نقاط على الحروف
البنتاغون يحسم الجدل حول الأجسام الطائرة.. ماذا في الخلفيات؟
بعد ثمانين عامًا، نشرت وزراة الحرب الأميركية "البنتاغون" في شباط/ فبراير 2024، تقريرها النهائي حول عدم وجود أي دليل على ادّعاءات رؤية أجسام طائرة تحوم في سماء أرضنا العزيزة. التقرير نشره "مكتب حل الشذوذات في جميع المجالات" (AARO)، وهو مكتب يشكّل إدارة هامة من مكاتب البنتاغون، والتي تعنى بشؤون الحرب والأمن القوميّ الأميركي.
يبدأ التقرير الأساسي بتحديد تاريخ العمل على الظواهر الشاذة ومجهولة الهوية، والهدف من العمل على الظواهر الشاذة بحسب التقرير هو حسم إذا ما كانت تمثل خطرًا على سلامة الطيران وإذا ما كانت تمثّل "قفزات تكنولوجية من قبل المنافسين"، أو دليلًا على وجود التكنولوجيا الذكية خارج العالم ووضعها تحت السيطرة. من الملفت في التقرير، أن التحقيقات كان يديرها وينفذها مجموعة من الخبراء والعلماء والأكاديميين والعسكريين والمخابرات والأمن الفيدرالي، المجموعات الأكثر قوة في الولايات المتحدة، وأدير المكتب في زمن قيادات مختلفة: من إدغار هوفر وصولًا إلى كريستوفر راي. كلّ من عمل على الظواهر الشاذة كانت لديه وجهة نظره الخاصة، ومع ذلك فقد كان لديهم اعتقاد مشترك بأن مصدر المظاهر الشاذة مجهول الهوية، ويمثل تهديدًا محتملًا مجهول النتائج.
جاء في مطلع التقرير الأصلي أن البنتاغون قرر أن: "غالبية الأجسام المجهولة كانت إنذارات كاذبة وأخطأت في التعرف على الأجسام الطائرة العادية. وافتقر جزء كبير من التقارير حول مشاهدات الأجسام الطائرة المجهولة إلى المعلومات اللازمة لحلها، لكن البنتاغون يعتقد أنه سيتم تحديدها كأجسام عادية إذا توفر المزيد من المعلومات". لم يكن هذا التقرير هو الأول الذي يخلص لهذه النتيجة، بل جميع التقارير التي تحدثت عن هجوم فضائي تم دحضها من قبل لجان علمية منذ أربعينات القرن الماضي وحتّى اليوم، والتي تم رصد مبالغ كبيرة لهذه الدراسات. ومن أهمها "تقرير كوندون" في العام 1968. رصد مبلغ 325 ألف دولار أميركي من قبل المخابرات المركزية الأميركية لدراسة استمرت 18 شهرًا صدر بعدها "تقرير كوندون"، نسبة إلى الدكتور ادوارد كوندون، وهو عالم في الفيزياء والفيزياء الفلكية وزميل في معهد الفيزياء الفلكية في جامعة كولورادو.
دحض التقرير وبعد دراسة 59 حالة عن قرب، وجود الأجسام الطائرة المجهولة، وشكك بأن هذه الظاهرة تستحق البحث العلمي الرسمي سواء كان أكاديميًا أم في المدارس الثانوية، وجاء فيه: "استنتاجنا العام: أنه لم يصدر شيء ملموس عن دراسة الأجسام الطائرة لا يمكن تبريره، أو يمكنه أن يضيف شيئًا إلى المعرفة العلمية"، واتضح أن هناك تفسيرات مبررة لكل حالة تم التبليغ عنها، كما تحدث تقرير كوندون السري، الذي افرج عنه للجامعات الأميركية منذ سنين دون أي نشر علني، أن 21 سنة من التبليغات حول غزو الفضائيين للأرض لا صحة لها، أي مجرد هراء أميركي!
