نقاط على الحروف
مدرسة MTV.. عن شر البليّة!
ليلى عماشا
في زمن الحرب الناعمة، تُعتبر المحطات الإعلامية متاريس قتال على الخطوط الأمامية للجبهات المشتعلة، فتسقط أو تُكشف أكذوبة الإعلام المحايد المحافظ على مسافة واحدة من جميع الأطراف، واستحالة تحقّقها، كما تسقط خديعة "الموضوعية" وينكشف قبح تطرّف مدّعيها المشين لصالح العدوّ، لغة وأداءً وخطًّا وأهدافًا.
وفي هذا الإطار، تستحق قناة Mtv دون غيرها من القنوات العاملة في الفلك نفسه الثناء على مجاهرتها بما هي عليه حقيقة اعلان العداء الصريح للمقاومة وحزبها وأهلها وبيئتها ومدارسها ومراكزها الطبية وكافة مؤسّساتها الكشفية والمالية والصحية والإجتماعية، وكذلك ثقافتها وأنماط حياتها وهويّتها.. اتخذت الـMTV دور المهاجم العلني في كلّ مرّة وجدت فيها المناسبة أو الفرصة، وأكثر من ذلك، اخترعت مناسبات وتوهّمت فرصًا كي تنقض على كلّ ما تفعله بيئة المقاومة، وإن كانت كلّ ارتكاباتها هذه لأداء دور وظيفي وُجدت لتمارسه، فارتكاباتها الأخيرة بحقّ الإنسانية والأسرة والطفولة والأمومة والأبوّة والمتمثلة بالترويج للشذوذ الجنسي تفوق كلّ تلك التي سبقت على صعيد التضليل والتحريض وصناعة الفتنة، وتأتي في ذات السياق الهدّام اجتماعيًا وأخلاقيًا. فالموقف الأخلاقي هو نفسه الموقف السياسي، همٌّ واحدٌ في كلّ حال!
أما بعد.. للمحطة الإعلامية شخصية معنوية ذات هويّة وملامح، وكما قد يصيب بلاء تضخّم الأنا بعض الأشخاص، يبدو أن الداء أصبح يفتك بالشخصيات المعنوية أيضًا.. ويبدو أيضًا أنّ أعراض الإصابة قد بدأت بالظهور على Mtv وحكمًا على العاملين فيها، وأبرز هذه الأعراض: الإعلان عن افتتاح أكاديمية إعلامية لتدريب العاملين والعاملات في الحقل الإعلامي، بل في كافّة الحقول على اكتساب شخصية Mtv وتقنيّاتها وأسلوبها وحتى النموذج الموحّد تقريبًا للمظهر فيها.. نعم، شاءت المحطة والقيّمون عليها أن يحوّلوا تجربتهم غير المهنية حتى قياسًا بأدنى معايير الإعلام إلى مدرسة.. قل إلى معسكر تدريبي يمنح المشاركين فيه شهادات تؤكّد حصولهم على توجيه مكثّف في كيفية صناعة الفتنة والترويج للشذوذ ومعاداة الكرامة الوطنية والتخلّي عن السيادة والتآمر على أهل البلد والالتزام بأجندات السفارات، كلّ ذلك في إطار أنيق ومنمّق ويراعي قواعد حسن التصرّف بحسب المقياس الأميركي.
شرّ البلية ما يضحك! فالمشاهد الذي يوقع به سوء التوقيت في فخ الاطلاع ولو على جزء يسير من عروض Mtv، يحمد الله مرارًا على سرعة ارتفاع البلاء بكبسة متعجلّة على أزرار جهاز التحكّم عن بعد.. ماذا سيفعل الآن بعد أن تحوّل المستنقع الإعلامي الذي يتمثّل بالقناة إلى مركز يدرّب الناس على كيفية نقل نمط حياة المستنقع هذا إلى أماكن أخرى؟
تخيّلوا مثلًا، أن تتحوّل هذه التجربة التي تشكّل وصمة في مفهوم العمل الإعلامي إلى نمط مهنيّ مُعتمد! فيصبح التضليل والاجتزاء والكذب والافتراء والتحريض وغيرها من السموم جزءًا طبيعيًا، أو مطبّعاً معه، من مهنة الإعلام.. وتصبح هذه السموم موادّ أكاديمية ينبغي لطلاب الإعلام التمكّن منها لنيل شهاداتهم واثبات جدارتهم في خوض ميدان العمل.. حتى الساعة، لا يمكن حتى للخيال الأكثر ابداعًا في ترجمة الغرائب، أن يكوّن صورة واضحة عن خلفية المحطة لارتكاب جريمة أكاديمية من هذا النوع، فالقناة المقاتِلة بشراسة ضدّ المقاومة واجهت على مرّ السنوات الأخيرة كمًّا هائلًا من الفضائح والخيبات المهنية بحيث لو امتلك وجهها قطرة من ماء أو ذرّة من حياء لأقفلت استديوهاتها، إلّا أنّها لا تملك حتّى خيار التراجع، فالقناة، بشخصيتها المعنوية وأفرادها، فريق عامل ومنافِس أيضًا ضمن فرق عوكر.. يتوقّف فقط حين ستأتي الطيارة التي ستقلّ أهل السفارة وتترك، كما في أفغانستان، الأدوات الرخيصة.
إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف
09/11/2024
أمستردام وتتويج سقوط "الهسبرة" الصهيونية
08/11/2024
عقدة "بيت العنكبوت" تطارد نتنياهو
07/11/2024