نقاط على الحروف
القبة الحديدية بعد عملية "كفربلوم": حزب الله يحرق مزيدًا من أوراق القوة الصهيونية
سامر الحاج علي
لم يكن استهداف المقاومة الإسلاميّة لبطاريات القبة الحديدية في مستوطنة "كفربلوم" في شمال فلسطين المحتلّة الخميس، الحدث الأول من نوعه في الحرب التي تُخاض على حافة لبنان، فقد سبق ونفذ مجاهدو حزب الله هجومًا بأسلحة مناسبة في الثامن عشر من كانون الأول الماضي على بطاريات للقبة الحديدية في مستوطنة كابري - شرقي نهاريا - محققين إصابات مباشرة فيها. ولكن، الذي جاء مختلفًا هذه المرّة هو وسيطة النار الجديدة التي استخدمت "الطائرات الإنقضاضية" - رُعب الكيان، التي لا تعرف عنها "إسرائيل" سوى أنها انقضت على أهداف عسكرية في شمال الأراضي المحتلّة منذ أسابيع قليلة إلى اليوم، ولم تختبر منها إلى اليوم سوى ما تراه قيادة المقاومة في لبنان مناسبًا لوضعية الاشتباك الحالية.
الهجوم على "كفربلوم" التي تبعد عن أقرب نقطة حدودية مع لبنان حوالي سبعة كيلومترات، وإن كان جيش الاحتلال قد أخفى ما حققه من نتائج، فإنه بدا واضحًا بأنه أوجع قيادته التي أوكلت لوزير حربها يوآف غالانت أن يشرف بنفسه على الرد بسلسلة من الغارات على العملية. غارات ادعى العدوّ بأنها استهدفت بنية تحتية للمقاومة في جنوب لبنان. هذه الدعاية "المبتذلة" يبثها الناطق باسم جيش الاحتلال يوميًا محاولًا الظهور بمشهد القوي الذي لا يمكن أن يتألّم، هذا كلام الصفحات والمواقع، ولكن على أرض الواقع الوضع مختلف تمامًا، إذ إن المنظومة التي دخلت في الخدمة عام 2011 بعد سلسلة من عمليات الانتاج والتطوير والتجارب، وبعد دعاية مشابهة لأكذوبة القدرة على حماية "اسرائيل" من الصواريخ والمسيّرات، فشلت مجددًا في حماية نفسها حتّى، تمامًا كما حصل مع قاعدة ميرون الجوية، أو ما حُكي عنها بأنها عين الكيان.. والتي فشلت هي الأخرى في حماية نفسها من صواريخ المقاومة الإسلاميّة.
وبعد فقء العين، جرى استدراج درع الكيان إلى المصيدة الأصعب، فالمنظومة التي روّجت "اسرائيل" لها على أنها استطاعت حماية المستوطنات وقواعد جيش الاحتلال حتّى نسبة 80 بالمئة من صواريخ المقاومة الفلسطينية في العمليات الأخيرة التي سبقت عملية طوفان الأقصى، وكانت قد بدأت تتلقى عروضًا للحصول عليها من الولايات المتحدة الأميركية وغيرها من دول العالم التي انطوت عليها أكذوبة التفوق الإسرائيلي في مجال حماية المجال الجوي والمصالح الاستراتيجية والحيوية إن كان في البر أو حتّى البحر، وتفاخر الكيان نفسه بأنه نشرها في البحر لحماية ما وصفه بمصالحه الاستراتيجية المرتبطة بمجال استخراج الغاز ومنصات الحفر والتنقيب، وُضعت اليوم بقرار من المقاومة الإسلاميّة أمام مجهر الشك في قدرتها على التعامل مع الوسائط النارية التي يمكن وصفها بالبسيطة نسبة لما يمكن أن تكون المقاومة قد خبأته في جعبتها لحين فتح النار ودون أي ضوابط وسقوف، وهنا يمكن الركون للمثل الشعبي في لبنان: "بوقتها المي بتكذّب الغطاس" وهذا إشارة لكل المطبعين أو اللاهثين خلف الحصول على قدرات صهيونية ظنًا منهم أنها قادرة على حماية مصالحهم وجيوشهم، لكنّها في ميدان التجربة أثبتت أنها فاشلة في حماية نفسها حتّى..
وربطًا بالواقع المستجد بعد ضرب القبة الحديدية مجددًا، يعود السؤال في الكيان عن التشابه الذي يمكن أن يكون قد تحول إلى واقع بين القبة ودبابة الميركافا التي سبق ورُوّج لها على أنها "عربة الرب" التي لا يمكن الوقوف في وجه قوتها، هذه القوّة التي تحولت إلى كومة من حديد محّطم في حرب تموز2006، وألغيت صفقات بيعها للعديد من الدول بعد مشاهد النكبة التي حلت بها في وادي الحجير، وعلى أطراف موقع الراهب في عيتا الشعب، وعند محور الهزائم بين دبل ووادي العيون، ففي المحصّلة المنطقية الواقع واحد.. والسيف الذي يضرب هو نفسه مع اختلاف كبير جدًا في القدرات التي حوّلته من تنظيم متواضع من حيث التجهيز والعديد، إلى الهجين الأكثر فتكًا في العالم بحسب تقديرات جيش الاحتلال نفسه.
إذًا، لم تكن ضربة "كفربلوم" مجرد حدث عادي بالنسبة لـ"إسرائيل"، التي فشلت في هذه المواجهة التي تخاض عند حدود فلسطين الشمالية منذ الثامن من أكتوبر، باعتراض غالبية وسائط النار التي أطلقت على أهدافها العسكرية أو المدنية حتّى، ويمكن لنا كمتابعين للوضع عن قرب أن نحكي عن مئات الصواريخ التي سقطت على المواقع والتحشدات المعادية من رأس الناقورة غربًا إلى حدود الجولان السوري المحتلّ شرقًا، عدا تلك التي سقطت على أطراف مدينة حيفا المحتلّة أو حتّى صفد ومحيطها، وعن المسيّرات التي كنا نشاهدها بأم العين كيف تعبر أجواء الحافة وتصل جنوبًا إلى حيث شاء مشغّلوها وتعود سالمة وقد أنجزت مهامها، أو تلك التي انفجرت في أهداف عسكرية حاول العدوّ كالعادة التكتم عليها، وكل هذا في مناطق انتشار وتموضع بطاريات القبة الحديدية، إن لم ندخل في البحث في قدرات بقية المنظومات المشابهة، فأي قدرة على حماية الكيان تؤمنها هذه المنظومة؟
نعم، نجحت القبة في اعتراض عدد من الصواريخ والطائرات وفق إعلام العدو والمتحدثين باسم جيش الاحتلال، ولكن ربما لم يكن في حسبان هؤلاء أن ما خفي من قدرات يعجزون عن تقديرها كان أعظم.. حقًا ما خفي من قدرات المقاومة في لبنان هو أعظم بكثير ممّا هو مستخدم اليوم، وكل ذلك مخبأ ليوم البطشة الكبرى، يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون!
إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف
22/11/2024
الإعلام المقاوم شريك الجهاد والتضحيات
20/11/2024
ما بين عامَي 1948 و2024 ما الذي تغيّر؟
20/11/2024
أن تصبح سردية العدو شغل LBCI الشاغل!
18/11/2024
عن قائد كتيبة الإعلام المحارب..
16/11/2024