معركة أولي البأس

نقاط على الحروف

٢٥ عامًا على وفاة شيخ المجاهدين الأمير سعيد شعبان
26/06/2023

٢٥ عامًا على وفاة شيخ المجاهدين الأمير سعيد شعبان

الحاج مالك علوش (أبو سمير)

تزامنًا مع الذكرى الأليمة التي ما زلنا نعيش آلامها وآثار غياب صاحبها، نذكر ــ وما ينبغي أن ننسى ــ شخصية الشيخ سعيد رحمه الله، تلك الشخصية التي كانت من أبرز أقطاب الحركة الإسلامية في العالم، شخصية تجاوزت حدود طرابلس بل تجاوزت حدود لبنان إلى حدود العالم العربي والإسلامي، حتى أصبحت عاملاً أساسياً ومؤثراً في كثير من شؤون العالم الإسلامي. وما كانت نشأة حركة التوحيد الإسلامي في ١٩٨٢ إلا حركة تمثل العائلة الصغيرة، أمام ما يحمله الشيخ سعيد من هموم العائلة الكبيرة للحركة الإسلامية على مستوى العالم كله، فكانت هذه الحركة ترجمة لهذه الشخصية الجامعة الشاملة، وفي الوقت نفسه لتثبت أن قوة الوحدة قادرة على التحدي ومواجهة كل المشاريع الهادفة إلى إقصاء الحركة الإسلامية عن مسرح الأحداث والتفاعل فيها حتى كانت في بدايتها تحدياً كبيرًا للاجتياح الإسرائيلي الصهيوني الغاشم الذي اجتاح بيروت ١٩٨٢.

هذا النموذج الحركي العظيم الذي أسسه في طرابلس، والذي شاركه فيه نخبة من الصادقين المخلصين الذين قدموا أرواحهم ودماءهم في سبيل وحدة الأمة وتآلفها، فمنهم من سبقوه استشهاداً (كالدكتور عصمت مراد والشيخ علي مرعب والشيخ خليل عكاوي وكثير من القيادات والشباب المجاهدين...) ومنهم من ينتظر من الذين يعيشون اليوم مفارقة كبيرة بين عزة وكرامة وعنفوان تلك المرحلة، وبين ما تعيشه اليوم مدينة طرابلس وأهلها من الآلام والأوجاع وأسوأ أنواع الهوان.

نعم خلال ٢٥ عاما طرابلس انتقلت إلى أسوأ أحوالها لتصبح الأشد فقراً وحرماناً على ضفاف البحر المتوسط رغم وجود مَن هم من أهلها من أوائل أثرياء العالم ومع ذلك الجوع أبرز العناوين فيها.

نعم خلال ٢٥ عاماً طرابلس أصبحت تحت وطأة كل أنواع الإهمال من جميع الأطراف خاصة من قبل الدولة التي لم تعرف المدينة إلا من خلال النافذة الأمنية، رغم أنه من أهلها رئيس للحكومة ووزراء بحقائب رئيسية، وأما نوابها فحدث ولا حرج لا يعرفونها إلا عند حاجتهم لها في مواسم الانتخابات فيستغلون أهلها ويتخذون من فقرهم سُلَّماً للوصول إلى مآربهم ليعود الإهمال بحقها مرة أخرى. وهكذا دواليك في كل استحقاق موسم انتخابي سُلّم المصالح مؤلف من درجات من لقيمات في أفواه الفقراء. هذا من جهة رجال السياسة وأما من الجهة الاخرى تجاوز بعضهم روحَ وأخلاقَ الإسلام إلى التكفير والتفسيق والتبديع، فضلاً عن الثراء الفاحش على حساب الدعوة فكانوا حجة للخصم على طروحات الدعوة الدينية وسلوكها الأخلاقي، فسقطت دعوانا من مستوى البديل إلى مستوى المرفوض وأصبحنا بذلك فتنة للناس إلا من رحم الله من المخلصين والصادقين وإن كانوا للأسف قلة قليلة، متناسين أن الوحدة بين أطياف الحركة الإسلامية هي التي اخترقت انتخابات ١٩٩٢ النيابية بالشخصيات الإسلامية والعكس صحيح عندما تغيب الوحدة عن العمل في الدعوة لا شك سيكون الفشل سيد الموقف.
هكذا استطاع المنهج الوحدوي للشيخ سعيد رحمه الله أن يصبح آنذاك رقماً صعباً لا مجال لتغافله أو تجاهله على الساحة الطرابلسية التي استطاع أن يكون آخر أعماله فيها نجاحًا باهرًا للائحته البلدية التي واجهت وتحدت أقطاب السياسيين آنذاك في انتخابات البلدية ١٩٩٨.

شيخنا الفاضل بكت عيوننا على فراقك يوم وفاتك ولكن القلوب ما زالت تبكيك دمًا وقهرًا على غياب منهجك الوحدوي الذي نخرته الفرقة والخلافات وحب الذات والمصالح الشخصية التي خيمت على المدينة وعلى العمل الإسلامي، الذي كان يتوجب أن يبقى مثالاً يُحتذى به في استمرار مشروعك الوحدوي.

ومن شح الأمل وكثرة الجراحات فإن الشعوب العربية والإسلامية أصبحت تتمسك بأي بريق يخفف من آلامها حتى أنها لتنظر بتفاؤل إلى التقارب بين الدول العربية والإسلامية فيما بينها وإن كان هذا التقارب ليس على المستوى المطلوب بل فقط لأنه يرفع عنا (مرحلياً) دفع فواتير الخلافات.

أخيراً، ألا يستحق الشيخ سعيد رحمه الله أن يعود الوفاء له ولنهجه عند أحبابه وأصحابه؟

وأفضل ما يكون في الختام قوله تعالى في سورة آل عمران الآية 103 ـ بسم الله الرحمن الرحيم "وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا" صدق الله العظيم

إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف