معركة أولي البأس

نقاط على الحروف

كربلاء الثانية ممنوعة على رواديد الخارج.. أين الرُّشد؟
21/07/2023

كربلاء الثانية ممنوعة على رواديد الخارج.. أين الرُّشد؟

لطيفة الحسيني

بلغةٍ لا تحتاج الى جُهد وتفسير، أفتى وزير الداخلية البحريني راشد بن عبد الله آل خليفة بأن بلاده ليست مقصدًا للسياحة الدينية ولا حاجة لرواديد حُسينيّين من الخارج.

لا يُحبّ الوزير "العتيق" اذًا المفاجآت. البحرينيون خبروا أسلوبه الأمني جيّدًا. يهوى التفوّق على الملك نفسه في التشدّد والتضييق وتكريس التهديد قاعدةً لعمله. جَمَع رئيس الأوقاف الجعفرية وهيئة المواكب الحسينية ورؤساء المآتم بمناسبة بدء شهر محرم ومناسبة عاشوراء، ليتوعّد ويُعيد تكرار معزوفة المنع.

ثمّة من يرى في تصريحات راشد بن عبد الله تجديدًا لسياسة الانغلاق المُتّبعة من قبل الحُكم حصرًا مقابل المسلمين الشيعة في المملكة. ثمّة من يعتبرها جزءًا من مُخطّط تغيير صورة البحرين الإسلامية ذات الحضور الشيعي الثقيل الى بحرين مُغايرة، يملؤها المُجنّسون والأجانب وأعداء الأمّة. ثمّة من يضع هذا التقييد في خانة التعدّي على اختصاص إدارة المآتم وشؤون الطائفة الشيعية.

وصايةٌ اذًا يريد الوزير أن يرسّخها على شيعة المملكة وشعائرهم، استكمالًا لنهج التأزيم المتواصل منذ عام 2011 الذي لطالما أتقنه وتفنّن به، حتى غدا الكثير من أبناء الديرة ضحايا له في القبور والسجون والغُربة.

حصارٌ استعدّت له السلطة باكرًا مع الإيعاز للأوقاف الجعفرية في حزيران/يونيو الفائت، بالتوجّه الى خطباء المساجد والرواديد وقرّاء العزاء الحسينيين لإقناعهم بالابتعاد عن أية "مظاهر للتسييس" في ذكرى عاشوراء.

 

كربلاء الثانية ممنوعة على رواديد الخارج.. أين الرُّشد؟

 

طبعًا لا يكترث راشد بن عبد الله لموجة الغضب العارمة التي اكتسحت شبكات التواصل الاجتماعي فور انتشار مقطع الفيديو. إجماعٌ شعبي على نبذها ورفضها وانتقاد تسهيل السلطات لاستقطاب المُغنيّن والمُطربين من الخارج. وبالتأكيد لن يتراجع عنها أو ينأى بنفسه عن عاشوراء ومُتعلّقاتها، أو ينصرف على الأقلّ لتأمين مآتمها ومواكبها.

أصواتٌ كثيرة سألت بالأمس لماذا لا ينسحب حظر الرواديد غير البحرينيين على الوظائف من مُدرّسين وأطبّاء ومُهندسين؟ بدل بحرنة المواساة والعزاء الحسيني، أليس الأجدى بحرنة فرص العمل ومُجمل التخصّصات في المملكة؟ ألا ينضُب كلّ هذا الغلّ والحقد تجاه شيعة البحرين؟ ألمْ تنتهِ صلاحيّاته على مدى 12 عامًا من عُمر مِحنة الوطن؟  

الثابتُ الدائم في المشهد البحريني الاضطهاد الديني. لا مكان لمن يريد أن يُشاطر البحرينيين عزاءهم الحسيني والاستفادة من برامجهم المتنوّعة والمكثّفة التي تُقام في عموم مناطق وقرى البحرين خلال شهر محرم.

هو انفصامٌ فاقعٌ للسلطة بين ما ترفعه من شعارات الانفتاح والتعايش السلمي والحوار التي خُصّص لها مركز قائم بحدّ ذاته، وما تُطبّقه في الواقع. ألمْ يحنْ وقت المراجعة ومُلاقاة المكوّن الآخر للخروج من نفق الأزمة؟

إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف