نقاط على الحروف
"في حرب…؟"
ليلى عماشا
في الشارع، في المقاهي، داخل البيوت وعلى منصّات التواصل، يعبر هذا السؤال في الأحاديث كلّها وفي الأذهان. يخترق حال الدهشة الجميلة المتواصلة بالمشاهد الأسطورية التي تسطّرها المقاومة في فلسطين، ويخترق لحظات القلق المشروع الممتزج بالحزن على ما يجري على العائلات في غزّة تحت النار.
"في حرب…؟" والعين على الجنوب، هناك، حيث الجبهة التي يخشى الصهاينة اشتعالها أكثر من أي شيء آخر، وهناك أيضًا أعلى جهوزية للقتال يعرف العدوّ مقدّراتها وما زال يتحسّس جراحه البليغة منها منذ تموز ٢٠٠٦. وهناك، أيضًا وأيضًا بيوت وعائلات خبرت الحرب وأهوالها وكلّ تبعاتها، وهي صحيح أنها لا تتمنّى عودتها، ولكن أيضًا لا تخشاها ولا تعيش تحت هاجس الرعب القديم من الصهيوني، الذي كان ذات يوم يتباهى بأنّه يستطيع اجتياح لبنان بفرقة موسيقية!
بعيدًا عن منصات التواصل وحماسة البعض وتهويل البعض الآخر، كلّ الآذان شاخصة ناحية خبر أو بيان من ناحية حزب الله، ليس فقط في لبنان بل في جميع دول القرار في العالم. وفيما يعبّر الصهيوني بخجل عن تخوّفه من دخول حزب الله على خط المواجهة، انبرى "لبنانيون" من أهل الإعلام العوكري والسياسة الصهيونية إلى ترجمة رغبة نتنياهو بالاستفراد بغزّة، فتسابقوا إلى مطالبة الحزب بعدم التدخّل، وسردوا المطولات والبكائيات الانهزامية التي تغذي عمالتهم.
في هذا الإطار، كان حديث السيد هاشم صفيّ الدين واضحًا في هذا المجال: "لسنا على الحياد"، وكانت عملية صباح يوم الأمس رسالة عملية تلقّفها العدو والصديق، لسنا من أهل الحياد وغزّة لن تُترك وحدها وأكثر، لا ننتظر في ذلك إذنًا أو موافقة من أحد. ومن ينتظر إجماعًا على قرار كهذا، فليراجع التاريخ كلّه ويبحث عن لحظة إجماع على الحق مرّت على لبنان، ولن يجد.
"في حرب…؟" هو سؤال تقع إجابته تمامًا في مدى حماقة الصهيوني الذي فقد عقله ممّا جرى في غلاف غزّة، وبدأ بعدوان وحشي هو أشبه بحرب إبادة ضدّ القطاع المحاصر دون أن يتمكّن حتى الساعة من تحرير أسير واحد من الصهاينة ودون أن يتمكّن من إحصاء العدد النهائي لجثث قتلاه. وفي الغالب لن يتمكّن من ذلك لا عاجلًا ولا آجلًا، فكلّ المؤشرات تدلّ على دخوله في المسار الحتميّ نحو النهاية، ولعل حركة الهجرة المعاكسة التي يشهدها الآن إلى جانب رفض جنوده المشاركة إلا مرغمين بالمعركة، خير دليل على سقوطه المدوّي والذي لا عودة منه.
في تموز ٢٠٠٦ وحين تمادى الصهيوني كثيرًا بعد عملية الأسر المظفّرة في "خلّة وردة" كانت كلمات السيّد تهزّ العالم: "أردتموها حربًا مفتوحة فلتكن حربًا مفتوحة" ووضع المعادلات التي أسست للمأزق الصهيوني الذي بلغ الآن ذروته. وهذه الكلمات لم تزل قائمة كوعدٍ صادق حتى الساعة وتبقى حتى زوال اسرائيل وبعده، فالهدف واضح ومحدّد ودقيق: ستزول اسرائيل من الوجود.
"في حرب…؟" وهل انتهت الحرب يومًا منذ نشوء الكيان البغيض؟ وهل ثمّة ما يزيل عنّا همّ الحروب سوى اليقين بأنّ هذا الكيان مؤقت، سواء احتاج زواله إلى معركة نهائية، أو اندثر بهروب المستوطنين إلى حيث أتوا؟!
إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف
22/11/2024
الإعلام المقاوم شريك الجهاد والتضحيات
20/11/2024
ما بين عامَي 1948 و2024 ما الذي تغيّر؟
20/11/2024
أن تصبح سردية العدو شغل LBCI الشاغل!
18/11/2024
عن قائد كتيبة الإعلام المحارب..
16/11/2024