بالتأكيد كان هناك تبليغات عن ظواهر غير طبيعية في سماء نيفادا، السبب وراء ذلك كان إما ظواهر طبيعية بسبب أضواء غريبة تنبعث في سماء الصحراء، أو بسبب التدريبات والتجارب التي تجريها وزارة الحرب، البنتاغون في المنطقة. ولكن الاستمرار بهذه الدراسات والمنح من أجل دراسة الأجسام الطائرة والدعاية لها كان مجرد تهويل حقيقي على الشعب الأميركي ومن حوله من أجل إثارة الرعب والتبريرات للتجارب العسكرية، وخاصة في زمن الحقبة السوفياتية، وكانت تلجأ الإدارات الأمنية لهذه الإثارة من أجل تبرير سباق التسلح، خاصة وأن المسؤولين الأميركيين كانوا يتهمون السوفيات بالتواطئ مع كائنات فضائية من أجل إلحاق الهزيمة بالولايات المتحدة. والفضيحة الأكبر التي جاءت في التقرير الذي صدر الشهر الماضي، ونشرته الناشونال ريفيم في عدد نيسان/ابريل، ان الكلام عن تعاون بين الشركات الخاصة والحكومة الأميركية على طول السنين حول عمل يتعلق بالهندسة الفضائية المتعلّقة بغزو الكائنات الفضائية هو كلام مضلل وغير دقيق.
كل هذا العدد من الأفلام الوثائقية التي أنتجت في الولايات المتحدة والتي حاولت إثبات أن الحكومة الأميركية تملك أسرارًا حول غزو غرباء للأرض، كلّ الأفلام التي أنتجت حول الخيال العلمي، والتي كانت مثيرة وجذابه وجلبت الأموال الطائلة لمنتجيها واستندت إلى الكذبة التي روجتها الحكومة الأميركية، يجعلنا نسأل عن ارتباط الانتاج السينمائي والتلفزيوني الأميركي بهذا النوع من الكذب من أجل تحقيق الربخ فقط. وما هو مصير مستقبلها، ومستقبل إنتاج غيرها؟ وهنا علينا أن نسأل عن حجم الكذبات التي أنتجتها مراكز القرار في الولايات المتحدة، والتي كان هدفها الأساس محاربة الشيوعية وخلق عدو يخيف الأميركيين من أجل ضبط تحرر الأفكار ومنعها من التفكير حول إمكانية وجود نظام اقتصادي وسياسي مختلف يأخذ بعين الاعتبار مصالح الطبقات المتوسطة والفقيرة عوضًا عن حماية الطبقات الغنية وفاحشة الغنى. وأودعت بسبب عدم نزاهة التحقيقات أعدادًا ليست بالقليلة من المواطنين الأميركيين السجون والمصحات العقلية نتيجة تخيلهم أن ما يحدث من ظواهر غريبة حولهم سببها غزو من الفضاء. ومن الأربعينات وحتّى اليوم تعلم الحكومة الأميركية الحقيقة وتخفيها. وبالتالي هل ستحدث انتشار هذه الحقيقة أي تأثير على الجمهور الأميركي خاصة وأن الأموال التي صرفت في هذه المشاريع كانت تضيع هباء منثورًا في حين كان يمكن استخدامها في مجالات أخرى؟
في الحقيقة، التقرير لم يكن له أي صدى حقيقي في الإعلام الأميركي لسببين، الأول هو احتلال الأحداث في فلسطين شاشات الفضائيات والتلفزيونات الأميركية. والسبب الثاني، فهو انشغال هذه الشاشات بالمناكفات ما بين ترامب وبايدن تحضيرًا للانتخابات ومسلسل محاكمات ترامب، الذي يبدو أنه تحول إلى "سوب أوبرا" طويل جدًا. أي ان وزارة الحرب الأميركية اختارت الوقت المناسب ليمر التقرير دون تأثير.
إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف
22/11/2024
الإعلام المقاوم شريك الجهاد والتضحيات
20/11/2024
ما بين عامَي 1948 و2024 ما الذي تغيّر؟
20/11/2024
أن تصبح سردية العدو شغل LBCI الشاغل!
18/11/2024
عن قائد كتيبة الإعلام المحارب..
16/11/2024