهوره، وجمهور العدو وإعلام آخر هو الإعلام المعادي الذي يتخبط بين استراتيجيات مختلفة جميعها ذات خلل واضح في المرتكزات والأهداف: الإسرائيلي منه يتوه بين "حظر النشر" وفضح الخسائر الفادحة، والعربيّ منه يكذب صراحة ليقنع جمهور المستوطنين أن كيانهم بخير..
إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف
22/11/2024
الإعلام المقاوم شريك الجهاد والتضحيات
20/11/2024
ما بين عامَي 1948 و2024 ما الذي تغيّر؟
20/11/2024
أن تصبح سردية العدو شغل LBCI الشاغل!
18/11/2024
عن قائد كتيبة الإعلام المحارب..
16/11/2024