نقاط على الحروف
هل تنتقل عدوى الاحتجاجات الطلابية من أميركا إلى أوروبا؟
انضمت "جامعة جورج واشنطن" إلى قائمة الجامعات الأميركية التي يتظاهر فيها الطلاب الأميركيون تضامنًا مع غزّة واحتجاجًا على الدعم الأميركي لـ"إسرائيل"، في حرب الإبادة التي تشنها ضدّ الشعب الفلسطيني في قطاع غزّة، منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي. لقد انتقل الطلاب من التظاهر إلى إقامة الخيم في حرم جامعاتهم، في مختلف أنحاء مقاطعات ميريلاند وكولومبيا وفيرجينيا، إضافة إلى ولايات نيويورك وتكساس وكاليفورنيا، وفقًا لما أعلنته شبكة "سي إن إن" الأميركية، مع تقارير نقلتها وسائل إعلام مختلفة عن انتقال حركة الاحتجاج إلى عدد كبير من الجامعات في الولايات الأميركية الأخرى.
وأفادت إدارة "جامعة جورج واشنطن" عن نصب طلابها لعشرات الخيم في حرم الجامعة، رافعين شعارات تُبيّن أن هذه الخيم تهدف إلى "إظهار موحّد لقوتنا، ورفع مطالبنا الجماعية بالشفافية المالية، والمقاطعة وسحب الاستثمارات من الدولة الصهيونية، ووضع حد للقمع العنصري للطلاب المؤيدين لفلسطين".
كما أعلن طلاب جامعة كولومبيا، والتي انطلقت منها المظاهرات الطلابية، مواصلة تظاهراتهم حتّى تنصاع إدارة الجامعة لمطلبهم القاضي بقطع العلاقات مع المؤسسات الأكاديمية الإسرائيلية و"السحب الكامل" لأموالها من الكيانات المرتبطة بـ"إسرائيل"، وخصوصًا تلك المتعلّقة بالبحوث العسكرية. وقد دعا رئيس مجلس النواب الأميركي مايك جونسون رئيسة جامعة كولومبيا إلى الاستقالة، إذا لم تنجح بقمع التظاهرات في جامعتها.
وفي كلية ايمرسون في بوسطن، ألقي القبض على أكثر من مئة طالب خلال مواجهات مع الشرطة. كما اعتُقل مئة طالب في جامعة جنوب كاليفورنيا. أما في جامعة تكساس في أوستن فقد اعتقل نحو 60 طالبًا بعد اشتباكات عنيفة مع الشرطة، في ما أفادت به إدارة جامعة بوليتكنيك في ولية كاليفورنيا أن حرم الجامعة سيبقى مغلقًا، بعدما احتل الطلاب مبنيّين ليعتصموا فيهما.
وكان لافتًا إعلان رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو إدانته للتظاهرات الطلابية في الجامعات الأميركية المنددة بـ"إسرائيل" والداعمة للقضية الفلسطينية، واصفًا إياها بالمروّعة والطلاب بأنهم معادون للسامية، ملقيًا اللوم على رؤساء الجامعات الأميركية "بتعميم خطاب الكراهية" والتساهل مع الطلبة وعدم اللجوء إلى قمعهم. وزعم نتنياهو أن: "الغوغاء المعادين للسامية استولوا على الجامعات الرائدة، وهم يدعون إلى إبادة إسرائيل ويهاجمون الطلاب اليهود".
هذه التظاهرات الطلابية في الولايات المتحدة، والتي انطلقت احتجاجًا على الدعم الأميركي لـ"إسرائيل"، تذكّر بتلك التي اندلعت في الولايات المتحدة في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي احتجاجًا على تورط واشنطن في حرب فييتنام. ولقد نتجت تلك التظاهرات عن إدانة أعمال القتل التي مارستها القوات الأميركية ضدّ الشعب الفييتنامي، كما نتجت عن الخسائر الاقتصادية والبشرية التي تكبدتها الولايات المتحدة نتيجة عجزها عن تحقيق أهداف عدوانها على فييتنام. وكان من نتائج حرب فييتنام تفجر أزمة اقتصادية دفعت بإدارة الرئيس ريتشارد نيكسون (1969 – 1974) إلى تعويم الدولار وفصله عن الذهب.
* ظروف مشابهة؟
اليوم؛ يبدو أن ظروفًا مشابهة تدفع الطلاب الأميركيين إلى الاحتجاج. فالولايات المتحدة تكبّدت كلفة عسكرية كبيرة نتيجة حروبها خلال العقود الثلاثة الماضية، خصوصًا في الشرق الأوسط، ما ارتد سلبًا على أداء الاقتصاد الأميركي. كذلك؛ مشاهد الجرائم التي ترتكبها "إسرائيل" بحق الشعب الفلسطيني تنتقل بسرعة إلى الجمهور الأميركي عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تمامًا كما كان الحال مع الجرائم الأميركية في فييتنام التي كانت تنقلها القنوات التلفزيونية. هذا العامل أدى إلى تعاطف جمهور واسع مع القضية الفلسطينية والنقمة على الإدارة الأميركية التي تمول هذه الجرائم عوض تحويل الأموال للإنفاق على الاقتصاد الأميركي. وما فاقم من هذه الحال هو طول مدة الحرب الإسرائيلية على غزّة من دون تحقيق نتائج سوى قتل المدنيين.
* إنصاف القضية الفلسطينية؟
كل هذه العوامل أسهمت في اندلاع التظاهرات الطلابية في الولايات المتحدة والمرشّحة للمزيد من التصعيد. ولقد بدأت حركة الاحتجاج تنتقل إلى بلدان أخرى؛ حيث شهدت فرنسا تظاهرات قام بها طلاب جامعة السوربون في باريس احتجاجًا على دعم إدارة الرئيس إيمانويل ماكرون لـ"إسرائيل"، بالتوازي مع تظاهرات نظمها آلاف الإيطاليين في بولونيا وميلانو في شمال إيطاليا تضامنًا مع غزّة خلال الاحتفالات بالذكرى 79 للإطاحة بالفاشية. ومن المرجح أن تنتقل التظاهرات إلى بلدان أخرى، في حركة قد ينتج عنها انطلاق جيل أميركي وغربي جديد يتمرّد على الأجيال السابقة التي تميّزت بانحيازها إلى "إسرائيل".
فهل نشهد جيلًا جديدًا في الغرب يصحّح خطيئة آبائه، ويكفّر عن الجريمة التي اقترفوها بدعم "إسرائيل"، وذلك عبر إنصاف القضية الفلسطينية؟
إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف
22/11/2024
الإعلام المقاوم شريك الجهاد والتضحيات
20/11/2024
ما بين عامَي 1948 و2024 ما الذي تغيّر؟
20/11/2024
أن تصبح سردية العدو شغل LBCI الشاغل!
18/11/2024
عن قائد كتيبة الإعلام المحارب..
16/11/2024