نقاط على الحروف
العزّة بلغة وجوه الشهداء
ليلى عماشا
تُحكى العزّة بلغة وجوه الشهداء، دون سواها.. لا يضاهيها أيّ تركيب كلاميّ مهما علا، في صياغة ثقافة الحياة.. وهل الحياة سوى موقف عزّة..
قُبيل يوم الشهيد، استعجل سبعون قمرًا للالتحاق بالقافلة.. وكأن الله أراد لهم ما أرادوا، ففُتحت أبواب السماء لوفود الأقمار العابرة من بوابة المعركة الأوضح: معركة الحق كلّه والحبّ كلّه والشّرف كلّه ضدّ غطرسة الباطل الحاقد الحقير..
قمرٌ تلو قمر، وصلوا السّماء على طريق القدس وانضموا إلى جمع الشهداء الذين نحتفي حول حضرة ذكراهم ومآثرهم في ١١-١١ من كلّ عام. "مسك فايح" أبى في هذا العام، حيث يحتدم القتال، ألّا يعطّر إحياء مناسبة يوم الشهيد بالدم الذكيّ الذي هيهات أن يترك فلسطين أو يتخلّى عن خوض المعركة ونصرة أهله.. سنابل كرامة، في كلّ حبة منها ألف حقل من قِيم ويقين..
اليوم، في يوم الشهيد، يحضر كلّ الشهداء.. يتحلقون حول قلوبنا المتعلقة بهم والمستضيئة بنورهم، يُغرقونها في دفء ضوئهم الأحنّ ويهبونها أن تشمّ قطرة من عبورهم في دنيانا..
بل نجتمع كلّنا في حضرة وجوههم المتدفقّة من طهر الثمانينيات وسرّ التسعينيات ونبل ما بعد التحرير وعزّة ٢٠٠٦ والإيثار الساكن أرض الشآم منذ ٢٠١١ حتى اللحظة والفداء المقاتل على أرض الجنوب في هذه الأيام، وسيظّل يقاتل حتى تحقيق الهدف الواضح والمحدّد والدقيق: إزالة إسرائيل من الوجود.
ويشهد على ذلك حضور عماد المقاومة الذي ما زادته الشهادة إلّا إمعانًا في القتال وفي بثّ الرعب في قلوب العدا.
منذ يومين، والقلوب تتهيأ ليوم الشهيد.. تنتظر كلمة أبا الشهداء الأمين السيد نصر الله بالمناسبة وتجهّز نبضها لاستحضار كل وجوه الشهداء في يومهم. وكما على الأرض كذلك على منصات التواصل، حيث لم يخلُ حساب افتراضي شخصي أو اخباري من الصور والمنشورات المتعلقة بيوم الشهيد، ولا سيّما يوم أمس، حيث زفّت المقاومة سبعة أقمار على طريق القدس التحقوا بالسابقين ودخلوا يوم الشهيد، شهداء.
رُفعت صورهم، وارتفعت ناحيتها أعين العالم.. سواء ذلك العالم المضلِّل الذي يشكّك في نصرة المقاومة الإسلامية وحزب الله لغزة وكل فلسطين، أو العالم الذي يحشد ضدّ المقاومة كلّ ترسانة حقده.. ومن الجهة الأخرى، العالم الذي ينظر إلى هذه المسيرة المباركة بعين العشق ويدرك أنّها جيش للحق يقاتل، ولا يكفّ قبل النصر، أبدًا.
الآن، كلّنا منتظرون لخطاب السيد. وكلّ أهل الحب وطّنوا قلوبهم على قول لبيك ولو قال انزلوا في التنور.. له القول وعلى أهل اليقين بنصر الله الامتثال وملؤهم الثقة بأن الخير فيما يقول ويفعل. أمّا في معسكر العدا، فانتظارهم له يأتي على وقع ارتباكهم الوحشي. يخفون هزيمتهم الحتمية بغلاف عدوانيتهم المتصاعدة والتي تزيد في وحشيتها على مرأى "دعاة الإنسانية" الذين يمطرون بلادنا على مرّ السنين بشعاراتهم الكاذبة، وبالتعاون مع "الأنظمة الغربية" المتبجحة دومًا بمعاييرها البراقة لحقوق الإنسان والحيوان والنبات.. وجه هذا الغرب لم يكن خفيًّا يومًا، لكنّه الآن بالغ بالتعري حد انكشافه حتى أمام العيون الضريرة أو تلك الني خُدعت بالشعارات وبالدعايات. لقد عرّت غزّة ما خفي وما لم يُخفَ من قباحة وجه الغرب، وصار العالم كلّه ميدانًا فيه معسكرين: أحدهما قبيح كاذب متوحش، لا تنطلي دعايته إلا على أدواته، والثاني جميل كوجوه الشهداء، صادق كالأمين على القلوب، رحيم ينصر المستضعفين، وشديد البأس على العدو، والجبهة الشمالية في فلسطين تشهد!
إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف
09/11/2024
أمستردام وتتويج سقوط "الهسبرة" الصهيونية
08/11/2024
عقدة "بيت العنكبوت" تطارد نتنياهو
07/11/2024