معركة أولي البأس

نقاط على الحروف

الخطاب التعبوي ضدّ المقاومة.. خيبات متراكمة
27/03/2024

الخطاب التعبوي ضدّ المقاومة.. خيبات متراكمة

لم تكفّ حملات التحريض المغرضة ضدّ المقاومة، ولم ينخفض منسوب التحريض الإعلامي ضدّها، حتّى تحت النّار الصهيونية، حيث يجب أقلّه لمعايير أخلاقية أن يصمت المغرضون حياءً أمام عطاء الدم.

منذ اندلاع معركة طوفان الأقصى، استعرت الحرب الإعلامية عالميًا ضدّ المقاومة، ولا يمكن فصل هذه الحرب عن سياق كلّ ما شهدناه قبلها من خطاب تعبويّ منظّم قائم على الكذب والتضليل والافتراء الواضح. وإن كان الأمر قبل المعركة يحتمل أن يكون محلّ نقاش تحت عنوان "إنّهم لا يدرون ماذا يفعلون" ويحتمل أن يوضع، ولو على مضض، تحت معيار الظنّ الحسن، فتحت النار وفي حضرة الدم الأمر مختلف: صناعة الأكاذيب والأضاليل والافتراءات الهادفة إلى اختلاق جوّ ضدّ المقاومة، هي من دون أدنى شكّ خدمات تُقدّم للعدوّ، ويعلم مرتكبوها جيّدًا مادا يفعلون.

انتشر، يوم أمس فيديو، من بلدة رميش، واللافت فيه أنّه فارغ تمام من أي عنصر لافت: طريق وحرج أشجار وسيارة. فقط لا غير. أمّا الرواية المرفقة، والتي انطوت على أكاذيب متتابعة، فتحدّثت عن إشكال وقع في البلدة بعد إقدام مقاومين من حزب الله على محاولة نصب منصة لإطلاق الصواريخ قرب ثانوية البلدة، بعد أن قاموا بنقل هذه الصواريخ بسيارة صغيرة.. ولأن الإشكال الوهمي وجب أن ينتهي ببطولة وهمية لصانع الحكاية الخيالية، ليكون الختام أن انتصر المعترضون وطردوا رجال المقاومة من البلدة.

في عصر الكاميرات المتواجدة في كلّ هاتف، لم يصوّر أحد لحظة واحدة توثّق ما زُعم حدوثه. وبحسب رئيس بلدية رميش، في اتصال له مع قناة "الجديد"، فإنّ أحدًا لم يصوّر أيًّا من مجريات الاشكال والتصدي لرجال المقاومة. فيما نفى العديد من سكان رميش حدوث الأمر برمّته، وقالوا إنّهم سمعوا به عبر الاعلام ومنصات التواصل مع أنهم موجودون في البلدة!.

غاب عن ذهن المؤلّف أنّ سيارة مدنية صغيرة، كالظاهرة في الفيديو الفارغ، لا يمكن أن تتسع للصواريخ المذكورة في القصّة الركيكة. كذلك غاب عن ذهن المؤلف وعن عقل كلّ من تداول الكذبة أنّ طائرات التجسس الصهيونية لا تغيب عن سماء الجنوب، ومهمتها الأولى هي رصد أي سيارة أو تواجد لرجال المقاومة، وليس من المحتمل أن يفوتها مشهد واضح وقع على مرأى أهالي البلدة المجتمعين في ساحة الكنيسة للاحتفال بعيد الشعانين.

من جهة أخرى، يحتاج تركيب منصّة الصواريخ إلى ما لا يقلّ عن العشر دقائق، وهو وقت يسمح للعدو بالتحرّك واستهدافها مع وجود الكثير من الشهود الذين يمكنهم نقل الخبر إليه وبسرعة.

القصّة، مع ركاكتها، تحوّلت إلى "علكة"، طوال نهار الأمس، في فم كلّ الذين يستهدفون المقاومة، وبنى هؤلاء عليها شعارات ومواقف وتحليلات و"عنتريات" كادت تكون مضحكة لولا أنّها مجاهرة عجيبة بالاستعداد لمساعدة العدو وخدمته باستهداف المقاومة، وهو عارٌ يتبع أصحابه ويوصمهم إلى الأبد بوصمة الخيانة، ولا سيّما حين يبدأ هؤلاء خطابهم دائمًا بالتباكي رفضًا للحرب والعنف، ثم يكملون بالتباهي استعدادهم لحمل السلاح ضدّ المقاومة، فتنكشف بوضوح شديد نواياهم: هم ضدّ الحرب وضد السلاح إن كان هذا السلاح يستهدف "إسرائيل"، ولا مشكلة لديهم بالحرب وبالعنف إن كان هذا العنف يقع ضد رجال المقاومة وكلّ أهلها.

في الصباح، أصدرت العلاقات الإعلامية في حزب الله بيانًا ينفي نفيًا قاطعًا القصّة المختلقة، والتي دارت أحداثها الوهمية في بلدة رميش. وأشار البيان إلى أنّ: "الجهات التي أصرّت وتُصر على إطلاق هذه الشائعات الكاذبة واتخاذ المواقف على أساسها هي ‏جهات مفترية ومحرّضة على الفتنة بين اللبنانيين، وتعمل في خدمة العدو وأهدافه من حيث تعلم أو لا ‏تعلم، محذرين اللبنانيين منها  ومن مساعيها الخبيثة وأهدافها البغيضة".

الفيديو - الفضيحة يضيف في الواقع خيبة جديدة إلى لائحة الخيبات التي مُني بها هؤلاء في كلّ مسارهم المعادي للمقاومة، وهو أمر طبيعي، فحبل الكذب قصير، ومفاعيله هشّة بهشاشة الأوهام التي يحاولون إظهارها على أنّها حقائق، ولا سيّما الآن، في الوقت الذي يعلم فيه العدوّ قبل الصديق أنّ المقاومة تقدّم دم خيرة شبابها في سبيل حماية المدنيين والبيوت، وتجتنب المناطق السكنية في سائر القرى، وتحمي.. تحمي حتى الذين بالأمس سكبوا ضدّها كلّ حقدهم بناء على كذبة.. كذبة سُرعان ما كُشفت ككلّ سابقاتها، ولن يملّ الخائبون.

التحريض

إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف